السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كلمة».. إبداع السنوات العشر

«كلمة».. إبداع السنوات العشر
26 ابريل 2017 19:51
بالتزامن مع الدورة الـ27 لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب 2017، يحتفي مشروع «كلمة» للترجمة في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة بمرور عشر سنوات على انطلاقته، أنجز خلالها نحو 1000 كتاب في شتى مجالات المعرفة، وتمت ترجمتها عن أكثر من 13 لغة. انطلق مشروع «كلمة» للترجمة في قطاع دار الكتب بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في عام 2007 برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بهدف إحياء حركة الترجمة في العالم العربي، ومد جسور التواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب، ليشكل جسراً للحوار والانفتاح والتسامح الإنساني. ومن منطلق هذه الأهداف السامية والنبيلة يسعى مشروع «كلمة» إلى ترسيخ قواعد العمل الجاد، وتعزيز حركة الترجمة إلى العربية، من مختلف اللغات العالمية الحية، بهدف تقديم خيارات واسعة من القراءة أمام القارئ العربي، وتعويض النقص الكبير التي تعاني منه المكتبة العربية في مجالات المعرفة كافة. الحاجة والأسباب برزت الحاجة إلى مشروع «كلمة» في معرض أبوظبي الدولي للكتاب عام 2007، عندما لوحظ قلة الكتب المترجمة إلى اللغة العربية، وانخفاض مستوى المتوافر منها، والتركيز على الكتب التجارية بدلاً من الكتب المعرفية المفيدة، وبقليل من البحث وبالرجوع إلى بعض التقارير الدولية مثل تقرير التنمية البشرية الصادر عن اليونيسكو سنة 2003، وجد أن ما ترجم إلى اللغة العربية منذ عصر الخليفة المأمون إلى سنة 2003 لا يزيد على 10000 كتاب، أي ما تترجمه إسبانيا في سنة واحدة، وأقل من خمس ما تترجمه اليونان للغة اليونانية، وأن اليابان تترجم 50 مرة ضعف ما تترجمه الدول العربية مجتمعة. ويمكن استعراض أهم الأسباب التي دعت إلى إطلاق هذا المشروع في نقاط عدة هي: تحقيق رؤية أبوظبي في تأسيس نهضة علمية ثقافية عربية تشمل مختلف فروع المعرفة البشرية يمثل الكتاب فيها حجر الزاوية والمرتكز. كما أن الأقطار العربية تحتاج لعملية ترجمة مؤسسية وممنهجة تكشف عن مجالات الفقر في المعرفة بالعربية، وتساهم في سد العجز المؤسسي الذي يعاني منه قطاع الترجمة في الوطن العربي. أيضاً واقع اللغة العربية بوصفها عنصراً أساسياً في عملية الترجمة، إذ تستحق اللغة العربية المزيد من الاهتمام والتقدير، نظراً لمعجمها الزاخر وتراثها الضخم وكثرة المتحدثين بها عالمياً، فهم متلهفون لقراءة أكبر مجموعة من المؤلفات العالمية البارزة بلغتهم الأم، بالإضافة إلى أنه يوجد أكثر من 350 مليون مواطن عربي في العالم، ولكن لا يتوافر لهذا العدد الضخم سوى عدد قليل جداً من الكتب الأجنبية المترجمة، وتُضاف إلى هذه المشكلة الجودة المتفاوتة للإنتاج وسوء التوزيع والقرصنة، الأمر الذي أدى إلى تضاؤل الاهتمام بالكتب وإلى تقلص البنية المعرفية المتوافرة للقارئ العربي. ومن الأسباب كذلك، ندرة الكتب العلمية والمعرفية، ما أدى إلى تصاعد كم المعلومات في العالم الغربي مقابل انخفاضه في العالم العربي، وتشير التقارير الدولية إلى أن الدول