السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بعد شافيز... العلاقات الفنزويلية الأميركية!

9 مارس 2013 22:47
هاورد لافرانشي واشنطن تزيل وفاة هوجو تشافيز واحدة من أصعب الأشواك في علاقات الولايات المتحدة مع أميركا اللاتينية، كما قد تبشر بأيام أكثر إشراقاً بالنسبة للعلاقات الأميركية الفنزويلية. لكن أي عودة للدفء إلى العلاقات الثنائية لن تحدث بين ليلة وضحاها، خاصة بعد أن اتهمت الحكومة الفنزويلية الولايات المتحدة، خلال اليوم نفسه الذي توفي فيه تشافيز، بالتسبب في موته. غير أنه، وبينما تنتقل الولايات المتحدة وفنزويلا من العلاقات المتوترة بينهما خلال سنوات تشافير الـ14 (كرئيس للبلاد)، فإن هناك خطوة يستطيع البلدان القيام بها على المدى القصير للبدء في طي صفحة الماضي، وهي تبادل السفراء من جديد، كما يرى بعض الخبراء الإقليميين. ذلك أن السفارتين الأميركية والفنزويلية في عاصمتي البلدين مازالتا بدون سفير منذ عام 2010، عندما رفضت كل حكومة أوراق اعتماد سفير البلد الآخر. بل إن حتى العلاقات الدبلوماسية قُطعت لفترة قصيرة اعتباراً من سبتمبر عام 2008. إلا أنه حتى في حال تم تبادل السفيرين خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة كمبادرة حسن نية، فلا أحد يتوقع تبخر التوتر في العلاقات الثنائية بين ليلة وضحاها. وأي شكوك بشأن ذلك تبددت يوم الثلاثاء عندما طرد المسؤولون الفنزويليون دبلوماسيين أميركيين اتُّهموا بالتآمر لزعزعة استقرار الحكومة. وبالتالي، فربما رحل تشافيز، لكن أنصاره مازالوا يسيطرون على دواليب السلطة، كما يقول محللون فنزويليون، ويمكن أن يحافظوا على تلك السيطرة لبعض الوقت. كما أن الخطاب المعادي للولايات المتحدة الذي اشتهر به الزعيم صاحب الخطابات النارية لن يفقد تأثيره بسرعة، على غرار الشكوك في النوايا الأميركية، كما يرى بعض الخبراء الإقليميين. غير أن بعض المحللين متفائلون أكثر. وفي هذا السياق، يقول ميجيل تينكر سالاس، أستاذ الدراسات الأميركية اللاتينية والمتخصص في فنزويلا بكلية بومونا في كليرمونت، كاليفورنيا: «أعتقد أن فنزويلا تكترث بالفعل لعلاقاتها مع الولايات المتحدة»، مضيفاً: «فحتى في عهد تشافيز، كان ثمة حديث عن أمل في رؤية تقارب بين البلدين، وأعتقد أن معظم الفنزويليين يشعرون بأنه ليس ثمة ما يمكن ربحه من الإبقاء على العلاقات متوترة». ويذكر أن إدارة أوباما قامت بإنشاء خطوط اتصال أقوى مع الحكومة الفنزويلية في ديسمبر الماضي، عندما اتضح أن تشافيز لن يعود من العلاج الطبي في كوبا بسرعة. وأوحت الاتصالات بأن الإدارة لديها أمل في تحسن العلاقات مع فنزويلا، غير أن مسؤولي الإدارة كانوا واضحين أيضاً بشأن حقيقة أن الولايات المتحدة لا تهدف إلى التأثير على انتقال سياسي محتمل بطريقة معينة. وفي هذا السياق، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند، في يناير الماضي، إن الولايات المتحدة تسعى وراء «علاقة ناجحة أكثر، ومثمرة أكثر مع فنزويلا»، مضيفة أن «أميركا منفتحة على حوار حول سلسلة من المواضيع ذات الاهتمام المشترك». وبخصوص أي «انتقال (أو) خلافة» سياسية محتملة، قالت نولاند إن المطالب الأميركية الوحيدة هي «ضرورة أن يكون ذلك دستورياً وأن يقرره الفنزويليون». ومما لا شك فيه أن الولايات المتحدة ستستمر في مناقشة إلى أي حد ينبغي أن تذهب في انتقادها لسجل فنزويلا في التشبث بالمبادئ الديمقراطية الأساسية. ففي يناير الماضي، قال كريس ساباتيني، رئيس تحرير دورية «أميركاس كوارترلي» لجمهور في واشنطن: «من المؤسف أن الولايات المتحدة لم تكن أكثر وضوحاً بخصوص تخوفاتها» بشأن تمسك فنزويلا بالمبادئ الديمقراطية وتركيز السلطات في يد تشافيز. غير أن تلك الدعوة إلى انتقادات أميركية أقوى لتطور فنزويلا السياسي كانت خفيفة مقارنة بالآراء التي عبر عنها السفير الأميركي السابق في فنزويلا، باتريك دادي، في مقال بشهر سبتمبر 2012 لمجلس العلاقات الخارجية، دعا فيه الولايات المتحدة لبحث إمكانية فرض عقوبات اقتصادية سريعة وتحرك عقابي في منظمة الدول الأميركية ومجلس الأمن الدولي، إذا كانت الانتخابات الفنزويلية التي جرت الشهر الموالي غير شرعية. وقد أنهت إعادة انتخاب تشافيز السهلة مثلَ هذه الدعوات. لكن الرأي القائل بأن إدارة أوباما اتبعت مقاربة عدم التدخل تجاه ما يُنظر إليه على أنه ابتعاد من فنزويلا عن المبادئ والحقوق الديمقراطية، سينهض من حالة السبات ربما في وقت ينتقل فيه البلد إلى حكم ما بعد تشافيز. بيد أن الشيء الوحيد الذي يحتمل أن يُبقي على الجانبين منخرطين في حوار، وكان بمثابة الغراء الذي جنبهما الافتراق، هو النفط. فربما تستورد الولايات المتحدة نفطاً من فنزويلا أقلّ حالياً مما كانت تفعل قبل عشر سنوات، لكن هذه الأخيرة مازالت تمثل رابع أكبر مزود للسوق الأميركية. وهناك سبب لعدم إقدام تشافيز -المعادي لأميركا لأقصى الدرجات والواقعي في الوقت نفسه- على قطع مبيعات النفط للولايات المتحدة. فالأخيرة، مثلما يرى بعض محللي الطاقة الإقليميين، هي التي جنّبت فنزويلا الأزمات المالية، وجعلتها قادرة على تمديد دبلوماسيتها النفطية السخية حتى تصل إلى أماكن مثل كوبا ونيكاراجوا، وذلك لأن الولايات المتحدة هي المشتري الرئيسي الوحيد الذي يشتري النفط الفنزويلي بأسعار السوق (وبالمقابل، فإن الصين، وهي من المشترين الكبار، تدفع سعراً مخفضاً استناداً إلى اتفاقية قرض بقيمة 40 مليار دولار مع حكومة تشافيز). وبعبارة أخرى: فإنه رغم مشاعر العداء التي خيمت على العلاقات الثنائية خلال سنوات تشافيز، فإن البلدين في حاجة لأحدهما الآخر، وستستمر هذه الحاجة بينما هما يتكيفان مع عهد ما بعد تشافيز. ينشر بترتيب خاص مع «خدمة كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©