الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غزة.. مرة غير أولى

غزة.. مرة غير أولى
21 ابريل 2010 20:28
“هل هي المرة الاولى لك في غزة؟” عنوان ملفت ومعبر لمعرض حازم حرب، وهو المعرض الشخصي الأول له في بريطانيا، باستضافة من مؤسسة قطان الخيرية في لندن. المعرض اشتمل على تقنيات وخامات متعددة من رسم زيتي وتصوير وخامات متعددة، وتركيب (إنستليشن)، كلها تؤكد على موهبة هذا الفنان الفلسطيني الشاب، الذي يبقى خياله معلقاُ في فلسطين بينما هو يجول أوروبا يتعلم ويمّتن تقنياته، ويقدم فنّا معاصرا قريباً من المنجز الفني البصري العالمي، لكنه في الوقت نفسه يقدم صوتا فنيا تشكيليا مختلفا يلفت الانتباه الى معاناة البلاد التي جاء منها. هذا هو أول معرض منفرد لحازم حرب في بريطانيا. وهو احد من الفنانين الشباب الأكثر إثارة للاهتمام ممن برزوا من قطاع غزة في السنوات القليلة الماضية. ويعرض حرب أعماله التي تتراوح ما بين اللوحة الكبيرة والتصوير الرقمي، وفن الفيديو والتركيب. وقد اشتغل في اعماله على عدد من الثيمات المختلفة، واحدة منها هي نقطة التفتيش والمعاناة التي يتعرض لها المسافر الفلسطيني على بوابات الحدود المنفتحة على اسرائيل والحرس الاسرائيلي. وهو عمل محسوب على فن الفيديو، حيث يتابع المتفرج الاحداث من خلف خلفية ثابتة بقضبان يتحرك خلفها من غير ملامح واضحة، من يفترض انهم الحرس والمسافرون الفلسطينيون. من هنا فان الصوت يوازي الصورة في القوة في الفيديو المعروض، صوت أختام وفتح وإغلاق بوابة الحدود، وأصوات الجنود الاسرائيليين تستجوب الفلسطينيين. لكنها حوارات مختصرة، سريعة، وموحية. واستطيع أن أقول إن المقطع الفني هذا هو من أقوى فنون الفيديو اقناعا لي، من مجمل ما شاهدته من هذا الفن في مدينة لندن. ولد حازم حرب عام 1980 في مدينة غزة في فلسطين. وهو شغوف بالتجريب والمعرفة الجديدة. انتقل إلى أوروبا في عام 2005 ، حيث عاش وعمل في المدن المختلفة حتى الآن. درس الفن أساساُ بين فلسطين حيث حصل على منحة من مؤسسة عبدالمحسن قطان الخيرية، وروما حيث درس في أكاديمية الفنون الجميلة وتخرج من المعهد الأوروبي للفنون البصرية. عرض أعماله في أماكن مختلفة بين العالم العربي وأوروبا. في روما، قدم اعماله في المتحف الوطني “لويجي بيوريني”، وفي المتحف الوطني لفنون الخط وعلاوة على ذلك في باريس، لندن، وميونيخ، الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، وكوريا الجنوبية. حاز على العديد من الجوائز تضتفة الى منح فنان مقيم، في فلسطين وإيطاليا وفرنسا. برع في الرسم والتصوير وفن التركيب والفيديو آرت. وعمله يميز نفسه من خلال مجموعة واسعة من المفاهيم التي تتناول موضوع الحرب والفقد، وفقدان الاستقرار، الصدمة، والضعف الانساني، وعدم الاستقرار العالمي. مستخدما كل ما قدمته وسائط الفن المتعددة والأدوات الفنية التي يمتلكها. معرض “هل هي المرة الاولى لك في غزة؟” اشتمل على 32 عملا فنيا قسم بعضها على مجموعات، من بينها المجموعة التي حملت الاسم نفسه وهي مجموعة صور رقمية مستمدة من التشرد والهجرة والتنقل الدائم، وبطلها الاساسي حقيبة سفر، اضافة الى مقطع الفيديو السالف الذكر ومدته دقيقتان. وهناك ست لوحات باسم “بدون عنوان” وهي مواد مختلفة منفذة على الورق. ومجموعة “رقصة الهروب” المنفذة بمواد مختلفة على قماش كنفاه، وتتألف من اربعة أعمال تعكس صدى الحرب الإسرائيلية على غزة بداية العام الماضي. وأخيرا، مجموعتي “المساحات الفارغة” و”عوامل التعرية”، وهي منفذة بطريقة (التصوير الرقمي)، فضلا عن عدد من اللوحات كبيرة. حازم حرب بذلك فنان شديد المعاصرة، بمعنى الخامات والمواد المتنوعة التي يستخدمها، وفي سياق المعاناة الانسانية في وطنه المحتل، خالقاً لغة تشكيلية جديدة توازي لغة القهر والألم ولغة الحرب. وهي لغة تخلصت من المباشر والفج، وقدمت جمالية غريبة من نوعها، دراما تنهل من وجع الحروب اليومية، من الخسارات وفقدان الأمل، وجوه واعضاء غير واضحة وسلالم مكسورة، وألوان مدروسة وخطوط حادة توصل كل ذلك للمتلقي. أية لغة تؤثر في العالم المشبع بالصور المباشرة التي تبث عبر التلفزيونات وتنشر في الصحف. يقول في حوار سابق مع مراسل البي بي سي في غزة عام 2004، أنه قرر أن يرى العالم ان هناك ثقافة فلسطينية وإبداع فلسطيني، كأنه أراد ان يقول ان الفلسطينيين ليسوا محاربين فقط كما تصورهم وسائل الاعلام، من غير أن ينسى حقيقة أن “كونك فلسطيني، يعني أنك جزء من الصراع”. وها هو يثبت للعالم المتابع لما يجري في غزة وفلسطين عموما، أن للفلسطيني وجهاً ابداعياً يمكن ان يسهم في الاضافة الى الموروث العالمي. حازم حرب سيكون في المستقبل القريب صوتا إبداعياً ملفتاً، يقترن حضوره بحضور بلاده التي لديها الكثير لتقدمه للعالم، أكثر من كونها مجرد ضحية احتلال يحاول ان يطمس هويتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©