العربية أنتجت 6500 كتاب في عام 1991، في حين أنتجت الولايات المتحدة 205 آلاف كتاب، أما أميركا اللاتينية والكاريبي فأنتجت 42 ألف كتاب، وتفتقر المكتبة العربية إلى كتب مترجمة من بعض اللغات مثل الإيطالية واللغات الآسيوية بشكل عام لأن التركيز انصب على الترجمة عن اللغتين الإنجليزية والفرنسية. وأيضاً تراجع مستوى الإنجاز في مجال البحث العلمي بسبب انخفاض نسبة الكتب المترجمة في مجالات المعارف والعلوم. وازدياد الصراع في العالم بسبب تباعد الأفكار والقيم والحاجة إلى تفعيل الحوار بين أتباع الحضارات والأديان والثقافات. وتراجع نسبة المطالعة والقراءة في اللغة العربية في السنوات الأخيرة بسبب النقص الشديد في الكتب الناطقة بالعربية في مجمل المجالات، خاصة المجالات العلمية والبحثية والعلوم الإنسانية. أهداف المشروع يهدف مشروع «كلمة» إلى تحقيق أهداف رئيسة عدة، منها: ترجمة أبرز الكتب العالمية من شتى مجالات المعرفة، نحو 100 كتاب في العام. تحقيق قدر كبير من الفهم والتواصل الإنساني بين الشعوب لترسيخ ثقافة السلام والتناغم وفهم الآخر. مساندة الكتاب المترجم في العالم العربي والترويج له عالمياً. التنمية والمحافظة والتطوير لرأس المال البشري من خلال الاستثمار في الترجمة باعتبارها مهنة قائمة بذاتها لتشجيع المترجمين وزيادة عدد الأكفاء منهم. توفير الدعم المؤسسي للمترجمين العرب وتشجيعهم على ترجمة المزيد من الكتب، وتوثيق أسمائهم من خلال قاعدة بيانات تضم أسماءهم وتخصصاتهم وخبراتهم في الترجمة. التشجيع على القراءة باللغة العربية ورفد حركة البحث العلمي في العالم العربي. دعم حقوق الملكية الفكرية من خلال الحصول على حقوق الترجمة للعناوين الصادرة حديثاً. أهم الإنجازات خلال عشر سنوات، حقق مشروع «كلمة» إنجازات مهمة، وحصد عدداً من الجوائز التي تؤكد دورها البارز في إحياء حركة الترجمة إلى العربية، ويمكن رصد هذه الإنجازات في: ترجمة نحو 1000 كتاب في شتى مجالات المعرفة. الحصول على ثقة الناشرين العالميين وإبرام اتفاقيات تعاون مع أكثر من 50 دار نشر أجنبية. تأسيس جملة من اتفاقيات التعاون مع عدد من الجامعات والمؤسسات العالمية في هولندا وإيطاليا وألمانيا والهند وسويسرا وكوريا واليابان وفرنسا وتبادل الزيارات مع مراكز الترجمة في كوريا واليابان. الانفتاح على اللغات، من خلال الترجمة عن أكثر من (13) لغة في مجمل التخصصات تشمل: المعارف العامة والفلسفة وعلم النفس والديانات والعلوم الاجتماعية واللغات والعلوم الطبيعية والدقيقة والتطبيقية والأدب والتاريخ والجغرافيا، وكتب السيرة وكتب الأطفال والناشئة. تأسيس قاعدة بيانات للمترجمين في العالم العربي تضم أكثر من 600 اسم. الفوز بجائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة عام في الترجمة في العام 2011 والتي تعد من أرفع الجوائز في الترجمة. الحصول على جائزة أفضل دار نشر محلية عام 2012 مع دار الكتب خلال معرض الشارقة للكتاب. الفوزُ بجائزةِ أفضلَ مؤسسةٍ تدعمُ نشرَ كتبِ الأطفالِ ضمنَ مبادرةِ أوائلَ الإمارات عام 2016. فوز عدد من ترجمات المشروع بجوائز مرموقة، وذلك على النحو التالي: جائزة العويس للابتكارات والتقدم العلمي عام 2012 عن كتاب «رنين الثريا». جائزة الترجمة من جامعة فيلادلفيا في الأردن عام 2011 عن كتاب كتاب «مذاق الزعتر. جائزة ابن خلدون سنغور للترجمة في العلوم الإنسانية التي تنظمها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو» والمنظمة الدولية للفرنكوفونية 2014 عن كتاب «النهج...