السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأزمة العالمية تعيد ترتيب أسواق الديون

الأزمة العالمية تعيد ترتيب أسواق الديون
22 ابريل 2010 21:06
بدت دول العالم خلال عامي 2007 و2008 كمن ذهبوا إلى احتفال كبير أسرفوا فيه في الاستهلاك، فلما أن انتهى الحفل وحانت لحظة سداد الحساب لم يجد الكثيرون لديهم من يكفي للسداد. والواضح أن السنوات القليلة الماضية علمت قطاعات عريضة من الغربيين بعض الحقائق التي ربما كان أجدادهم يتعاملون معها باعتبارها بديهيات منها أن المنزل ليس خط ائتمان يمكن الإنفاق من قيمته وأن بطاقة الائتمان ليست هي ذاتها النقود وأنه لا يمكن تأجيل سداد الفواتير إلى الأبد؛ وربما الأسوأ هو أن الناس لم تستوعب هذه الحقائق بعد. فإذا كان المستهلكون في الولايات المتحدة وغرب اوروبا قد بدأوا التراجع عن الإفراط في استخدام بطاقات الائتمان بدون رصيد أو الحصول على قروض عقارية فإن مقترضين جددا دخلوا هذه السوق في الاقتصادات الصاعدة، كما أن الحكومات في الكثير من الدول توسعت في الاقتراض على أمل الحصول على الأموال الكافية لإنعاش الاقتصاد. وقد أظهرت الأسابيع القليلة الماضية أن هناك مستثمرين مستعدين لإقراض الدول المتعثرة ماليا مثل اليونان مادام سعر الفائدة سيكون مرتفعا وهناك فرصة لتحقيق مكاسب. باختصار فإن الدول الغنية أصبحت دولة مقترضة والدول الصاعدة أصبحت دولة مقرضة، وهذا إن كان يشير إلى شيء واحد فإنه يشير إلى أن أشياء كثيرة ستتغير في العالم في المستقبل القريب. قال دومينيك شتراوس كان رئيس صندوق النقد الدولي في كلمة له يوم 10 ابريل الحالي “التعديل المطلوب أصبح حتميا”، وأضاف “من المتوقع ارتفاع الدين العام في الاقتصادات المتقدمة بمقدار 35 نقطة مئوية ليصل إلى حوالي 110% من إجمالي الناتج المحلي عام 2014. وسيكون التصدي لهذه الزيادة تحديا كبيرا ناهيك عن خفض معدل الدين إلى مستواه قبل الأزمة بحيث يتيح مساحة مالية كافية لمواجهة أي أزمات مالية مستقبلية”؛ والحقيقة أن رأي رئيس صندوق النقد يبدو رأيا عالميا. وقال مارك أوستفالد المحلل الاقتصادي في “مونمينت سيكيوريتز” للاستشارات المالية في لندن إن “محاولة خفض الديون التي راكمناها في الوقت الذي نحاول فيه تحقيق آفاق نمو معقولة لا يسيران للأسف في مسار واحد”. وأضاف أنه إذا حاولت الدول خفض الديون فهذا يعني زيادة الضرائب وهو ما يعرقل نمو الاقتصاد. وقال “نحن راكمنا الكثير من الديون في وقت واحد، بداية على مستوى الأفراد ثم على مستوى الحكومات. وبدأنا ندرك أن كل هذا لا يمثل إضافة إلى صورة تتيح تحقيق نمو معقول إذا قللنا الاقتراض أو حاولنا ضبط الموقف المالي”. ويمكن القول إن النصيحة المثالية لاقتصادات العالم في هذه اللحظة هي أنه على الدول ذات الديون الباهظة مثل اليونان والولايات المتحدة وبريطانيا أن تتعلم كيف تعيش بمواردها الذاتية وأنه على الدول التي تمتلك كميات كبيرة من السيولة النقدية مثل الصين وألمانيا أن تتعلم كيف تستهلك بمعدلات أكبر. ففي هذه الحالة فقط عندما يتم ضخ جزء من حسابات التوفير الخاصة بالمستهلكين في الدول صاحبة الفوائض المالية إلى الأسواق يصبح هناك أمل في شراء الأصول التي تعرضها الدول المدينة وهو ما يساعدها في سداد جزء من ديونها. وعلى الأقل يمكن القول إننا أمام نظرية تقول إن علينا محاولة إقناع الأميركيين بأن ينفقوا أقل والألمان بأن يدخروا أقل، ولكن فليكس روث الباحث في مركز الدراسات السياسية الأوروبي يبدي قدراً من التشاؤم حيث يرى أنه من الصعب تغيير اتجاهات الشعوب بسهولة. ويـرى البـعض أن الأمـل يكمـن في نجـاح قـادة دول العالـم الكبـرى في التـوصـل إلى حلول للاختلالات المالية الواضحـة في العـالم قبل أن يصاب الاقتصاد العالمي بالشلل. وبعد كل ذلك تقول سوتيريا تيودوروبولو المحللة في مركز السياسة الأوروبية إنه إذا لم يتعزز تعافي الاقتصاد فإن الصادرات من الدول الصاعدة سوف تعاني أيضا. في الوقت نفسه فإن التعديلات الجارية حالياً في الولايات المتحدة واليونان وبريطانيا تشير إلى أن هناك تغييرات في الطريق، ففي تلك الدول تتغير أشياء كثيرة من إفلاس أصحاب قروض الرهن العقاري إلى خفض المعونات الحكومية. ومع ذلك فإنه من الواضح أن هناك طرقا متعددة للتعامل مع أزمة الديون، فالأرجنتين أعلنت عجزها وتوقفها عن سداد ديونها في وقت سابق من القرن الحالي؛ واليابان واحدة من أكبر الدول المدينة في العالم ولكنها تقترض من مواطنيها في الوقت الذي تمتلك فيه ثاني أكبر احتياطي نقدي في العالم وهو ما يحميها من الوقوع تحت رحمة الدائنين الأجانب. في الوقت نفسه ورغم أن هناك دولا أخرى بدأت مؤخراً إدراك مخاطر الاقتراض والإقراض فإن هناك ما يشير إلى إمكانية تكرار دورة الديون مرة أخرى. في هذه الحالة فإن الدرس الذي يجب على الجميع تعلمه هو كيفية الاستعداد لمواجهة الأزمة التالية.
المصدر: برلين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©