السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خلفان بن ظاهر: المكفوف مظلوم في وطننا وأتمنى إنصافه

خلفان بن ظاهر: المكفوف مظلوم في وطننا وأتمنى إنصافه
19 يوليو 2009 22:30
كان في الخامسة من عمره حين اكتشف مدربوه قوة إرادته وعزيمته في تعلم الموسيقى في وقت وجيز، فقد كانت الموسيقى عيناه اللتان يبصر بهما، مثلما كانت الجسر الذي يربط بينه وبين الناس.. لكن طموحه اليوم أن يكون مهندس كمبيوتر أو رجل أعمال ناجح، رغم ما يصادفه من صعوبات تعليمية. إنه خلفان بن ظاهر، ولد مكفوف وتعلم أبجديات الحياة الأولى بمدرسة «دبي لتأهيل المعاقين» وانتقل إلى عالم الأعمال من خلال الجامعة الأميركية بعد أن عاد من أستراليا التي لم يستطع استكمال دراسته بها لأسباب عدة. بينما ظلت الموسيقى أجمل نجاحاته. البيانو صديقي تلقى خلفان علومه عبر طريقة برايل، وتألق في العزف منذ صغر سنه، يقول في ذلك: «كنت أعزف النشيد الوطني وبعض المقطوعات الوطنية، وأصبح اسمي متداولا بين الناس والمقربين وداخل المدرسة، هذا النجاح جعلني أتحسس مواهبي التي تنتظر فقط الفرصة لتطفو على السطح، وقد اتخذت من آلة البيانو صديقا لي بحيث كان العزف يسعدني جدا ويجعلني أتواصل مع كل الناس، ونمت الموهبة داخلي وكبرت، وتوالت النجاحات». عندما صار في صف الثاني الإعدادي، انتقل إلى المدرسة الحديثة بدبي بعد صدور قرار الدمج.. يقول: «أصبح حينها الأمر مختلفا في طريقة التعليم وفي كل شيء بحيث أصبحت مضطرا للعمل أكثر ولإظهار مواهبي أكثر، إذ أصبحت في الصف مستمعا فقط، ولا أستطيع الكتابة، وهكذا قضيت ما تبقى من الإعدادية والثانوية كلها مستمعا ومارست السمع أكثر من أي حاسة أخرى، وقد بذل أهلي جهدا كبيرا في سبيل مواصلة تعلمي في البيت، فعندما أرجع كل يوم إلى البيت يجلس أحد أفراد عائلتي ليلقنني ما سمعته في الصف، وكان لابد أن أكشف عن مواهبي وكانت الفرصة سانحة خلال حفلات الأعياد الوطنية، وخلال الحفلات الخاصة بالمدرسة وخلال حضور الشخصيات البارزة في المجتمع، وقد لحنت أغنية تخرج الطلبة وأخرى أهديتها لأخي بمناسبة ذكرى ميلاده». صعوبات جمة حصل خلفان على الثانوية العامة وقرر استكمال دراسته في أرقى الجامعات التي تكفل له جودة التعليم، وبالفعل قصد أستراليا، ولم تكن طريقه معبدة بالورود، فقد وجد صعوبات كبيرة جدا، فهناك يدربون الكفيف منذ صغره على الاعتماد على نفسه ويعلمونه طرق كثيرة تسمح له بقضاء أغراضه الشخصية دون الاعتماد على أحد، إضافة إلى البنية التحتية المجهزة التي تخدم المكفوف، وتوفر له كل احتياجاته للتحرك كيفما شاء ومتى شاء، يقول في ذلك: «كان الأمر جديدا بالنسبة لي بحيث أعتمد في غالب الأحيان على مرافق، وهذا الأمر جعلني في حرج كبير بحيث لم أستطع استخراج إقامة بالنسبة لمرافقي مما جعل الإقامة لوحدي في أستراليا أمرا مستحيلا، وبالتالي قضيت 6 شهور هناك ورجعت قبل استكمال دراستي، وكنت أنوي دراسة الكمبيوتر وأتعمق فيه، لكن شاءت الأقدار أن أرجع لبلدي وأبدأ من جديد، فسجلت في الجامعة الأميركية، وقررت مضطرا دراسة الأعمال، وعلى الرغم الصعوبات الكبيرة التي واجهتني لأن الجامعات غير مؤهلة لاستقبال المكفوفين وتدريسهم بالطريقة الصحيحة، حولت شغفي لدراسة الكمبيوتر وبدأت أمارس ذلك في البيت كلما أتيحت لي الفرصة لذلك، وبدأت أتعامل مع الكمبيوتر من خلال برنامج