إنسانية البشرية:الهوية البشرية». جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب «عن فرع الثقافة»، 2016 عن كتاب «أشكال لانهائية غاية في الجمال: علم الإيفوديفو الجديد وصناعة مملكة الحيوان». إطلاق مؤتمر الترجمة في العام 2012 وتنظيمه سنوياً تزامناً مع معرض أبوظبي الدولي للكتاب بهدف مناقشة القضايا المتعلقة بالترجمة وتدريب المترجمين على التعامل مع التحديات التي تواجههم في الترجمة من خلال تنظيم ورشات عمل متخصصة. نشر سلسلة إصدارات صوتية بأسطوانات مدمجة لمجموعة حكايات من ثقافات الشعوب، تجمع تراث الحكايات والأساطير والخرافات الشعبية. كلمات عن «كلمة» يحضر مشروع «كلمة» حضوراً بارزاً على خريطة الثقافة العربية، وتعد إصداراته بوابة وسيعة على إبداعات العقل الإنساني في مختلف اللغات، وفي شهادات المترجمين تتجلى هذه القيمة الاستثنائية للمشروع، يقول محمد عصفور، مترجم وأكاديمي أردني: «قصَّةُ مشروع كلمة قصَّة نجاحٍ مطَّرد بُني على تصميمٍ متَّصل، وقام على رسالة بعيدة النظر، مؤدّاها أن الثقافات تتَّصل وتتكامل، وأن ما لدى الآخر من فكرٍ وعلمٍ وأدبٍ يكمِّل ما لديَّ من فكرٍ وعلمٍ وأدبٍ، وأنني غير مُكتَفٍ بذاتي، لأنني لا أعيشُ داخل أسوارٍ تحيطها أسوار. فالأسوار تَخَطَّتها الإلكترونات. والأسوار الباقية هي أسوار اللغات، ولذا فإننا نلجأ إلى تلك الطائفة من المغامرين الذين أتقنوا لغةً أو أكثر من اللغات الأخرى ويجيدون الترجمة، أي الشرح، أي الإفهام. ولذلك اعتمد مشروع «كلمة» على حشدٍ من هؤلاء المغامرين في بحار اللغات، وشجَّعهم على نقل ما لدى الآخرين من فكرٍ وعلمٍ وأدب». يقول د. نبيل الحفار، ناقد مسرحي ومترجم: «أشعر في واقع الأمر باعتزاز وامتنان في آن واحد للتعاون الوثيق، الذي قام بين مشروع «كلمة» وبيني كمترجم ومراجع، والذي استمر على مدى سنوات عدة، أثمرت خمسة كتب لاقت أصداء طيبة على امتداد البلدان العربية، بفضل جودة التوزيع والمشاركة في أهم معارض الكتب التي تقام دورياً في بعض العواصم العربية. ولقد لفتت نظري في «كلمة» السياسة الثقافية المنفتحة على فروع المعرفة كافة من علوم وآداب وفنون، من جميع اللغات مباشرة، سوى بعض الاستثناءات عن طريق لغات وسيطة. وقد أسهم هذا في تنشيط حركة الترجمة إلى العربية على نحو لافت، لاسيما أن المشروع يكافئ المترجمين والمراجعين بسخاء لا مثيل له في أي بلد عربي آخر». المؤلف الآخر الناقد والمترجم الأردني فخري صالح، يرى أن «علاقة المترجم بالنص الذي يترجمه لا تتأوَّج إلا في حالات خاصة يكون فيها للمترجم المتميز بصمتُه التي لا تخطئها العين. ولحسن الحظ، فإننا في الثقافة العربية يمكن أن نعدَّ على أصابع اليد الواحدة، أو قد يكون على أصابع اليدين معاً، عدد من المترجمين الذين ارتبطت أسماؤهم بنقل آثار كتّاب عالميين كبار إلى لغة العرب، فلا يذكر اسم الكاتب العالمي إلا ويحضر في الذهن معه اسم المترجم