السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسباب عدم شعبية كلينتون

17 أكتوبر 2016 10:03
أفهم الأسباب التي تجعل دونالد ترامب لا يحظى بشعبية. فقد اكتسب عدم شعبيته بطريقة مفهومة، من خلال كونه بغيضاً ومهيناً ومسيئاً للآخرين. ولكن ما السبب في كون هيلاري كلينتون لا تحظى أيضاً بشعبية بذات القدر؟ بل إنها، في هذه اللحظة، لا تحظى بشعبية كما هو الحال تماماً مع ترامب. وفي استطلاعات الرأي الثلاثة الكبرى الأخيرة التي أجريت على مستوى أميركا، حصلت كلينتون على تصنيفات غير مواتية بنفس هامش ترامب. وفي الاستطلاع الذي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «إيه بي سي نيوز»، بلغت نسبة عدم قبول كل منهما 57 في المئة. وفي الاستطلاع الذي أجرته «نيويورك تايمز» وشبكة «سي بي إس»، قال 60 في المئة من المشاركين إن كلينتون لا تشاركهم قيمهم. وقال 64 في المئة، إنها ليست صادقة أو جديرة بالثقة. وقد تراجعت شعبية كلينتون تماماً إلى المستوى الذي وصل إليه ترامب إلى درجة أنها الآن قريبة منه إحصائياً في نفس استطلاعات الرأي الخاصة بالسباق الرئاسي. وهناك مفارقتان تتناقضان مع عدم شعبيتها الآن. أولًا، أنها كانت تحظى بشعبية مرتفعة منذ وقت ليس ببعيد. فعندما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية، كانت نسبة تأييدها 66%. وحتى شهر مارس 2015، كانت نسبة تأييدها تبلغ 50% وعدم شعبيتها 39%. ولكن منذ أطلقت حملة دعاية بملايين من الدولارات للتأثير على الشعب الأميركي، جعلت نفسها مكروهة بشدة. أما المفارقة الثانية، سواء اتفقتم معها أم لا، فهي أنها كانت قد كرست نفسها للخدمة العامة، عبر سيرتها المديدة ابتداءً من كونها مدافعة عن الأطفال إلى عضوة بمجلس الشيوخ، وقد ظلت تواصل تصديها للشأن العام بلا كلل. ولذا فإن السؤال لا يتعلق الآن بماذا الذي يفسر عدم شعبيتها، ولكن بكيفية حدوث ذلك، وما الطريقة التي فعلت بها إليه. ولكن ما الذي يجعل بالضبط الكثير من الناس ضدها الآن؟ أود أن أقدم تفسيري في هذا السؤال: هل يمكنكم إخباري بما تفعله هيلاري كلينتون للتسلية؟ إننا نعلم ما يفعله أوباما من أجل التسلية -يمارس رياضة الجولف وكرة السلة وغيرهما. ونعلم أيضاً، للأسف، ما يفعله ترامب من أجل التسلية. ولكن عندما يتحدث الناس عن كلينتون، فهم يميلون إلى الحديث عنها حصرياً من الناحية المهنية. فعلى سبيل المثال، في 16 نوفمبر، أجرى «بيتر هارت» مجموعة بحوث حول كلينتون. وتقريباً، كان كل تقييم يتعلق بأدائها في العمل. لقد كانت «متعددة المهام» أو «منظمة» أو «خادعة». إن وظيفة كلينتون تبدو، من الخارج، وكأنها مستنفدة. فزوجها هو شريكها السياسي. وابنتها تعمل في مؤسسة كلينتون. وتبدو صداقاتها وكأنها قد تكونت في تجمعات مخصصة للناجحين للغاية. والناس الذين يعملون بشكل وثيق معها يحبونها ويقولون إنها مرهفة المشاعر ومهتمة. ولكن من الصعب أن تفكر في أي جانب غير مهني، وما قبل المهني في حياتها. وباستثناء بعض الإشارات إليها كجدة، فهي تقدم نفسها في إطار عملها السياسي حصراً، بعيداً عن أبعاد حياتها اليومية الإنسانية الأخرى. وعلى سبيل المثال، فقد أصدرت حملتها مؤخراً شريط فيديو يستعرض سيرتها الذاتية بعنوان «المقاتلة». وهو مملوء بصور فوتوغرافية قديمة لكفاحها من أجل قضايا مختلفة. ولكن عندما يستعرض الفيديو مقابلة حالية مع كلينتون ذاتها، تكون الإضاءة جيدة والإعداد مثالياً، وزيها على ما يرام. إنها تبدو وكأنها تشخيص لعلامة تجارية لشركة ما. إن عدم شعبية كلينتون هو عدم شعبية إنسان مخلص لعمله. فالإخلاص في العمل هو شكل من أشكال النفور الذاتي العاطفي. وعادة ما يكون المخلصون لعملهم مستنفدين من قبل أنشطتهم المهنية إلى درجة أن مشاعرهم قد لا تنم عن معظم جوانب شخصيتهم الأخرى. ويأتي الدور المهني ليسيطر على الشخصية ويتوغل في شغاف لنفس. وكما قال «مارتن لويد جونز» ذات مرة، فإن جميع المقابر يمكن أن تملأ بشواهد تحمل عبارة «ولد رجلًا ومات طبيباً». على الأقل في شخصيتها العامة، تظهر كلينتون مشاعرها المهنية: مثابرة في العمل، وذات قرارات مدروسة وموجهة لهدفها، ولا تثق بأحد غير ذاتها. ومن الصعب من الخارج أن تشعر بها كشخص، إنها دور، إن صح التعبير. وهذه الشخصية الرسمية الموجهة للعمل تضعها في تناقض مباشر مع أعراف عصر وسائل التواصل الاجتماعي، التي تتسم بالحميمية والشخصنة والمكاشفة والثقة والضعف. وتضعها أيضاً في تناقض مع تجارب الناس العاديين التلقائيين. فمعظم الأميركيين يشعرون بأنهم أكثر حيوية خارج مواقع العمل منهم داخلها. ولذلك، فإنها بالطبع قد تبدو لكثيرين شخصية مكيافيلية وماكرة وموجهة للسلطة وغير جديرة بالثقة. وهناك درس أكبر هنا، لا سيما بالنسبة للناس الذين وجدوا مهنة وعملًا يشعرون بأنه مجز. وحتى المهنة الجيدة اجتماعياً يمكنها أن تبتلعك وتجعلك تفقد شعورك بنفسك. ومن المهم للغاية بالنسبة للناس الذين لديهم عمل مجز أن يكون لهم اهتمامات خارج العمل: في اللعب والعزلة والأسرة والثقافة والهوايات والترفيه. * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©