الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المسرح.. قلب الثقافة الشارقية

المسرح.. قلب الثقافة الشارقية
20 مارس 2014 12:59
تطور المسرح الإماراتي كثيراً في السنوات العشر الأخيرة بفضل الدعم السخي الذي قدمه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. نشط هذا المسرح على كل الصعد، بخاصة في الشارقة، واستقطب خلال فترة وجيزة العديد من المسرحيين العرب والغربيين إلى مناسباته المتنوعة، عروضه وندواته وملتقياته وورش عمله ومنشوراته، وهو يحظى الآن بمكانة متميزة، بفضل تلك الدينامية العالية، ليس في أفقه الخليجي فحسب ولكن في محيطه العربي وفي أنحاء متفرقة من العالم. ثمة العديد من العلامات المميزة في مسار هذا المسرح، حديث التأسيس، هناك تلك اللحظة التاريخية التي انتخبت فيها الهيئة الدولية للمسرح صاحب السمو حاكم الشارقة لإلقاء كلمة اليوم العالمي للمسرح مارس 2007؛ وقتئذ كانت الشارقة قد تحولت إلى مركز إشعاع ثقافي كبير وفي موقع القلب من هذا المركز كان نبض المسرح هو الأوقع أثراً وتأثيراً؛ فلقد بلغ مهرجان «أيام الشارقة المسرحية»، دورته السابعة عشرة وزادت نسبة الفرق المتنافسة على جوائزه كما تزاحمت الجماهير أكثر على قاعات عروضه وثمة الاهتمام الإعلامي والإداري الذي تكاثر على نحو ملفت؛ فباتت شواغل المسرح المؤسساتية والفنية أكثر حضوراً في الصحف والفضائيات وسواها من الوسائط الإعلامية، كما نشطت الفرق المسرحية المحلية عبر منابرها الخاصة أو من خلال المشاركات الخارجية. تجربة مؤسَّسة تجربة الشارقة في الاهتمام المؤسسي بالمسرح تعود إلى مطلع ثمانينات القرن الماضي، أي ليس هو بالأمر الجديد أو الطارئ عليها، بخاصة عبر «دائرة الثقافة والإعلام» التي أقامت وتقيم العديد من المناسبات المسرحية ليس على مستوى دولة الإمارات فحسب بل حتى في بعض العواصم العربية. وترافق كل ذلك بالطبع مع ما تحقق للمسرح من انتشار وذيوع في أنحاء متفرقة من العالم بفضل أسباب عدة، في مقدمها الشبكة الاتصالية الواسعة التي أحدثتها «ثورة الاتصالات» والتي ساعدت العديد من المنظمات والإدارات والهيئات الدولية وخصوصا تلك التي تعتمد المسرح أو تتوسط به في مسائل مثل «العولمة» و«التعددية الثقافية» و«التأصيل» و«فض النزاع» و«ترسيخ السلم الاجتماعي»..، ساعدتها في ترسيخ عملها وإشاعته على نطاق واسع جداً، وبالتالي وجد المسرح اهتماماً أكثر. تابعت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، والتي يرأسها عبد الله العويس ويرأس إدارتها المسرحية أحمد أبو رحيمة، مساهماتها في إحداث المزيد من الأنشطة المسرحية والتي استقطبت المزيد من المسرحيين والرؤى والمناقشات إلى الفضاء الثقافي في الشارقة. إذن، لم يكن مستغربا، مع هذه الحال، أن تستلفت الدينامية المسرحية دوائر ومؤسسات مسرحية عربية وغربية عديدة، ولعل من المناسب في هذا السياق أن نذّكر بحفل التكريم الذي أقامته الهيئة الدولية للمسرح 19 سبتمبر 2011 تقديراً لجهود صاحب السمو حاكم الشارقة المسرحية الفاعلة والمؤثرة في المشهد المسرحي على المستويين العربي والعالمي. وفي هذا التقرير نحاول أن نقف على أبرز ملامح التجربة المسرحية في الشارقة وذلك عبر أربعة محاور: في أولها نتعرف إلى المؤسسات المسرحية ونطاق حركتها أو تأثيرها في المشهد ومن ثم نتطرق إلى المهرجانات «المحلية والعربية»، ولا بد أيضاً من الحديث عن النشر المسرحي ومسابقات التأليف وبرنامج الورش التدريبية وأمور ذات