العربي الذي كرَّس حياته كلها، أو معظمها، لنقل آثاره وجعلِه في متناول القراء العرب. هكذا ارتبط اسم حسن عثمان بـ«الكوميديا الإلهية» لدانتي، ود. سامي الدروبي بفيودور دوستويفسكي، ود. إحسان عباس بـ«موبي ديك» لهيرمان ملفيل، وجبرا إبراهيم جبرا بتراجيديات وليم شكسبير وسونيتاته، وصالح علماني بروايات غابرييل غارسيا ماركيز، وجهاد كاظم بإنجاز جاك دريدا الفلسفي والنقدي، حتى صار المترجم دالاً على المؤلف الذي ترجمت أعماله إلى اللغة العربية، ملتصقاً به وكأنه قرينه». ويؤكد صالح: «عطفاً على هذا الكلام، ينبغي أن نتذكر دور المؤسسات التي تعنى بالترجمة في العالم العربي، وعلى رأسها مشروع «كلمة» الذي أخذ على عاتقه أن يكون جسراً بين القارئ العربي وثقافات عديدة، وأنواع من الفكر والثقافة والإبداع آتية من لغات وثقافات متباعدة، لتصبح جزءاً لا يتجزأ من الثقافة العربية. فلولا «كلمة» ما كان لهذه الأعمال الفكرية والإبداعية والمعرفية أن تأخذ طريقها إلى عقل القارئ العربي ووجدانه ومخيلته. إن دور«كلمة» يوازي، في الاهتمام والمواظبة والمحبة والإتقان والألمعية، ما تقوم به كوكبة المترجمين العاملين معها من عمل دؤوب. فهنيئاً للعالم العربي بـ«كلمة» منارةِ الاهتمام بالترجمة والتواصل مع الثقافات الأخرى، في شمال الكرة وجنوبها، شرقها وغربها». التفاعل مع الفكر العالمي يقول عزالدين عناية، أستاذ جامعي تونسي يدرّس في جامعة روما: «ما يميز «مشروع كلمة» للترجمة في استراتيجيته المعرفية العامة سعيه لجعل القارئ العربي مواكباً للإنتاجات العالمية الحديثة والمعاصرة، فضلاً عن اهتمامات المشروع بنقل الأعمال الكلاسيكية العالمية لتكون بحوزة القارئ العربي يسيرة ومتاحة لديه. ويتجلى ذلك بالخصوص مع اللغة الإيطالية، فقد كانت هذه اللغة، على إغرائها وقرب موطنها من بلاد العرب، تعاني إهمالاً وتفويتاً. «مشروع كلمة» كسر تلك القاعدة وألغى ذلك التقليد. والأبرز في عمل «كلمة»، وعلى مدى سنوات قليلة لا تتعدى العقد، أنه أنتج ما لم تنتجه أقسام الدراسات الإيطالية في جامعات عربية عدة، من حيث ترجمة الأعمال الإيطالية ونقلها إلى اللسان العربي. من أين جاءت هذه الحيوية وهذا الإصرار؟ والجواب إن «مشروع كلمة» ليس جهازاً بيروقراطياً ولا برجاً عاجياً يسكنه المتعالون عن هموم الناس الثقافية والمعرفية، بل خلية نشيطة تؤمن بالعمل الثقافي وتواكب ما يشدّ الناس». من ناحيته، يقول رضوان السيد، كاتب ومفكر لبناني: «عرفت العقود الأخيرة مبادراتٍ عدة للترجمة إلى العربية. ومن ذلك مبادرة المجلس الأعلى للثقافة، والمركز القومي للترجمة بمصر، والمنظمة العربية للترجمة، والترجمات المتميزة التي قامت بها بعض دور النشر والبحوث مثل دار الكتاب الجديد المتحدة، والشبكة العربية، والمركز العربي. ومن بين هذه المبادرات برز مشروع «كلمة» الذي نهض نهوضاً كبيراً خلال عقدٍ واحد. وأُولى ميزات مشروع كلمة: الشمول والتنوع. فقد اهتمّ المشروع بسائر الموضوعات مثل التاريخ القديم والحديث، والجغرافيا، وبيوغرافيا البلدان والمدن، وفلسفة القانون وعلوم السياسة، والفنون والآداب، وكتب الأطفال، والكتب الاقتصادية، والفلسفة، وكتب العلوم الحديثة. أمّا الميزة الثانية فهي