السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا اللاتينية والصين: تجارة بين عصرين!

1 مايو 2010 21:16
عندما زار الرئيس الصيني، هو جينتاو، أميركا اللاتينية الشهر الماضي، أُلقيت الكثير من الخطب الرسمية التي تشيد بالنمو الكبير لتجارة الصين مع المنطقة؛ غير أن ثمة أسبابا تدعو للقلق بشأن مستقبل العلاقة بين الصين وأميركا اللاتينية. ذلك أنه إذا كانت عمليات الشراء الكبيرة للسلع الأميركية اللاتينية التي تقوم بها الصين تمثل هدية من السماء بالنسبة للمنطقة -حيث ارتفعت التجارة الثنائية من 10 مليارات دولار في عام 2000 إلى 100 مليار دولار في 2008، مما ساعدت المنطقة على الصمود في وجه الأزمة الاقتصادية العالمية... فإن عدداً متزايداً من علماء الاقتصاد يتوقعون أن تنمو المبادلات التجارية بين الجانبين بوتيرة أكثر بطئاً خلال السنوات المقبلة. وشخصياً، فوجئت بالتوقعات الجديدة التي صدرت عن اللجنة الاقتصادية لأميركا اللاتينية والكاريبي التابعة للأمم المتحدة عشية زيارة "هو" إلى البرازيل والشيلي وفنزويلا، الشهر الماضي؛ حيث تُظهر هذه التوقعات أنه إذا كانت التجارة بين الصين وأميركا اللاتينية قد نمت بمعدل سنوي بلغ 30 في المئة خلال العقد الماضي، فإنها من المحتمل أن تنمو بنصف تلك الوتيرة، أي نحو 15 في المئة، بحلول عام 2020. ومن بين الغيوم التي تلوح في الأفق: أولا: أن صادرات أميركا اللاتينية إلى الصين تعتمد على عدد محدود من المواد الخام؛ فسواء تعلق الأمر بحبوب الصويا الأرجنتينية أو البرازيلية، أو نحاس الشيلي والبيرو، أو نفط فنزويلا، فإن العديد من بلدان أميركا اللاتينية تعتمد على منتوج واحد فقط بالنسبة للجزء الأعظم من صادراتها إلى الصين. فماذا سيحدث مثلا في حال عرقل جفاف، أو منافسة خارجية، أو نزاع تجاري، صادرات المنتوج الوحيد هذه؟ والواقع أن قرار الصين مؤخراً تعليق واردات زيت الصويا الأرجنتيني، والتي تناهز قيمتها 200 مليون دولار سنوياً، يمثل تذكيراً بمدى هشاشة بلدان أميركا اللاتينية ما لم تعمد إلى تنويع صادراتها، خاصة وأن الصين تمثل بالنسبة للبرازيل والشيلي، من بين بلدان أخرى، السوق الأول للصادرات. وفي هذا السياق، قال "أوزفالدو روزاليس"، رئيس التجارة الدولية في اللجنة الاقتصادية لأميركا اللاتينية والكاريبي: "إننا نتعامل مع أكبر محرك للاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين (الصين) بصادرات من القرن التاسع عشر. وهو أمر مفيد على المدى القصير، لكنه على المدى المتوسط سيؤدي إلى الاعتماد على بضع سلع أساسية". ثانياً: رغم نفي معظم الحكومات، فإن اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها الصين مؤخراً مع رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" ستضر بصادرات أميركا اللاتينية. والجدير بالذكر هنا أن الاتفاقية دخلت حيز التنفيذ في الأول من يناير، وقد يتم توسيعها حتى تشمل الهند خلال السنوات القليلة المقبلة. ذلك أن بلدان أميركا اللاتينية تتنافس مع "آسيان" بخصوص صادرات الفواكه والخضار والمعادن وأغلب السلع المصنعة. واليوم، ستسمح اتفاقية التجارة الحرة بين الصين و"آسيان" لدول من هذه الأخيرة، مثل فيتنام والفلبين وماليزيا وإندونيسيا، بتصدير سلعها إلى الصين دون تعرفة جمركية، "وذاك أمر سيضر بأميركا اللاتينية والكاريبي"، كما يقول روزاليس. ثالثا: إن عملات أميركا اللاتينية القوية ستجعل من الصعب على بلدان المنطقة التنافس في آسيا؛ ذلك أن قيمة عملات عدد من بلدان المنطقة، ولاسيما البرازيل، ارتفعت بأكثر من 20 في المئة خلال الاثني عشر شهراً الأخيرة، الشيء الذي يجعل منتجاتها أغلى في الأسواق الخارجية. لذلك، يجادل "روزاليس" بأن أميركا اللاتينية في حاجة ماسة إلى اتفاقية اقتصادية واسعة مع الصين من أجل خلق استثمارات صينية، وللمساعدة على بيع السلع المصنعة للصين. والحال أنه في الوقت الراهن، فإن لكل بلد من أميركا اللاتينية اتفاقية تجارة حرة خاصة به مع الصين، الأمر الذي يجعله مفتقراً للقوة التفاوضية التي تتيح له انتزاع تنازلات أكبر. ويقول روزاليس: "إننا في حاجة إلى اتفاقية شراكة استراتيجية إقليمية مع الصين حتى نستطيع تنويع صادراتنا ومواجهة المنافسة المتزايدة من بلدان آسيان... غير أنه إذا لم نتحد ونشكل فريقاً ونتعاون، فإن ذلك لن يحدث". وشخصياً أرى أن فكرة إبرام اتفاقية اقتصادية بين أميركا اللاتينية والصين فكرة عظيمة، وإن كان السؤال الرئيسي هو ما إن كانت البرازيل، التي تمثل عملاق أميركا الجنوبية، ستتعاون بهذا الشأن؛ وذلك لأن البرازيل التي تعد حتى الآن أكبر شريك تجاري للصين في المنطقة والبلد الوحيد الذي زاره "هو" خلال كل جولاته الثلاث في أميركا اللاتينية، قد تشعر بأنها ليست بحاجة إلى أحد في تعاملاتها مع الصين. إن مـا تحتاجـه أميركـا اللاتينيـة أكثر مـن أي شيء آخر هو تنويع صادراتها، مما يضيف قيمـة لموادهـا الخـام ويتيح فرصـة للتجديـد من أجل إنتاج سلـع جديـدة للتصدير؛ وإلا فإن ارتفاع صادرات المنطقة إلى الصين في الآونة الأخيرة لن يكون سوى قصة أخرى من قصص الطفرة ثم الانهيار؛ وستكون المنطقة بذلك قد أضاعـت أكبر فرصهـا الاقتصادية على الإطلاق. أندريس أوبنهيمر صحفي أميركي متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©