الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اغتيال «إيستيميروفا»... استهداف جديد للحقوقيين

اغتيال «إيستيميروفا»... استهداف جديد للحقوقيين
18 يوليو 2009 01:55
شكل مقتل الناشطة في مجال حقوق الإنسان، «ناتاليا إيستيميروفا»، التي اختطفت وأطلق عليها الرصاص فيما يشبه الإعدام بأحد أحياء إنجوشيا يوم الأربعاء الماضي، صدمة حقيقية للكريملن دفعت الرئيس ديمتري ميدفيديف إلى التعهد بإجراء تحقيق شامل لجلاء الحقيقة ومعرفة القاتل، لكن قادة «ميموريال»، وهي المنظمة الروسية المدافعة عن حقوق الإنسان التي كانت تعمل فيها «إيستيميروفا»، ومعهم باقي المراقبين للوضع الحقوقي في المنطقة يرون أن موت الناشطة الروسية سيضاف إلى الثمن الباهظ الذي يدفعه الحقوقيون نتيجة التحالف الذي يجمع بين رجل الشيشان القوي «رمضان قاديروف» الموالي لروسيا وبين الكرملين بموجب اتفاق يفرض من خلاله «قاديروف» الأمن في الشيشان ويتصدى للمتمردين الانفصاليين مقابل إطلاق يديه في الجمهورية الصغيرة التي تديرها روسيا والتغاضي عن أسلوبه في الحكم. ويوضح هذا الجانب «ألكسندر شيركاسوف»، أحد أعضاء هيئة منظمة «ميموريال» قائلاً: «نحن نعرف أن قاديروف يسيطر على الشيشان ونعرف أيضاً ما قاله المسؤولون الشيشانيون الموالون لموسكو عن (ميموريال) وعن (ناتاليا) وعملها، وبهذا الخصوص لا يوجد لدينا أدنى شك في هوية القاتل». وفي تصريح لرئيس منظمة «ميموريال» أمام الصحفيين يوم الخميس الماضي، قال: «إن الناشطة الروسية تعرضت لتهديد في محادثة خاصة». وتعد «إيستيميروفا» أحد الناشطين القلائل في مجال حقوق الإنسان المكلفين بمراقبة الوضع في الشيشان، كما أنها كانت المصدر الوحيد الباقي على قيد الحياة الذي يوفر معلومات حول انتهاكات حقوق الإنسان في الجمهورية الصغيرة التي مزقتها الحروب، بما في ذلك مزاعم استخدام الحكومة المحلية لفرق الموت للتخلص من المعارضين واللجوء إلى الاختطاف وحرق بيوت المتمردين الانفصاليين لترويعهم. وفي هذا الصدد يقول «شيركاسوف» زميلها في المنظمة «إنها وثقت جميع الأشياء التي تقف على النقيض تماماً من الصورة الزاهية التي تظهرها السلطات حول الشيشان». وكانـــــت «إيستيميروفـــــا» الأم التي تعيش مع ابنتها اليافعة في العاصمة الشيشانية جروزني، قد اختطفت خارج البناية التي تقطنها من قبل رجال مسلحين يوم الأربعاء الماضي وأدخلت سيارة ليعثر على جثتها لاحقاً ملقاة على قارعة إحدى الطرق بجمهورية انجوشيا المجاورة، وبها جروح ناتجة عن طلقات الرصاص. ويظل مقتل الناشطة الروسية مجرد حلقة في سلسلة من الاغتيالات التي طالت معارضين بمن فيهم الصحفية «أنا بوليتيكوفسكايا» التي كانت تعمل في أسبوعية «نوفايا جازيتا» المعارضة وإحدى الصديقات المقربات من «إيستيميروفا»، والتي قتلت في مصعد بنايتها قبل ثلاث سنوات. ومن بين الضحايا الذين لاقوا حتفهم السنة الماضية المحامي «ستانيسلاف ماركيلوف» الذي أُطلق عليه الرصاص بأحد شوارع موسكو، و«سليم يامدييف»، القائد الشيشاني السابق وأحد معارضي «قاديروف» الذي اغتيل في شهر مارس الماضي، دون أن تنتهي القائمة الطويلة. وفي هذا السياق، تقول «ماشا ليبمان»، رئيسة تحرير دورية «برو إي كونترا» التي يصدرها مركز كارنيجي بموسكو «واحداً بعد الآخر تتم تصفية الأشخاص الذين يتم اعتبارهم خصوماً سياسيين من خلال عمليات قتل مأجورة تُنفذ في العلن وبطريقة متعجرفة»، مضيفة أن هذا «هو الثمن الذي تدفعه روسيا جراء مهمة فرض النظام في الشيشان. وتجدر الإشارة إلى أن «قاديروف» الذي أصبح الحاكم الأوحد للمنطقة، هو يدير البلاد، كما يريد دون أدنى اعتبار للقانون والدستور الروسيين». وقد سهل له الكريملن لاحقاً الوصول إلى الرئاسة ضمن لعبة سياسية أدارتها موسكو لإضفاء نوع من الشرعية على سياسة الكريملن والمتمثلة في إسناد مهمة القضاء على المتمردين الانفصاليين في الشيشان إلى أبناء جلدتهم. وفي تصريح أدلى به «قاديروف» عقب مقتل الناشطة الروسية، تعهد بفتح تحقيق يشرف عليه شخصياً، وهو التعهد الذي يشكك في جديته باقي النشطاء في مجال حقوق الإنسان مثل «يفجيني إيكلوف» من منظمة الحركة من أجل حقوق الإنسان الذي يقول «إن عملية القتل كانت تصفية سياسية ارتكبت في وضح النهار من قبل القوات شبه العسكرية»، مضيفاً أن طريقة تنفيذ العملية تشير إلى عجز الكريملن أمام ما يدور في الشيشان. ويستطرد «إيكلوف» قائلاً: «كان بإمكانهم رمي الجثة أمام مقر ميدفيديف كتحدٍ واضح للسلطات ولسان حالهم يقول: سنقوم بما يحلو لنا في الشيشان». ويتوقع الخبراء الروس أن يضاف مقتل«إيستيميروفا» إلى قائمة طويلة من الجرائم التي قيدت ضد مجهول مثل جريمة قتل الصحفية «بوليتكوفسكايا» والأميركي «بول كليبنيكوف» الذي كتب هو الآخر عن الشيشان لتبقى قضية اغتياله حبيسة المحاكم دون الوصول إلى أي نتيجة. ورغم تعهد وزير الداخلية الروسي، «رشيد نورجالييف»، يوم الخميس الماضي بأنه سيبذل قصارى جهده لحل ما أسماه بـ«الجريمة المعقدة»، إلا أن نائبه «أركادي يدفيديف» أبلغ الصحفيين بأن الشرطة ستنظر في أسباب أخرى عدا تلك المرتبطة بـ«الشأن العام» مثل احتمال أن يكون اغتيالها موجهاً للنيل من السلطات المحلية، أو مرتبطاً بمحاولة سرقة، أو أمور أخرى لها علاقة بـ«حياتها الاجتماعية». فريد وير - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©