الاهتمام باختيار المترجمين، وإشراك أساتذة متخصصين لترجمة كتبٍ معينة. وفي اختيار المترجمين مشقةٌ كبرى، لأنّ دور النشر بل والجهات المتطلعة إلى الترجمة الكثيفة، خاصة الكتب السياسية بحثت عن أمرين: ترجمة الكتب السائرة في موضوعاتٍ عارضة قصد الرواج والسهولة، واستقصاء الرُخص. أما كلمة، فإنّ القائمين على المشروع، فضلاً عن حُسْن اختيار الموضوع والكتاب، لجأوا إلى المترجمين المتقنين، وأهل الاختصاص في موضوع الكتاب المترجَم. وإلى ذلك فإنهم حتى لو كان المترجم متخصصاً، فقد كوَّنوا جهازاً محترفاً للتحرير، يعرف اللغة المترجَم منها من جهة، وعالي الإتقان في اللغة العربية. والميزة الثالثة: تقصُّد الطليعية والريادة، سواء بترجمة الكلاسيكيات التأسيسية في الفلسفة والتاريخ والآداب وبيوغرافيا الشخصيات والبلدان، أو ترجمة النصوص التي صنع مؤلّفوها تحولاً في مجالٍ أو مجالاتٍ في الثقافة المعاصرة. والميزة الرابعة: الترجمة من سائر اللغات الحية، خاصة تلك اللغات التي لم تكثر الترجمة عنها إلى العربية مثل الألمانية والإسبانية والإيطالية والروسية والصينية واليابانية. والميزة الخامسة: أنه رغم كثافة النصوص المترجمة؛ فإنّ مشروع كلمة ظلَّ حريصاً على إبقاء خطوط المشروع واضحةً أمام القارئ، بإصدار نشرات مساعدة تعرض بإيجاز وبشكلٍ جذاب، وفي صورة مجلة دورية للمنشور حديثاً. وهذا نشاطٌ ضاهى أحياناً سلاسل «مراجعات الكتب» التي تصدرها دور نشر عالمية». ويختم رضوان السيد بقوله: «من خلال ملاحظة هذه الميزات، يتبين أنّ مشروع كلمة هَدَفَ إلى تكوين ثقافة عامة وعالمية لدى القارئ العربي المثقف، ولكنْ غير المتخصص في شتى المجالات التي صنعت الثقافة العالمية الحديثة والمعاصرة. وهذا هدفٌ طموحٌ وطَموحٌ جداً يُضاهي في مقاصده وعمله بعض التوجهات النهضوية الكبرى في الثقافة العالمية». مؤسسة ترجمة ضخمة جان دوست، روائي ومترجم كردي، يقول: «حقق مشروع كلمة منذ انطلاقته قبل عشر سنوات من الآن ما عجزت عنه مؤسسات ترجمية ضخمة في العالم العربي. وسرعان ما أصبح هذا المشروع محل استقطاب المترجمين كافة. وقد كانت استراتيجية كلمة منذ البداية أن تجعل النتاج الأجنبي متاحاً للقارئ العربي أينما كان بفضل مترجمين أكفاء اختارتهم هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وعملت بحرفية عالية. وكان من المثقفين أن يستحضروا في ذهنهم حركة النهضة الأولى في العصر العباسي الذهبي، حيث دأب المترجمون على نقل أمهات الكتب من اليونانية والفارسية والسريانية والعبرية إلى اللغة العربية بتشجيع ودعم من الخلفاء المثقفين، ما دفع الثقافة العربية دفعاً قوياً إلى الأمام». ويضيف «دوست»: «لقد كان لي شرف الاشتراك والمساهمة في مشروع كلمة، فقمت بترجمة ثلاث روايات من الكردية إلى العربية هي ميرنامه الأمير والشاعر، مارتين السعيد، ومتاهة الجن، بالإضافة إلى كتاب عن عادات الأكراد وتقاليدهم، وقد لقيت هذه الكتب حفاوة من قبل النقاد والقراء العرب على حد سواء. ويبقى أن نقول إن الحاجز الذي يحول بين كثير من القراء وبين نتاجات مشروع كلمة، هو سعر الكتب التي يصدرها المشروع. فالأسعار مقارنة بأسعار دور النشر الأخرى مرتفعة جداً، ولا تناسب جمهور القراء في العالم