علاقة. دائرة... المسرح منذ تأسيسها مطلع ثمانينات القرن الماضي ظلت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة تسهم بدور كبير في اقتراح وتفعيل الأنشطة الثقافية بل يمكن القول إن جزءاً كبيراً من تاريخ المسرح في الإمارات مجتمعة كتبته دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، سواء عبر المهرجان الذي بات الأعرق في الخليج ـ أيام الشارقة المسرحية ـ أو عبر حصص الدعم والمسابقات والمؤتمرات ووضع الخطط والاستراتيجيات التي تأسس عليها الحراك المسرحي الإماراتي. وبمراجعة سريعة لذاكرة الدائرة في هذا الباب نجد أن النشاط المسرحي تصدر قائمة برامجها، سواء في نوعيته أو في كميته، وذلك طيلة ثلاثة عقود ماضية فهناك نحو أربعة مهرجانات مسرحية محلية تقف على تنظيمها الدائرة وثمة العديد من المسابقات والملتقيات المسرحية دأبت على تنظيمها أو المشاركة في تنشيطها. إلى ذلك، يمكن القول إن معظم المؤسسات المهتمة بالمسرح في الشارقة، ونقصد تلك غير الحكومية، ظهرت بإيحاء من نشاط دائرة الثقافة والإعلام في مجال المسرح، الفرق، جمعية المسرحيين، المراكز المسرحية في مدن المنطقتين الشرقية والوسطى وغير ذلك. عميد المسارح الإماراتية الحديث عن «مسرح الشارقة الوطني» هو حديث عن مسار ثقافي وفني حافل بالعديد من المحطات المهمة في تاريخ الثقافة الإماراتية، فالمسرح الذي تأسس منتصف السبعينات وأشهر في 1978 ظل يرفد المجال بالعديد من الفعاليات والأسماء وهو يعتبر الآن من أعرق مؤسسات المسرح في الإمارات، ولقد قدم منذ تأسيسه المئات من العروض واستضاف خبراء ونظم ورشاً ومؤتمرات وشارك في عشرات المهرجانات كما ظل محافظاً على موقعه المتقدم في قوائم الجوائز والتكريمات في الدولة. وبالنظر إلى سجل هذا المسرح ودوره في اللحظات الفارقة في تاريخ التجربة المسرحية الإماراتية نجد أنه اطلق في أوائل ثمانينات القرن الماضي أول مجلة مسرحية في الدولة بعنوان «الرولة» وهذه المجلة متوقفة الصدور، وتعتبر أعدادها القليلة من الوثائق المهمة حول بدايات المسرح الإماراتي. ويضم مقر المسرح الذي يستقبل بصفة دورية حفلات ولقاءات ودية بين الأعضاء مكتبة مسرحية يمكن للمهتم أن يعثر فيها على نصوص ودراسات وكتب مرجعية إضافة إلى مطويات لعروض ونشرات دورات عدة من مهرجانات شاركت بها الفرقة بخاصة مهرجان أيام الشارقة المسرحية إلى جانب ذلك تحوي مكتبة المسرح العديد من أفلام الفيديو الموثقة للعروض والمناسبات المسرحية. ولعل أبرز ما يميز أداء هذا المسرح حيويته وحضوره الملحوظ في سائر المواسم والمهرجانات المسرحية ولعله يضم الآن أكبر نسبة عضوية قياساً إلى الفرق الأخرى وهو يتميز أيضاً بمشاركاته الخارجية سواء في أوروبا أو الوطن العربي. وقد حقق نجاحات عديدة في هذا الجانب وسجل حضوراً ملفتاً للمسرح الإماراتي في جميع مشاركاته الخارجية. وتبرق العديد من الأسماء في سيرة هذا المسرح ولعل من أبرزها عبد الله المناعي هذا المسرحي المثابر الذي أحدث فرقاً نوعياً في مسيرة المسرح الإماراتي بشكل عام عندما توجه إلى الاشتغال على التراث المحلي عبر حلول وأساليب معاصرة وحمل الأجيال التالية على السير في منهاجه المبدع. ثمة العديد من الفرق المسرحية الأخرى في الشارقة ومدنها تميزت في معظمها بالدينامية وعززت بتجاربه موقع المسرح في المجتمع الإماراتي كما أسهمت في التقدم بهذا الفن إلى لعب أدوار تنويرية ومعرفية خلال عقود عدة، ولا يمكن هنا غفل تجربة «مسرح الشارقة الحديث» وكذلك تجارب مسارح دبا الحصن وكلباء وسواهما من مسارح جرى تأسيسها في وقت باكر وبقيت حاضرة بمساهماتها بخاصة في أيام الشارقة المسرحية. وبالمجمل، بدا مشهد الفرق المسرحية في الشارقة عامراً ومتجددا ولكن تأثر في السنوات الأخيرة بتوجه معظم المسرحيين الفاعلين به إلى دراما التلفزيون فتضاءلت تبعا لذلك نسبة العروض المسرحية المنتجة كما قلّت مستوياتها الفنية أو ظلت تراوح بين القوة والهشاشة. كما أن من بين ما يمكن الإشارة إليه هو غياب الوجوه الجديدة في هذه الفرق غالباً؛ ورغم محاولات بعض الفرق وتوجهها إلى تنظيم ورشات التدريب المسرحي لاستقطاب الوجوه الجديدة إلا أن النتيجة دائما أقلّ من المأمول. والناظر إلى عروض الدورات الأخيرة من أيام الشارقة المسرحية يلحظ تواجداً للأسماء الراسخة أكثر من الوجوه الشابة!. تحتاج هذه الفرق فيما يرى البعض إلى إيجاد صيغة مغايرة في استقطاب الكوادر الجديدة وهو أمر يبدو أن إدارات الفرق في حاجة لأن تخصص له المزيد من الوقت والتفكير لا سيما مع النقص الملحوظ لهذه الوجوه الجديدة. جمعية المسرحيين.. تلاقح أساليب تعتبر جمعية المسرحيين التي استحقت جائزة «الشخصية الثقافية» في جوائز مجلة دبي الثقافية لسنة 2013 من أبرز التكوينات المؤسساتية في مجال المسرح بمنطقة الخليج، ولقد أسهمت منذ تأسيسها قبل عشرين سنة، وبدعم مباشر من صاحب السمو حاكم الشارقة، في تذكية الوضع الاعتباري للفنان المسرحي الإماراتي من خلال جملة من الضوابط والمعايير المستلهمة من نقاشات عضويتها سواء في مؤتمرها العام أو في اللقاءات الدورية التي تنظمها للتفاكر حول قضايا الساحة المسرحية المحلية. وتضم هذه الجمعية في قائمة العضوية أسماء إماراتية وعربية وهو أمر يدل على مرونتها وانفتاحها بالطبع كما يؤشر على أن تجربة هذه المؤسسة هي خلاصة لتلاقحات وتفاعلات مع مناهج وأساليب مسرحية شتى. تتولى هذه الجمعية شأن تنظيم «الموسم المسرحي» وهو نشاط يعقب مهرجان أيام الشارقة المسرحية ويراد له أن يبقي حركية الفرق المسرح حتى لا تقطع مشاريعها عقب انتهاء المهرجان، وكذلك تشرف الجمعية على تنظيم مهرجان الإمارات لمسرح الطفل، وفي وقت سابق كانت تنظم مسابقات في التأليف والنقد ولكنها أوقفت هذه الأنشطة في السنوات لتركز على مجلة فصلية تصدر كل ثلاثة أشهر بعنوان «كواليس» وتغطي بموادها النشاط المسرحي على امتداد الوطن العربي. العربية للمسرح في لوحة المؤسسات المسرحية بالشارقة برزت أخيرا الهيئة العربية للمسرح التي تأسست في أكتوبر 2007، على أن تكون هيئة غير حكومية وغير ربحية تهتم بقضايا المسرح العربي وتواكب مستجداته من خلال مندوبيها في العديد من العواصم العربية. ومنذ تأسيسها سعت هذه الهيئة إلى أن ترتقي بالفعل المسرحي العربي وذلك من خلال الدعم والإرشاد وعبر تنظيم المناسبات المسرحية وعقد الندوات وما إلى ذلك. ويترجم ميلاد هذه الهيئة المنظور العربي الذي يتبناه صاحب السمو حاكم الشارقة في العناية بالمسرح فشغلها هو «استنبات» أو استكمال المشاريع المسرحية في البلاد العربية وتوسيع آفاقها وصقلها وإتاحة أفضل الفرص لشيوعها وذيوعها حتى تصل إلى شريحة أوسع من الجمهور. والمتابع يمكنه أن يلحظ المسحة التحديثية التي أضفاها وجود هذه الهيئة في المشهد المسرحي العربي بخاصة عبر مهرجانها الموسوم «مهرجان المسرح العربي» والذي يحل في النصف الأول من شهر يناير في كل عام متزامناً مع اليوم العربي للمسرح الذي اقترحته الهيئة ذاتها عند تأسيسها وبات تقليداً يعمل