السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكريدت كارد «سياسة وفن الصيد» (4)

12 مارس 2012
لا أدري إن كانت هذه سياسة بنك بعينه، أم سياسة البنوك بأسرها، هذه السياسة التي "تمكن" هذه البنوك من العملاء، و"تتمكن" منهم في نفس الوقت. هذه السياسة التي "تقلب" حياة بعض العملاء، و"تنقلب" عليهم في نفس الوقت. هذه السياسة التي تفتح لعملائها أبواب الفرح والسعادة من جهة، وتفتح لهم من الجهة الأخرى أبواب الهم والتعاسة. هذه السياسة التي إن خابت في إصابة بعض العملاء، فهي وبلا أدنى شك لن تخيب في إصابة البعض الآخر والبعض الأكثر من العملاء. هذه السياسة العجيبة، التي تمنحك بسهولة مطلقة كل ما تريد، وتأخذ منك وبنفس السهولة كل ما تريد. هذه السياسة التي تبقي آثارها واضحة وبارزة، على وجوه وجباه من انكوى بنارها، وتبقيهم مشتتين وهائمين في التفكير في كيفية التعامل والتأقلم معها والقبول بها كضيف ثقيل، دخل بيوتهم بكل ترحيب وتسهيل، ولم يعد يرغب في الخروج من جيوبهم ومحافظهم والابتعاد عنها. سياسة بعض البنوك هذه، والتي توظف لتطبيقها وتنفيذها على الوجه الأمثل والأكمل، مئات الموظفين، ومن مختلف الجنسيات... تجعلهم كجيش انتظامي مستعد دوماً للانقضاض والهجوم على العملاء وغير العملاء، تجدهم يتيهون في الأرض بحثاً عن فرائسهم من بني البشر، الذين يصبحون بلا حول ولا قوة، عندما يبدأ موظفو البنوك بالحديث معهم عن محاسن وميزات وخصائص... بطاقاتهم الإئتمانية، والتي تقدر على انتشالهم من مواقعهم الحالية، إلى مواقع جديدة كلياً عليهم، والتي تقدر على توفير متطلباتهم وتحقيق أحلامهم بمجرد توقيعهم على بعض الأوراق، وبدون أن يتحملوا أدنى تعب في قراءة النصوص والمواد التي تأتي بها هذه الأوراق، ويتكفل موظفو البنوك "مشكورين" بملء الخانات وتعبئة الإستمارات، ويقتصر دورك فقط على التوقيع على وثيقة سجنك، والتوقيع على أوراق تعذيبك، والتوقيع على مستندات معاناتك وألمك، والذي تبدأ بمجرد أن يعطي عقلك الإشارة إلى أصابعك لتخط خطوط اسمك وتوقيعك على هذه الأوراق والمستندات والوثائق، التي ستجعل منك إن لم تحسن استخدامها "ولن يحسن البعض الكثير منا ذلك الاستخدام"، الأمير الأسير الذي يبحث عن مفاتيح قضبانه في دوامة لا نهاية فيها من السداد والدفعات والإلتزامات، التي تبدأ بسهولة، ولا يمكن أن تنهيها بنفس هذه السهولة. الكريديت كارد، أصبحت اليوم عماد وأساس نجاح البنوك، وأصبحت اليوم الركيزة الأساسية التي تبني عليها البنوك استراتيجياتها، وخططها المستقبلية، وآمالها العريضة والطويلة والبعيدة، معتمدة في معظمها على ما في جيبي وجيبك، ومافي محفظتي ومحفظتك... وبوسائل مشروعة، غاية في الدقة والحرفية والاحترافية. لا يمكنك ولا يمكنني ولا يمكن لأساتذة الاقتصاد والعملة والمال، أن يجاروا ما تأتيهم به من أساليب وسياسات، جديدة، تتجدد تلقائياً وبشكل يومي لمواجهة أي احتمال بانتباه مستخدميها أو إدراكهم لماهيتها ولكيفية التعامل معها. فتمسي قرير العين وأنت تعتقد أنك تغلبت عليها وتعرفت على أسرارها، وتصبح وكأنك تتعامل معها للمرة الأولى، دون أن تعرف لماذا وكيف زادت الفائدة أو المبلغ المترتب عليك في بطاقتك الإئتمانية. المحرر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©