السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضعف الإنتاج يضيق الخناق على المسلسلات التاريخية

ضعف الإنتاج يضيق الخناق على المسلسلات التاريخية
29 مارس 2018 19:39
تامر عبد الحميد (أبوظبي) «محمد رسول الله»، «الطارق»، «أبو حنيفة النعمان»، «عمر بن عبد العزيز»، «الظاهر بيبرس»، «أبو زيد الهلالي»، وغيرها من الأعمال التاريخية التي قدمت في الثمانينيات والتسعينيات، وكانت الأكثر متابعة وانتشاراً رغم قوة الدراما الاجتماعية آنذاك، وكانت القنوات التلفزيونية والجهات المنتجة للأعمال الدرامية تنتج سنوياً وباستمرار أعمالاً خاصة بشخصيات ذات طابع ديني، أو شخصيات أثرت في التاريخ العربي، لتعريف الأجيال بالرموز الدينية والأبطال التاريخيين، وقصص الصحابة من خلال مسلسلات تجمع نخبة من أهم نجوم الفن في الوطن العربي، إلا أنه في السنوات الأخيرة قل تواجد هذه النوعية من الأعمال على خريطة الإنتاج. ثقافة غائبة غياب الأعمال التاريخية أوقع المشاهد العربي أسير الدراما التي تروي قصص صراع الطبقات والثروات، إلى جانب الأعمال الكوميدية والبطلجة، وحول قلة إنتاج مثل هذه النوعية من الأعمال في السنوات الأخيرة، قال المنتج والفنان حبيب غلوم إنه يعود إلى غياب التمويل، خصوصاً أن المسلسلات التاريخية تحتاج إلى إنتاج ضخم من أجل تنفيذها بالشكل المطلوب، فأماكن التصوير المتعددة والديكورات وتجهيز الجنود والمعارك وتدريب الممثلين على القتال، تحتاج إلى فترة طويلة من التحضيرات التي يجب أن يصرف لها ميزانية ضخمة. وتابع: ورغم أهمية مثل هذه الأعمال التي تسهم في تقديم العبر والمواعظ وتعمل على تنمية الثقافة والوعي لدى المشاهدين، كما تحمل في طياتها أفكاراً واقعية بصورة تاريخية، فإن ضعف حضورها على الشاشة الفضية، يعود إلى عدم تخصيص ميزانيات عالية من قبل التلفزيونات والجهات المعنية بالفن، لتنفيذ هذه الأعمال الاستثنائية، فحل محلها «الكوميدي الخفيف»، الذي سيطر في السنوات الماضية على الإنتاجات، لافتاً إلى مقولة «الجمهور يريد ذلك»، غير أنه يرى أن أصحاب القرار في العملية الإنتاجية الفنية هم من جعلوا الجمهور يريد ذلك، وهم من غيروا ذائقته بالأعمال التي قدمت في الآونة الأخيرة. عوامل الانحسار وقال الفنان قصي خولي إن العمل التاريخي والديني في الوطن العربي في الوقت الحالي، غير قادر في التعاطي معه ليس فقط إنتاجياً، بل فكرياً أيضاً. وأوضح: «للأسف لا يزال العالم العربي يتعامل مع العمل التاريخي والديني على أنه منطقة محرم دخولها، وتتوالى الاحتجاجات والتكفير واصطياد الأخطاء لانتقاده على أساس أن ما يقدم في هذه الأعمال يعيد كتابة التاريخ، والكثير لا يعلم أن ما يقدم هو تفاصيل من التاريخ معتمدة على جوانب درامية أخرى، لا تبتعد عن الحقائق التاريخية، مشيراً إلى أن المسلسل التركي «حريم السلطان» رفعت ضده 200 قضية، وظل يعرض حتى نهايته. وأوضح قصي أن مثل هذه الأعمال يجب أن ترصد لها ميزانيات كبيرة، خصوصاً أن الشخصيات التاريخية والإسلامية يمكن أن نقدم لها سلسلة من الأعمال مثلما يفعل الغرب، فمسلسل game of thrones - «صراع العروش»، عرض منه حتى الآن 7 أجزاء، وvikings ستة أجزاء، ولا تزال هذه الأعمال تحقق نجاحاً كبيراً، لأنه تم التخطيط لتنفيذها منذ البداية بطريقة صحيحة. وأضاف قصي، الذي يشارك في عمل تاريخي يعرض في رمضان المقبل وهو «الرشيد»، أن المعركة الواحدة في game of thrones كلفتها 40 مليون دولار، فيما تعد هذه كلفة خيالية بالنسبة للجهات المنتجة في العالم العربي، ولكن في الوقت نفسه تحاول بعض الجهات المنتجة والقنوات أن تتبنى فكرة أعمال تاريخية ودينية وتحاول تقديمها بأفضل صورة مثل مسلسل «عمر بن الخطاب». أثر إيجابي من جهته، أكد الفنان عبد المحسن النمر أن الدراما التاريخية تحمل فوائد كثيرة على المستوى الثقافي واللغوي، كما اعتبر أن وجود هذه النوعية من المسلسلات يترك أثراً إيجابياً لدى المشاهدين، موضحاً أن هذه النوعية من الأعمال لم تغب عن الشاشة بشكل قطعي، إلا أن الكلفة الإنتاجية العالية لهذه الأعمال أثرت سلباً عليها من ناحية الكم. وقال إن الأعمال التاريخية موجودة ولا تزال تحافظ على مكانتها، إنما الأمر الذي اختلف هو الكم، فأصبحت الجهات المنتجة تتجه نحو تنفيذ أعمال