الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«زوما» يتراجع أمام «ماليما»!

24 ابريل 2010 21:23
إليكم ابتداءً هذا السؤال: هل رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما، شخصية ضعيفة يمكن إرغامها على التراجع عن مواقفها؟ فبعد أيام فحسب من الانتقادات العنيفة التي وجهها إلى رئيس رابطة الشباب في حزب "المؤتمر الوطني الإفريقي" الحاكم، يوليوس ماليما -بسبب توجيهه إساءة عنصرية لأحد صحفيي هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وكذلك ترديده لكلمات أغنية عنصرية، ترددت فيها معاني أسوأ السياسات التي تبناها موجابي إزاء المزارعين البيض في بلاده- يبدو أن زوما قد تراجع الآن عن تهديداته تلك وسمح لماليما بالإفلات من العقاب على سلوكه، مكتفيّاً بمجرد توجيه تحذير شفوي له. وبسبب تهديده السابق له، بأن عليه تحمل عواقب سلوكه، فقد اعتقد الكثيرون أن ماليما ربما ستعلق عضويته في قيادة رابطة شباب الحزب الحاكم لبعض الوقت، أو حتى ربما يطرد منها تماماً. غير أن تراجع زوما عن ذلك الموقف، جعل الكثيرين ينظرون إليه الآن على أنه شخصية ضعيفة، وأنه ليس قادراً على السيطرة على الحزب الذي يتزعمه. وعلى حد قول أوبري ماتشيكي، العضو السابق في "المؤتمر الوطني الإفريقي" والمحلل السياسي حالياً بمركز دراسة السياسات في جوهانسبرج، فإن ذلك التصرف سيحفز الكثيرين على تلمس مظاهر الضعف، في مختلف سياسات زوما هذه المرة. ويستطرد ماتشيكي قائلا: لابد من إضعاف طرف ما من أطراف معركة كهذه. وفيما يبدو فإن زوما لم يعد بذات القوة القيادية التي كان عليها في مثل هذا الوقت من العام الماضي. وهناك من يرى أن الضعف الذي أصاب قيادة الحزب الحاكم والحكومة الحالية، لم يكن مناسباً مع اقتراب استضافة البلاد لبطولة كأس العالم لكرة القدم بعد شهرين فحسب، مع العلم أن جنوب إفريقيا يتوقع لها أن تستقبل نحو 450 ألفاً من جمهور وعشاق هذه الرياضة الدولية. ولكن المشكلة الأعمق من هذا الصراع السطحي، تكمن في الانقسامات الداخلية في صفوف "حزب المؤتمر الوطني الإفريقي" نفسه. فمن جهة هناك الصراعات التي تثيرها نقابات المهنيين والعاملين، ثم هناك تيار الشيوعيين داخل الحزب من جهة، ودعاة سياسات السوق الرأسمالية الحرة من جهة أخرى، إضافة إلى دعاة السياسات الإفريقية السوداء، وهي صراعات لم تتمكن قيادة الحزب من حسمها وتسويتها مطلقاً. ويرى بعض المراقبين والمحللين لهذه الصراعات الداخلية، أنه ليس في وسع شخصية قيادية توفيقية بمهارات زوما نفسه، التوصل إلى تسوية معقولة لها. وخلال مؤتمر صحفي عقده تاندي موديسي، نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني مؤخراً في جوهانسبرج، قال للحضور إنه لم تثر أي اتهامات بعد بحق ماليما، وحتى إن كانت هناك اتهامات ستوجه له فيما بعد، فهي ليست من الأمور التي تناقش مع الصحافة. وبدلاً من الاستطراد في هذا الاتجاه، أكد موديسي أن لجنة تنظيمية من الحزب سوف تتولى مهمة التحقيق فيما بدر من ماليما من سلوك، وأن هذه اللجنة هي التي ستثير أي اتهامات ربما توجه إليه. وتساءل من جانبه عن طبيعة هذه الاتهامات؟ ليتولى الإجابة عنها بنفسه بالقول: إن جميع المسائل التي نود حسمها من خلال التحقيق، لها صلة بإرساء النظام والانضباط بين أعضاء الحزب. ولذلك فإن هذه المسائل لا تناقش عادة مع الصحافة، لأنها تحسم داخليّاً وتنظيميّاً. يذكر أن زوما كان قد استغل الخطاب الأسبوعي الذي يقدمه لمواطنيه مؤخراً لتوجيه انتقادات عنيفة لسلوك ماليما، وإن لم يشر إلى اسمه مباشرة. وفي الخطاب نفسه انتقد زوما التأييد العلني الذي أبداه ماليما لموجابي. أما فيما يتعلق بتحدي ماليما لأمر صادر من المحكمة، وكذلك لتوجيه حزبي بعدم ترديد كلمات أغنية عنصرية تغنى بها مؤخراً، قيل إن مضمونها يدعو إلى قتل المزارعين البيض -وهي أغنية تعود إلى عصر النضال ضد نظام الفصل العنصري، وعنوانها "اقتلوا البوير"- فقد جاء تعليق زوما غاضباً جدّاً على هذا السلوك. ولكن من جانبه -ربما تأكيداً لاستقلالية موقفه- عقد ماليما مؤتمراً صحفياً أعلن فيه عن زيارة ينوي القيام بها إلى فنزويلا، بهدف دراسة تجربة تأميم تلك الدولة لقطاعها النفطي من النفوذ الأجنبي. وقد وافق حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على تلك الزيارة من جانبه. يذكر أن الإعلان عن هذه الزيارة قد فهم من جانب المحللين على أن ماليما لا يخوض صراعاً مكشوفاً أو مستتراً ضد زوما، أو أنه يهدد سلطته القيادية، بقدر ما يجعل منه -زوما- ظاهرة إشكالية أوسع نطاقاً في صفوف حزبه. سكوت بالدوف - جوهانسبرج ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©