الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الجهادي جون».. خلطة الفقر والإرهاب

8 مارس 2015 22:55
صرحت «ماري هارف» المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية لشبكة «إم. إس. إن. بي. سي» الشهر الماضي بأن الولايات المتحدة لن تفوز بالمعركة ضد «داعش» بمجرد قتل المتشددين. وأكدت المتحدثة أنه يتعين النظر في عوامل أخرى مفاقمة للتطرف والعنف مثل «الافتقار إلى فرص العمل». وقد انتشرت السخرية على الإنترنت من تصريحات «هارف» وظهر «هاشتاج» على مواقع التواصل الاجتماعي يطالب بوظائف لـعناصر «داعش»! ولكن المتحدثة لم تقل، في الواقع، أي شيء جديد، لم تقله إدارة أوباما أو إدارة بوش من قبل، وهو أن الفقر من الممكن أن يقود فعلاً بعض الناس للانضمام إلى الجماعات المتشددة. ولكن الكشف عن معلومات خاصة بنشأة «الجهادي جون» قد يدفعنا لمعاودة التفكير في تصريحات «هارف». وقد تم تحديد هوية «الجهادي جون» بأنه محمد الموازي، وهو بريطاني مولود في الكويت اشتهر بظهوره ملثماً في المقاطع المصورة المروعة لحز الرقاب التي نشرها على الإنترنت تنظيم «داعش» الإرهابي. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» في الآونة الأخيرة، أن الموازي لم ينشأ في فقر بل في سعة من العيش. وكتبت تقول: «إن مسؤولي المخابرات يعرفون الجهادي جون بأنه هاوٍ ثري». وأضافت الصحيفة أن الموازي لم ينحدر إلى التشدد بسبب الفقر. وكتب الباحث والمحلل السياسي البارز شيراز ماهر في تغريدة على تويتر: «الجهادي جون متعلم ومن الطبقة المتوسطة، مما يظهر أن التشدد ليس سببه بالضرورة الفقر أو الحرمان الاجتماعي». ولكني شخصياً أرى أن فكرة نشأة الموازي في ظروف من اليسر بل والثراء مبالغ فيها أيضاً. فالمنزل الذي نشأ فيه الموازي يبدو متواضعاً نوعاً ما، وحي «كوينز بارك» متباين من الناحية الاقتصادية الاجتماعية لأن فيه عدداً كبيراً من المهاجرين. وقد ذكرت صحيفة «تليجراف» أن والده كان يعمل سائق سيارة أجرة، وهو عمل دخله مستقر ولكنه ليس كبيراً. وعلاوة على هذا، فأنا أشك بدرجة ما في حصول الموازي على تعليم رفيع. لقد تعلم في مدرسة «كونتين كيناستون كومينتي أكاديمي» المحلية وسُمعتها جيدة إلى حد ما. ثم درس علوم الحاسوب في جامعة «ويستمنستر» التي تحتل المرتبة 95 في البلاد بحسب «الجارديان». و«ويستمنستر» جامعة جيدة ولكنها أيضاً ليست أوكسفورد أو كامبريدج. ودرجته العلمية مجال جيد بشكل خاص للحصول على وظيفة ولكنها ليست تصريحاً تلقائياً بالذهاب إلى حياة الرفاهية. صحيح أن نشأة الموازي هذه لا تقرب الفقر من بعيد أو قريب ولكن أسرته ربما كانت قريبة من الفقر مقارنة بثراء أسرة بن لادن. ويمكننا أن نصف حياة الموازي باعتبارها طبيعية. فنمط الطبقة الوسطى لحياة أسرة الموازي ليس استثنائياً ويشبه ملايين الأسر في لندن. فما الذي جعل الموازي يختار طريقاً مختلفة؟ من المحتمل أنه على رغم واقعه الاقتصادي كان يشعر بفقر في الفرص. ومن الجدير بالذكر أن أصدقاء للموازي تحدثوا لـ«واشنطن بوست» ومؤسسة «كيج» المعنية بحقوق الإنسان، وذكروا أنه لم يتشدد إلا بعد تعرضه لضغوط من أجهزة الأمن البريطانية. وفي هذا السياق صرح عاصم قرشي، مدير الأبحاث في مؤسسة «كيج» الحقوقية قائلاً: «لدينا أدلة الآن على أن هناك عدداً من الشبان البريطانيين الذين لم تدمر حياتهم فحسب، بل حرموا من حقوقهم وتحولوا إلى العنف بسبب بعض السياسات البريطانية الخاصة بمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى الشكوى طويلة الأمد أيضاً من السياسات الخارجية الغربية». وقد لا يقتنع البعض بهذا الكلام، ولكن، يمكن القول على الأقل، إن الاعتقالات المتكررة التي تنفذها أجهزة الاستخبارات البريطانية لم تفعل إلا القليل لتحول دون تشدد الموازي. ومن السابق لأوانه القطع بنتائج في هذا الشأن، في الوقت الراهن، لأن هناك تحقيقات تفحص ظروف نشأة الموازي، وستظهر معلومات أخرى على الأرجح قد تكشف دوافعه ربما في أشياء قالها عن الإسلام والسياسة الدولية وتفاصيل عن خلفية أسرته أو لحظات عنف في حياته. وقد لا يتم العثور أيضاً على أدلة. وقراره أن يصبح «جون الجهادي» قائم على الأرجح على نسيج معقد من العوامل قد لا نفهم منه حقاً إلا القليل. ويبقى أن نسأل: هل تثبت ظروف الموازي خطأ «هارف» والحكومة الأميركية؟ في حد ذاتها، لا. فالموازي فرد في صفوف «داعش» التي أصبحت تضم عناصر إرهابية لكل واحد منهم خلفية اجتماعية وخبرات ومعتقدات قد تكون هي التي شكلت قراره. آدم تايلور* *كاتب ومحلل سياسي ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©