درامية بنوعيات مختلفة، خصوصاً أنها لا تحتاج إلى كلفة عالية مثل التاريخي والديني، مضيفاً:«أعتقد أن إنتاج مسلسل تاريخي أو ديني واحد يمتلك القدرات الإنتاجية، ويعتمد على قصة ذات مغزى عميق في التاريخ، كفيل بأن يعيد مجد هذا الأعمال ويعيد للشاشة الفضية تألقها، خصوصاً أنها أعمال تبقى في ذاكرة الأجيال، وأن إنتاج عمل واحد في العام وفق هذه الشروط يكفي للحفاظ على تاريخ الدراما العربية في هذه النوعية من المسلسلات. ومعلوم أن الأعمال التاريخية تتطلب إنشاء ديكورات بأحجام ضخمة، وبناء مواقع تصوير خاصة، وتصميم أزياء مناسبة للحقبة المستهدفة، وأعمال جرافيك متطورة، ومختصين في تصميم المعارك، فضلاً عن الحاجة إلى أعداد كبيرة من الممثلين والكومبارس، واستئجار الخيول والحيوانات ذات العلاقة بالقصة محل العمل الدرامي. شرط الجودة رأى المنتج والفنان حبيب غلوم أن إنتاج الأعمال التاريخية والدينية يجب أن يكون على قدر المستوى، وقال: «يجب أن نفرق بين الجودة والجودة العالية، وأعني أن الأعمال الدينية والتاريخية يجب أن تنفذ بأعلى جودة، من ناحية النص والكتابة والتقنيات الإخراجية والفنية، إلى جانب وجود ممثلين محترفين، وإذا اكتملت كل هذه العناصر في عمل واحد، فأعتقد أنه سيفرض وجوده على الساحة». منافسة معدومة قال الكاتب عثمان جحا، إن اختيارات الموضوعات التاريخية في السابق كانت أفضل، وكذلك اهتمام المتلقي بها، فضلاً عن اتجاه الجهات المنتجة والقنوات التلفزيونية لتنفيذها وعرضها. وأضاف جحا، الذي يتولى كتابة مسلسل «الرشيد»، المقرر عرضه رمضان المقبل «أعتقد أن إنتاج أعمال تاريخية عالمية، وتخصيص ميزانيات بملايين الدولارات، جعلا المنتجين العرب يتساءلون: كيف نقدم معركة بكلفة 200 ألف دولار، وفي الغرب يقدمون معركة بمليوني دولار!» وأوضح «أصبحت المنافسة في هذه الحالة معدومة، ما عرّض الأعمال التاريخية إلى انتكاسة في الآونة الأخيرة، خصوصاً مع عدم توافر ميزانيات نستطع من خلالها إنتاج أعمال على قدر المستوى». جهد إنتاجي عن قلة إنتاج الأعمال الدينية والتاريخية، أوضح المنتج الفني حمادة جمال الدين، الذي يتولى إنتاج المسلسل التاريخي «الرشيد»، أن هذا النوع من الأعمال يحتاج إلى تكاليف باهظة لتنفيذها بالشكل والمستوى المطلوبين. وقال: «تحتاج هذه النوعية من المسلسلات إلى كثير من الجهد الإنتاجي على عكس الأعمال الاجتماعية والكوميدية، فأماكن التصوير والتقنيات المستخدمة، وتجهيزات الجنود والمعارك والديكورات والأكسسوارات تحتاج إلى تكلفة إنتاجية عالية جداً». ولفت حمادة إلى أن الأعمال التاريخية من أصعب أنواع الإنتاجات، لذلك فإن محاولة تقليل النفقات لا تصب في مصلحة العمل إطلاقاً، موضحاً أن الديكورات وأماكن التصوير والإضاءة والجرافيكس والمعارك يجب أن يوضع لها ميزانية خاصة بها، إلى جانب الأمور الفنية الأخرى. وقال: «أي عمل تاريخي يحتاج على الأقل إلى 1500 طقم من الأزياء للممثلين، وأكثر من 120 فنياً في الديكور والإضاءة والتصوير، إلى جانب عمليات الإخراج التي تحتاج إلى تقنيات تصوير متطورة»، لافتاً إلى أن «هذه الأعمال يستخدم لتصويرها 5 كاميرات على الأقل هي الكسا XCB15، وميني الكسا، والكسا كلاسيك، وكاميرات الـ DGI التي تستخدم في المعارك والمبارزات». وأشار حمادة إلى أن عمليات الجرافيك المستخدمة في تصوير المشاهد بالنسبة للأعمال التاريخية والدينية من أصعب المشاهد وأكثرها تكلفة. وقال: «أغلب شركات الإنتاج التي تتولى عملية تنفيذ عمل تاريخي تتفق مع شركة محترفة متخصصة في عمليات الجرافيكس، لكي يتم تنفيذ المشاهد بأفضل التقنيات المستخدمة»، موضحاً أنه تعاون مع «أروما» في الإمارات في تصميم مشاهد إبداعية بأفضل التقنيات المستخدمة. وأكد أن المبالغ التي تم رصدها لتنفيذ هذه النوعية من المشاهد في الوطن العربي أقل بكثير مما يقدم في أوروبا وأميركا، لافتاً إلى أن لقطة واحدة من الجرافيكس في عمل أجنبي تكلف 200 ألف دولار، أما بالنسبة للعمل العربي فيرصد المبلغ نفسه لكل مشاهد العمل. وذكر أن التكلفة الإنتاجية العالية لإنتاج هذه النوعية من الأعمال، دفعت بعض المنتجين والجهات المعنية بالفن بالاتجاه نحو إنتاج أعمال تكاليفها أقل بكثير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©