العربي، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى الطبعات الفاخرة لكتب المشروع. لذلك فقد تمت قرصنة كثير من كتب كلمة ووضعت بصيغة البي دي إف على صفحات الإنترنت. أتمنى من القائمين على مشروع كلمة أن يلتفتوا إلى هذه النقطة المهمة والضرورية لتسويق الكتاب، وأرجو لهذا المشروع الرائد كل التقدم والازدهار والاستمرارية». خطى التقاليد العريقة يقول باولو سانتانجيلو، أستاذ الحضارة الصينية بجامعة روما: «أتيحت لي فرصة التعرف إلى أنشطة مشروع كلمة منذ ثلاث سنوات خلت، حين حادثني أستاذ الحضارة العربية بجامعة «روما لاسابيينسا» الدكتور عزالدين عناية عن مساعٍ لترجمة كتابي عن الصين «إمبراطورية التفويض السماوي» إلى العربية. فالمؤسسة الموجودة بأبوظبي، تحوم انشغالاتها حول عرض جملة من الإنتاجات الثقافية للحضارات العالمية باللغة العربية، سائرة على خطى تقاليد الترجمة العريقة التي شهدها العالم في التاريخ السابق، وهي الحقبة التي شهدت ترجمة أهم المؤلفات الطبية والفلسفية والفنية من الإغريقية إلى العربية. وفي سياق هذا الاهتمام، يأتي الانشغال بترجمة الأعمال الإيطالية من مختلف الأجناس. إنه لمن عظيم الشرف أن يُعرض كتابي للقراء العرب ويُقرأ بالعربية، أعرف وعلى سبيل المثال أن «مشروع كلمة» قد ترجم كذلك عملاً على غاية من الأهمية لجون غانم وهو بعنوان: «الاستشراق والقرون الوسطى». علاوة على ذلك بقيتُ مندهشاً أمام تنوع المحاور التي يشتغل عليها المشروع وثراء المواضيع المتطرَّق إليها وتنوع الكتابات المترجمة، وهو مؤشر يوحي ببعد نظر لدى الساهرين على هذه المؤسسة». كسر حاجز اللغة يقول إنزو باتشي، كاتب إيطالي: «يقوم مشروع «كلمة» للترجمة بدور في غاية الأهمية لا غنى عنه، من حيث نشر المعارف وإشاعتها بين العالمين الثقافيين العربي والأوروبي. وضمن ظروف التاريخ الشائكة، ولا سيما في عصرنا الراهن، تمثّل فرص اللقاء والتبادل الثقافي، ومشاريع البحث المشتركة، مساهمةً فعّالة في التفاهم بين الثقافات، وفي تخطي الأحكام المسبَقة التي باتت طاغية في عالمنا المعاصر. عمل الترجمة، ولا سيما إلى العربية، هو في منتهى الأهمية بالنسبة إلى الأعمال المؤلفة باللغة الإيطالية. وإن تكن اللغة الإيطالية لغة رائقة، فإنها شائعة على نطاق ضيق، وتبدو مسحوقة جراء هيمنة اللغة الإنجليزية من جانب واللغة الفرنسية من جانب آخر. ترجمة بعض أعمالي إلى العربية من قبل «مشروع كلمة»، يسّر لي التواصل مع الدارسين العرب، لا سيما من الأجيال الجديدة، وهو ما لم يتسنَّ لي في مراحل سابقة جراء حاجز اللغة. بخلاصة يساهم مشروع كلمة في مدّ جسور التواصل بين مختلف الثقافات». يقول مصطفى السليمان، منسق مشروع كلمة للغة الألمانية ومترجم: «يحق لمشروع كلمة أبوظبي أن يحتفي وبجدارة بمرور عشر سنوات على تأسيسه. والاحتفال وإنْ كان حق للجميع، فهو نابع بالنسبة لمشروع كلمة من مضمون هذا المشروع والفكرة التي ولد من أجلها وما أنجزه خلال فترة وجيزة من الزمن. مشروع بدأ بثلة مميزة، أخص بالذكر منها المدير السابق الدكتور علي بن تميم، والتي دامت مثابرة على العمل خلال الأعوام العشرة الماضية وما زالت. إن مشروع كلمة أبوظبي تنويري بالدرجة الأولى. فهو يقدم لقارئ اللغة العربية ثقافات الشعوب الأخرى، مانحاً إياه فرصة الاطلاع والدراسة والحوار والاعتراف بالآخر وتطوير الذات لغة ومعرفة وثقافة من خلال نافذة الكتاب المترجم. وهو بذلك يحارب التجهيل ورفض الآخر ويمنح الحياة قيمة أكبر وأفقاً أوسع. ولم يقتصر على مجال أدبي معين، بل شمل أدب الأطفال والناشئة والرواية والشعر والفلسفة والتاريخ وأدب الرحالة، وغيرها من المجالات، وهذا ما يجعله أكثر تميزاً». تقول د. بيترا هارد، دار النشر الألمانية سور كامب: «لمشروع كلمة أهمية تاريخية بالنسبة للأدب الألماني المعاصر، لا تقل أهمية عن العلاقة التي نشأت بين دار غاليمار الفرنسية للنشر ودار سوركامب الألمانية في القرن الماضي، ويمكن مقارنتها بذلك. وفي ظل زمن الأزمات السياسية، يضع مشروع كلمة أبوظبي كل ثقله على الأدب النوعي، ويقدم الدعم الهائل للترجمة الأدبية بين الثقافتين الألمانية والعربية. وبهذا يخدم مشروع كلمة أبوظبي التفاهم بين الشعوب والأديان، ويقدم نموذجاً يحتذى لكل المنطقة العربية. إن دار النشر سوركامب تهنئ الأدباء الكبار لدى سوركامب الذين نشرت أعمالهم لدى مشروع كلمة أبوظبي مثل فولكر براون ومارسيل باير ورالف روتمان، وتتمنى لمشروع كلمة أبوظبي دوام النجاح والاستمرار، وتؤكد استعداد دار سوركامب لمزيد من التعاون مع «كلمة» في المستقبل». يقول باول مار، كاتب ألماني: «يعد ما قام به مشروع كلمة أبوظبي من ترجمة لأهم الأعمال الأدبية الألمانية المعاصرة إلى اللغة العربية وتقديمها للمكتبة العربية والقارئ العربي، إنجازاً عظيماً يستحق التقدير. إنني سعيد جداً بترجمة ونشر أربعة أعمال لي من قبل مشروع كلمة أبوظبي. ولقد سنحت لي الفرصة خلال زيارتي إلى أبوظبي بالتعرف إلى المسؤولين في «كلمة»، ولقد بُهرت بالمهنية العالية والأخلاق الرفيعة والمودة التي يتحلى بها هؤلاء، والتي شاهدتها وعشتها في أبوظبي. إنني أهنئ مشروع كلمة بمناسبة مرور عشر سنوات على انطلاقته، وأتمنى له المزيد من النجاح». يقول محمود حسنين، مترجم: «حرص مشروع «كلمة» منذ بدايته على التنوع والانفتاح على الثقافات المختلفة وتجاوز الهيمنة الأنجلوفونية والفرانكفونية على حركة الترجمة إلى اللغة العربية. ومن هنا، كان التوجه المبكر إلى أدب وفكر البلدان الناطقة بالألمانية. كما حرص على دعم العمود الفقري لأية حركة ترجمة، إذ أتاح المشروع الفرصة للمترجمين الناشئين - أحدهم كاتب هذه السطور - لأن يخطو أولى خطواتهم في مجال الترجمة الأدبية في إطار أقل ما يوصف به أنه مثالي، بداية من التعاقد الاحترافي الذي يستوفي المعايير العالمية، وصولاً إلى التدريب والإشراف والتوجيه في ورش وفعاليات ترجمة مختلفة». يقول د. ميشائيل مار، روائي وناقد أدبي: «أستطيع القول بأن «كلمة» ترجمت ونشرت مجموعة من أهم وأفضل الأعمال الأدبية الألمانية المعاصرة وبشكل ممتاز. إن مثل هذه السلسلة المهمة من الأعمال الأدبية المترجمة، لا يمكن أن يجدها المرء بسهولة في لغات أخرى. إنني أهنئ مشروع كلمة أبوظبي على الترجمات الأدبية عالية القيمة الثقافية والأدبية». تقول سلفيا شوستر ودانيلا شتاينير، دار النشر الألمانية كارلسين: «من ضمن نتائج العلاقة الممتازة بين دار كارلسن للنشر ومشروع كلمة