قارئ الشاشة وهو برنامج ناطق يساعد الكفيف على التصفح على الإنترنت ونوافذها وهو باب مساعد بالنسبة لي لاكتشاف عوالم الكمبيوتر». إثبات الذات مارس خلفان هواية الموسيقى بشكل طبيعي، وحاول إثبات ذاته وإظهار مؤهلاته، يقول موضحا: «أصبحت أشارك في الحفلات الرسمية والوطنية في الجامعة وخارجها، ليصبح لي مكان بينهم، كنت أريد أن أسمعهم صوتي وأقول لهم «أنا موجود» لتقدير مكانتي، وصدفة أنجزت أغنية لزفاف أحد أصدقائي وعملت ضجة كبيرة ومن خلالها أصبحت معروفا عند الفنانين فربطت معهم علاقات قوية جدا، وفي سنة 2008 لحنت أغنية من كلمات الشاعر حمد شهاب وغناها الفنان حمد العامري، وفاضل المزروعي، وأهديتها للإمارات وللجامعة الأميركية، تلقيت كثيرا من التهاني من الجامعة ومن الناس إثر ذلك، حققت النجاح والشهرة». يبتسم ثم يضيف: «بعد ذلك أصبح لي تعاون مع الفنانين فايز السعيد وحمد العامري وفيصل الجاسم وهزاع.. لكن رغم ما تحقق من نجاحات في مجال الموسيقى والتلحين فإنني لا أريد أن أجعلها مهنتي الرسمية بقدر ما أجدها فرصة كبيرة لإسماع صوتي وزملائي من المكفوفين ونقول أننا قادرون على العطاء، وأطمح لأشياء أخرى كثيرة منها تحيق مستويات عالية الخدمة للمكفوفين ليجدوا حقهم في بلادهم». آلام وآمال يؤكد خلفان بأن العالم العربي لم يقدم الكثير للكفيف مقارنة بالدول الغربية حيث يجوب العالم من أجل المقارنة ومحاولة نهج نفس التجربة في دول الخليج، يقول: «إنني أصارع من أجل تحدي كل العقبات، وربما أنا أستطيع ذلك، ولكن غيري لا يستطيع، أنا رجعت من أستراليا دون استكمال دراستي لأنني لم أتعلم منذ الصغر الاعتماد على نفسي، وقد ذهبت في رحلات إلى كل من استراليا وأمريكا وبريطانيا لملاحظة الفرق بيننا وبينهم في إطار التعامل مع المكفوف وهناك بون شاسع بيننا وبينهم، بحيث نحن نقتصر على إعانة المكفوف ماديا في بعض الحالات، أما هم الغرب فمعاملتهم أحسن منا بكثير، بحيث يولون عناية فائقة لهذه الفئة من الناس، فعندما نقول مثلا إدماج المكفوف مع المبصرين فيجب أن نوفر له خصوصية مثلا في وقت الامتحان وساعاته، يجب أن تكون لها خصوصية تراعي ظروفه، وعندما نقول إدماج يجب أن يكون الأستاذ مؤهلا وله خبرات في تعليم الطالب المكفوف، ربما أنا اجتزت هذه المحن وأجتازها بعزيمة فولاذية، لكني أسعى من أجل ألا يعاني الأجيال القادمة من المكفوفين». إضاءات بعض الجامعات لا تقبل المكفوفين في صفوفها لاستكمال دراستهم، نظرا لعدم توفر البنية التحتية بها، وعدم توفرها على الأطر المؤهلة لذلك، إذ يقتصر دور بعض الجمعيات المحلية على صقل مهارات المكفوفين وتعليمهم سير الحياة والاعتماد على النفس. - يحمل خلفان هم كل المكفوفين من بينهم شقيقه المكفوف (عمره 17 سنة) لا يريده أن يعاني كما عانى، بحيث لا يستطيع دخول جامعة معينة يختارها، بل يخضع لما تفرضه هي عليه حسب المتوفر لديها. يأمل خلفان أن تلتفت الجمعيات المهتمة لهذه النقطة وتدرب من يحتاج من المكفوفين لهذه المهارات.. كما يشير إلى صعوبة حصوله على الكتب التي يود مطالعتها وتصلح للمكفوفين ككتب العلوم التقنية التي يحبها، فهو -بحسب قوله- يمكنه الحصول على المصحف الشريف على سبيل المثال، ولكن لا يستطيع الحصول على كتب تعليمية بنفس الطريقة، لذلك هو يحارب من أجل التعلم.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©