الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عن منطق الأشياء

عن منطق الأشياء
29 مايو 2008 00:50
في حياتنا الكثير من الأشياء المادية والمعنوية تسكن قربنا وفينا، وتُسير سلوكنا وتعاطينا مع الحياة ومع الناس ومع المفاهيم السائدة؛ فمنذ استنشاقنا الهواء الأول يبدأ تلقيننا الكثير من التعاليم والمفاهيم والسلوك، كيف نحبو على الأربعة وكيف نسير خطوتنا الأولى، كيف نقول نعم ونقول لا، كيف نأكل ونصمت ونتكلم، ماذا نقول في حضرة الكبير والصغير، ماذا نرتدي نهاراً وليلاً، صيفاً وشتاءً، ماذا نقرأ وماذا نأكل وما هو نوع وجباتنا الثلاث· وهكذا نسير في رحلة العمر ونحن نتلقى دائماً شروط الآخر في الحياة، سواء كان هذا الآخر القريب أو البعيد؛ القريب من البيت أو خارجه، القريب في عصرنا الذي نعيش أو البعيد جداً في التاريخ الماضي الذي لم يصمت حتى اليوم؛ ننصت له ونداري أشياءنا، ما نرغب من كلام ومن كتابة ومن لبس ومن رقص ومن لغة وتذوق، وما نريد أن نصنع بحياتنا كلها؛ وفي خضم هذا التوتر تجاه رغباتنا وقناعاتنا وأفكارنا التي يريدها الآخر المتمثل في السلطة بأشكالها المتعددة (التاريخ والمجتمع والتقاليد·· الخ) أن تكون تابعة له، لا تحيد عنه ولا تتبدل ولا تشط ولا تقفز ولا تخرج· في خضم ذلك، كم من الورد قد ذبل وكم من الينابيع قد جفت، كم شحبت الوجوه وتبعثرت صلابة الجسد، وخفت بريق العين، كم تحطمت الآمال على صخرة السلطة غير الرحيمة مطلقاً بالجمال، ذلك لأنه يخدشها في فكرها وروحها ولا تستطيع تحمله، إما بسبب تشوهها أمام الحياة النقية، أو بسبب عجزها وعدم قدرتها على استيعاب الواقع الجديد· ؟؟؟ لذا فإن منطق الأشياء، هو في الأشياء ذاتها، في جوهرها وليس في الاسم أو المصطلح الذي أسبغ عليها في مسيرة الزمن، كأسماء الألوان؛ حيث المهم ما يثيره اللون في داخلك، وليس اسمه، وبمعنى أن قبولك للأشياء، مادية كانت أو معنوية، هو خاضع لمدى استيعابك وقبولك الأولين لهما من دون وسيط وموجه يسير بك حيث ما يريد هو وليس ما تريد أنت؛ ومن هنا لا بد من إشاعة ثقافة الاختيار في حياتنا، من أجل أن يتفتح الورد وينشر عطره في كل المساحات، أن تنتشي الروح وتفرح بالحياة، وتنبض القلوب بإسم الفرح ويتحرر السلوك ليلمع في نصاعة النهار من دون أن يكترث للجلاد ولا للعيون المريضة في الرؤية والعقول الميتة البصيرة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©