به في العديد من المسارح العربية. وخلال مسيرتها قصيرة العمر أفلحت الهيئة في الوصول بهويتها وبرامجها إلى دول مثل المغرب وتونس وجيبوتي وموريتانيا والسودان وسواها، والمستقبل أمامها لتجذير تجربتها أكثر في المجال المسرحي العربي. ولا بد أن نذكر أيضاً أن للهيئة مشروعها الملحوظ في النشر المسرحي إذ تصدر مجلة فصلية بعنوان «المسرح العربي» كما أنها تنشر الكتب والترجمات المسرحية في سلاسل نشرية تمتاز بجودتها وجدتها. ومنذ ثلاث سنوات أشهرت هذه الهيئة جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عرض مسرحي والتي تعتبر من أرفع الجوائز المسرحية العربية التي جاءت لتحفز المسرحيين العرب وتدفعهم إلى ابتكار عروض مسرحية جديدة ومواكبة. المهرجانات لا يمكن الحديث عن المسرح في الشارقة من دون التطرق إلى «المهرجانات» التي تنظمها دائرة الثقافة والإعلام في الغالب الأعم، وهنا يأتي في المقدمة مهرجان «أيام الشارقة المسرحية» الذي انطلق للمرة الأولى في 1984، أي قبل ثلاثين سنة، وقراءة تاريخ هذا المهرجان تبين لك أنه حقا «مدرسة المسرح الإماراتي»، إذ أنه وعبر تعاقب دوراته، ومن خلال عروضه وندواته وبقاعدة ضيوفه العرب كان السبب الأساس في هذه الصورة الزاهية التي يبدو عليها المسرح الإماراتي الآن. ويعتمد المهرجان نظاماً هيكلياً مشجعاً لجميع الفرق المسرحية المحلية، ويلاحظ كثر أن هذا المهرجان ليس فقط كان السبب في استقطاب الوجوه الجديدة بل أيضاً كان له تأُثيره الإيجابي في تأسيس الفرق وحفز المسرحيين، ورغم مطالبات عديدة بتوسيع مساحة المهرجان ليشمل العروض المسرحية العربية إلا أنه بقي كما هو. واستجابة للدعوة نحو مهرجان إماراتي للفرق المسرحية اقترحت الهيئة العربية للمسرح مهرجان المسرح العربي منذ ست سنوات وهو يلعب الآن دوراً تكاملياً مع أيام الشارقة المسرحية. إلى ذلك، ثمة مهرجان الإمارات لمسرح الطفل الذي تنظمه جمعية المسرحيين منذ تسع سنوات، وهناك أيضاً مهرجان المسرح المدرسي الذي تنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام كما تنظم مهرجان الشارقة المسرحيات القصيرة منذ ثلاث سنوات وكرنفال خورفكان المسرحي، وفي أفق المهرجانات هناك مهرجان المسرح الجامعي. إن هذه المهرجانات توشك أن تغطي سائر فصول السنة ـ عدا الصيف ـ وهي تستهدف الكبار والصغار والطلاب، وسنويا تنشط منذ تأسيسها بلا توقف وتسهم ليس فقط في إثراء خشبة المسرح بالمهارات الجديدة ولكنها أيضاً تشيع الوعي والثقافة وسط الناس، والملاحظ أيضاً أن هناك زيادة ملحوظة في نسبة الجمهور المهتم بالمسرح وهو أمر يمكن تتبعه خصوصا في مهرجان أيام الشارقة المسرحية. الجوائز المسرحية باستثناء الجوائز التي تصاحب المهرجانات، أطلقت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة العديد من الجوائز خلال السنوات الماضية ولعل في مقدمها «جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي» والتي تمنح لأحد الفنانين العرب وتشترط أن يكون حياً في قطع مع التقليد السائد: «تكريم المبدع بعد وفاته»، وقد منحت هذه الجائزة من تأسيسها لثلة من المسرحيين العرب الذين اثروا حياتنا بعروضهم أو تنظيراتهم. وتخصص «جائزة الشارقة للإبداع العربي ـ الإصدار الأول» قسما منها للمسرح وهو يعرفنا سنويا بكاتب جديد. وفي سياق الجوائز هناك أيضاً جائزة التأليف المحلي وهي تمنح للكتاب الإماراتيين وتستكمل جائزة الإصدار الأول.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©