الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الفزّاعات» تبعد الطيور وتعد بمحصول وفير

«الفزّاعات» تبعد الطيور وتعد بمحصول وفير
20 يوليو 2009 22:38
يقال إن بين الإنسان والعصفور علاقة حب ومودة، إلاّ عند التنافس على الطعام، وما بين الفلاح الذي اجتهد في زراعة ارضه، وينتظر موسم القطاف والحصاد من جهة، والطيور الباحثة عن طعامها من جهة اخرى، تنتصب الفزاعة او «خيال الصحراء». الفزاعة هذا الاختراع الذي شاءه الانسان نصيراً له في ابعاد الطيور عن مشاركته لقمة العيش، قديمة قدم الزراعة نفسها، ولذا كان لا بد لها من أن تترك بصماتها على اوجه عديدة من الثقافة الإنسانية. بدءاً بالشعر وصولاً الى علم البيئة الذي بدأ يرد الاعتبار إليها والى دورها التاريخي، ومثلما نقل عن الإغريق العلوم والفنون عن الفراعنة، حيث تقول الأسطورة إن فكرة الفزاعة بدأت حين دخل نابليون بونابرت إلى مصر سنة 1798، فوجد جيشه فزاعة لها شكل خاص، منحوتة من الخشب وعلى شكل شخص أسطوري، ويكثر وجودها في مزارع وحقول العنب، وتتميز الفزاعة بالقبح الشديد، ولاحظ الجميع أن الطيور كانت تخافه لقبحه، وتمكث بعيدة عن الزرع، وهذا ما ادى الى غلال وفيرة في المحاصيل، وبعدها انتشرت «الفزاعات» لحماية المزروعات، وكانت تدهن وتطلى باللون الأحمر، وتحمل في يدها هراوات للتخويف. فزاعات حديثة لا يزال المزارعون يستعملون الفزاعة، لا سيما في الهند والبلاد العربية، وفي لبنان وسوريا وفلسطين، حيث تنتشر في كروم العنب والتفاح والزيتون، فينصب المزارع أخشاب مصلبة، بعضها يرتيدي الثياب او القماش، والأهداف تتعلق بثلاثة عوامل هي: زيادة شبه الفزاعة للإنسان، وتعظيم حجم «خيال الصحراء»، وتزويد الأشكال بعناصر متحركة تهزها الرياح، وكل ذلك لإيهام الطيور بوجود بشر، وفي بعض القرى قد نرى شبحاً يجلس على كرسي أمام بستانه، فما ان يلاحظ مجيء طائر ما، حتى يلقي اليه بحجر فيهرب بعيداً إلى غير رجعة. وإذا كانت الفزاعة تحولت من وظيفتها، لتصبح تذكاراً جميلاً في زمن ولىّ، فانها لم تختف من التقاليد، وفي العالم اليوم تقام مئات المهرجانات والمسابقات لعرض اجمل الفزاعات وأطرفها، على ان الزمنين، القديم والحديث، التقيا عند اقدام الفزاعة على امر واحد على الأقل، وهو ان القدماء اضافوا الطير ولم يقتلوها، فابتكروا هذه البدعة الطريفة، واليوم بعدما وعت البشرية ان قتل الحيوان من قبل الانسان في كثير من الحالات، تحت حجة حماية البيئة، اتت الفزاعة التي تخيف ولا تضر وتعشق البيئة، لانها تخشى على مستقبل الحياة والانسان. الفزاعة في السينما يمكن للمرء ان يفترض وجوداً قوياً للفزاعة في سينما الرعب، تحديداً في بعض افلام «الفرد هيتسكوك»، ذلك ان لهذه الدمية التي تنتصب في المناطق الزراعية على شكل إنسان يغطى بالاسمال، وينشر ذراعيه في الريح، قدرة على اثارة الخوف، ولا سيما في الليل او عند الغسق، لا لتخويف الطير التي توضع الفزاعة لإخافته فقط، بل البشر ايضاً حتى وان كان هؤلاء يعرفون سلفاً، ان هذا الشبح الواقف وحيداً في الليل، ليس سوى دمية جامدة. اذ انطلاقاً من هذا المنظر المرعب، قد يفترض المرء ان الفزاعة حضرت بالفعل في عدد كبير من الأفلام، لكن الحقيقة عكس هذا تماماً، لم تحضر الفزاعة كثيراً، بل لعل الاغرب ان ثمة عدة افلام استخدمت في عناوينها كلمة «الفزاعة» وعدة افلام استخدمت في عناوينها كلمة «الفزاعة». مهرجانات الفزاعة تحولت الفزاعة الى تراث شعبي وفني ظريف، يحظى باهتمام شعبي واسع في العالم، حتى ان مئات المهرجانات تنظم كل سنة، فيأتي الفلاحون والفنانون وهواة العروض، وزوار فضوليون وعائلات، لمشاهدة آخر ما ابتكره الناس في صنع الفزاعة، وتعتمد جمعيات عديدة مهمة تنسيق المهرجانات والاحتفالات من كل عام، حيث يحضر خبراء ترتيب المنازل والبساتين والحدائق والحرفيين والموسيقيين والصاغة، ومصممي الملابس، ليعرضوا آخر مبتكراتهم الطريفة من الفزاعات، وتضم المعارض زوايا مختلفة للأطعمة الريفية، واخرى للتسلية والموسيقى، ويتيح للأولاد ركوب الاحصنة ومشاهدة خظائر الحيوانات الاليفة. كذلك يتخذ رسامون زوايا يزورها من يشاء، ليرسم على وجهه بالألوان ما شاء له من رسم، تشبهاً بالفزاعة.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©