أبوظبي، هو ترجمة ونشر مجموعة من الأعمال الأدبية المهمة التي حازت أهم الجوائز العالمية مثل أعمال الكاتب أندرياس شتاينهوفيل التي تدور حول الصديقين ريكو وأوسكار. إننا سعداء جداً بأن مشروع كلمة أبوظبي قد منح الطفل العربي فرصة التعرف إلى بعض أهم الأعمال في أدب الأطفال الألماني. كما أننا سعداء جداً بأن مشروع كلمة أبوظبي قام بترجمة عملين مهمين للكاتب المشهور والمهم في أدب الناشئة كاي ماير من ضمن مجموعة أركاديا سينشران قريباً. وستشارك دار كارلسين للنشر هذا العام في معرض أبوظبي للكتاب، وسوف تستغل هذه الفرصة لتوسيع التعاون وتوطيده مع مشروع كلمة أبوظبي، ونأمل أن نقدم المزيد للأطفال بمختلف المراحل العمرية مما هو مناسب وشائق». تفاؤل في مكانه يقول المترجم والكاتب العراقي سعيد الغانمي: «حين أُطلِقَ الافتتاح التأسيسيُّ لمشروع «كلمة»، تفاءل الحاضرون بأنَّ هذا المشروع سيكون استثنائيّاً. في ذلك الوقت، كانت الساحة الأدبيَّة تمتلئ بمشاريع الترجمة الجادَّة، التي تحاول إنقاذ الثَّقافة العربيَّة من براثن دور النشر التجاريَّة، لكنَّها جميعاً كانت تبحث عمن يسندها مادياً، وفي بعض الأحيان عمّن يسندها ثقافيّاً أيضاً. وكانت فرادة مشروع «كلمة» أنَّه ولد مكتملاً، إذا جاز القول. فقد توفَّرت له خاصيَّتانِ لم تتوفَّرا لبقيَّة المشاريع العربيَّة؛ جهة داعمة سخيَّة، لم تدَّخر وسعاً في الإنفاق على الرِّهان الثقافيِّ والترجمة منه بالتحديد بوصفها جسراً للتواصل الثقافيِّ، ونخبة من الأكاديميين الذين اعتبروا المشروع رسالة شخصيَّة يؤدُّونها في ساحة ثقافيَّة ما برحت تتشكَّى الخيبات والتراجعات. وفي المقدَّمة من جهد هؤلاء الأكاديميين يبرز الدور الاستثنائيُّ الذي بذله الدكتور علي بن تميم لتنمية هذا المشروع الفريد. وقد حرص المشروع منذ بداياته على تثبيت المعايير وترسيخها عنواناً للإبداع، ومحكَّاً لاستمرار التجربة». ويختتم الغانمي بقوله: «بعد عشر سنوات من الإبداع، يبدو أنَّ تفاؤل من حضروا إطلاق المشروع كان في مكانه تماماً، فقد أينع المشروع، وقدَّم للثقافة العربيَّة ما يصل إلى ألف كتاب، يزيِّن أغلبها رفوف مكتبات المثقَّفين العرب في كلِّ مكان، ولا شكَّ أنَّها ستكون عنصراً مكوِّناً لثقافة الأجيال العربيَّة الآتية. وهكذا يتَّضح بعد عشر سنوات من التأسيس أنَّ مشروع «كلمة» إنَّما كان مشروع وحدة الكلمة الثقافيَّة في الإبداع ترجمةً وتواصلاً وتأصيلاً». مفاجأة غير منتظرة «مثّل مشروع كلمة بالنسبة إلي مفاجأة غير منتظرة، بما أقدم عليه من ترجمة أحد أعمالي إلى العربية ألا وهو كتاب: «السياسة الأوروبية في القرن العشرين». إنه لمن بالغ الأهمية أن تُقرَأ مؤلفات إيطالية في البلاد العربية وبالعربية. فالإنتاج التاريخي الإيطالي هو على مستوى عال، وهو في مصاف الأعمال المنتَجة في أهم الدول الغربية، غير أن لغتنا لا تتمتع بالحضور الكافي الذي تتمتع به لغات أخرى وأعمال أخرى مكتوبة بتلك اللغات، مثل الإنجليزية والفرنسية. هذا نقيصةٌ إن لاحظنا التاريخ المشترك للمتوسط الذي أتاح عبر القرون فرصا هامة لتنقّل الإنتاجات الثقافية بين الضفّتين. باولو بومبيني كاتب إيطالي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©