الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ارتفاع مستويات الديون في أفريقيا يهدد النمو الاقتصادي

ارتفاع مستويات الديون في أفريقيا يهدد النمو الاقتصادي
18 مارس 2014 22:25
جوهانسبرج (رويترز) - بعد مرور نحو عشر سنوات على قيام نلسون مانديلا ونشطاء مناهضين للفقر مثل بونو وبوب جيلدوف بإقناع العالم الغني بإعفاء أفريقيا من ديونها الهائلة، عادت مستويات الدين للارتفاع من جديد في كثير من الدول، الأمر الذي قد يضر بالنمو الاقتصادي في المنطقة. ومع اصطفاف دول أفريقية للانضمام إلى قائمة الدول المصدرة للسندات الدولارية، يحذر اقتصاديون ومحللون من الانزلاق من جديد إلى حجم مديونية تضيع المكاسب الاقتصادية، التي تحققت في السنوات الأخيرة، وتخلق «لعنة سندات» تضارع «لعنة الموارد الطبيعية» التي تشوه الاقتصاد. وقال مستثمر، طلب عدم نشر اسمه: «السندات أصبحت مثل بورصات الأسهم والطائرات الخاصة والقصور الرئاسية. كل زعيم أفريقي يريد أن يكون لديه واحدة». وفي عام 2007، أصبحت غانا أول دولة أفريقية تستفيد من تخفيف أعباء الديون، وتدخل سوق المال الدولية طلباً للاقتراض، فأصدرت سندات عشرية بقيمة 750 مليون دولار. وانضمت إليها بعد ذلك السنغال ونيجيريا وزامبيا ورواندا بإصدار سندات. كما أن الحكومات الساعية لإيجاد بديل للمساعدات الخارجية المتراجعة وسداد كلفة مشروعات البنية الأساسية بدأت تقبل قروضاً بشروط ميسرة من مؤسسات متعددة الأطراف وقروضاً أعلى كلفة من بنوك تجارية وقروضاً ثنائية من دول مثل الصين والبرازيل. ولا يوجد خطر مباشر أن تتخلف إحدى الدول الأفريقية جنوبي الصحراء عن السداد، كما أن أغلب الدول توفر جانباً كبيراً من التمويل الذي تحتاج إليه محلياً، لكن ارتفاع الديون بدأ يحرك ذكريات الماضي المؤلمة. وقال الاقتصادي جوزيف ستيجليتز الحائز جائزة نوبل لـ«رويترز» في مقابلة خلال مؤتمر في جوهانسبرج هذا الشهر «القطاع المالي يحب أن يجد من يفترسهم، وأحدث فرائسه هي الحكومات في الدول النامية». وأضاف «فهي تتحمل من الدين ما لا تطيق ثم تحصل على الإنقاذ من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتبدأ من جديد، وهذا غير معقول لكن ذاكرتهم قصيرة وطمعهم كبير، ولذلك فسيتكرر الأمر من جديد». وبمقتضي مبادرة الدول الفقيرة الأكثر مديونية، التي طرحها الصندوق والبنك الدوليان، تم تخفيف أعباء ديون 30 دولة أفريقية من دول جنوب الصحراء. واستكملت أهداف هذه المبادرة فيما بعد من خلال المبادرة متعددة الأطراف لتخفيف أعباء الديون. ويقدر حجم الديون، التي تم شطبها، بنحو 100 مليار دولار، تراكمت كلها من خلال ديون قبلتها نظم حكم فاسدة، وكانت تؤدي إلى تجاوز الإنفاق على مدفوعات خدمة الدين قيمة الإنفاق على خدمات الصحة والتعليم مجتمعة. مخاطر الاقتراض ورغم أن القدرة على تحمل الديون تحسنت في أفريقيا منذ مبادرة تخفيف أعباء الدين، فإن دراسة سينشرها البنك الدولي قريباً تحذر من خطر الإفراط في الاقتراض، خاصة من جانب الدول التي تتوقع إيرادات جديدة من اكتشافات الموارد الطبيعية. وأطلع أحد المشاركين في هذه الدراسة «رويترز» على نتائجها. وبدأت معدلات الدين ترتفع من جديد في كل من غانا وأوغندا وموزامبيق والسنغال والنيجر ومالاوي وبنين وساو تومي آند برينسيب. وإذا واصلت كلها الاقتراض والنمو بالمعدلات الحالية، فإن مؤشرات الديون قد تعود للمستويات التي كانت عليها قبل تخفيف أعباء الديون في غضون عشر سنوات. ومن الدول الأخرى التي تشهد ارتفاعاً سريعاً في معدلات الدين إثيوبيا وتنزانيا وبوركينا فاسو. ومع ذلك، فإن الدراسة تظهر أن متوسط الزيادة في معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي كان متواضعاً على مدى عشر سنوات تقريباً. وفي الدول الأفريقية الست والعشرين التي استفادت من مبادرة الدول الفقيرة الأكثر مديونية، وشملتها الدراسة انخفض معدل الدين العام الاسمي من متوسط مرجح بالناتج المحلي الإجمالي يعادل 104% من الناتج المحلي قبل تخفيف الأعباء إلى 27% بحلول عام 2006 عندما كانت أغلب الدول قد حققت استفادة كاملة من مبادرة التخفيف. وبعد خمس سنوات، بلغ المعدل 34%. وقال مارك رولاند توماس المدير بالبنك الدولي والمشارك في الدراسة التي تمثل أول مراجعة للديون في أفريقيا منذ مبادرة تخفيف الأعباء، إن الاتجاه العام ظل كما كان للدول الغنية بالموارد والدول الفقيرة فيها والدول ذات الدخل المرتفع والدول ذات الدخل المنخفض. وتظهر غانا التي باعت العام الماضي سندات جديدة بقيمة 750 مليون دولار وأعادت شراء جزء من إصدار يستحق عام 2017 كيف يمكن لمستويات الدين المتنامية أن تهدد ديناميات مالية الدول. فقد أقبل المستثمرون على غانا بفضل استقرارها ونموها الاقتصادي الكبير الذي بلغ 14?5% عام 2011. لكن عجز الحكومة للحد من العجز المالي المتزايد أدى إلى تدهور معدلات الدين، فأصبح الدين يمثل الآن أكثر قليلاً من نصف ناتجها المحلي ارتفاعاً من 32% عام 2008. وأثر عجز ميزان المعاملات الجارية المتزايد سلباً على السيدي عملة غانا التي تراجعت أكثر من 9% مقابل الدولار هذا العام بعد انخفاضها 24% خلال 2013. وخفضت مؤسسة فيتش تصنيفها الائتماني لغانا المنتجة للكاكاو والذهب والنفط إلى ??B?? من??B- ?? في أكتوبر الماضي. وفي مؤشر على تراجع الثقة في الأسواق، ارتفعت عوائد الدين السيادي الغاني عن أي دولة أفريقية أخرى تتداول سنداتها في الأسواق العالمية لتصل إلى نحو 9% للسندات التي تستحق في عام 2023 وإلى أكثر من 20% للدين المحلي. وتشبه قصة زامبيا أكبر منتج للنحاس في القارة الأفريقية ما حدث في غانا، ولكن بوتيرة أبطأ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©