الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

زاكري

20 ابريل 2010 21:19
عندما نتعب من العمل وكثرة المراجعين والأوراق التي تذهب وتعود للتوقيع أو الختم والجلوس طويلاً خلف المكاتب، نأخذ فترة استراحة بالمرور على مطبخ العمل وغرفة الفراشين الذين يتناوبون الخدمة. ابراهيم زاكري ذاكرة طويلة في الخدمة، داخل هذه الدائرة وخارجها رجل نحيف مرح وصبور على قلة الراتب وتعب العمل، صاحب تجارب وحكايات لا تتعدى الأشغال اليدوية والعمل في صفوف عدة من المهن، في “مكران” كان فلاح ومزارع نخيل، يقول إن أطول نخلة هناك يستطيع أن يصعدها في زمن قياسي. يعرف أصول الزراعة والري وتنبيت النخيل، يذكر حكايات كثيرة عن “بلوش مكران”، دائماً معتز بمنطقته وأهلها، يحب “ميناو” كثيراً أيضاً. هذا الرجل الطيب الودود، دائماً ما يخدم بفرح وسرور، رجل قانع برزقه، محبوب من الجميع، لأنه رجل مؤدب وصادق وأمين، يثرثر كثيراً ولا يقطع حديثه غير السعلات المتلاحقة والتي تأتي بعد كل نفس من “القدو” الذي لا يفارقه أبداً، عندما يبتسم يلمع ضرسه الذهبي. يقول إنه يعرف الساحل منذ زمن طويل، فقد تنقل من دبي إلى رأس الخيمة وخورفكان وكلباء ومناطق عديدة على مستوى الإمارات. عمل في مواقع كثيرة، يقول: “أينما يذهب البناء فإنه يجد فرصة عمل هناك”. يعتز بأنه أقوى ضارب طابوق وأنه رافق ماكينة صناعة الطابوق القديمة طويلاً. في الزمن الماضي عندما يحل المساء يفترش أوراق أكياس الاسمنت ويدير مؤشر المذياع الصغير نحو اذاعة بندر عباس والأهواز ويغني خلف الأغاني الحزينة. يقول إن المذياع قديماً له ساعات بث محددة وأيضاً ساعات نهاية البرامج، عندما تبدأ دقات النهاية المعروفة (دق.. دق.. دق) وكأنها علامة مميزة وحصرية على تلك الاذاعة، حيث يذهب عندها إلى النوم. يقدم حكاياته بتفصيل عجيب ينقل لمحدثه تفاصيل التفاصيل، يرفض أن ضرب الطابوق عمل شاق، ويرد بحدة عيب أن يقول الرجل عن أي عمل شاق، الرجال خلقوا للعمل وليس للراحة. “لو كنت شاباً لعملت في مكان آخر” ولكنه يستدرك، “لقد تغيرت الحياة وكثرت الفرص وأصبح الآن العمل كثيرا ومتوفر لأي شخص. قديماً الأعمال محدودة ومن المعيب أن يجلس الرجل وينتظر أن يأتيه العمل، أغيب عن “مكران” عام أو أكثر ثم أزورها في إجازة لا تتعدى الشهرين، وأرجع إلى الساحل لكسب الرزق”. لا ينسى زاكري حكاية الإيراني الأحمر الذي أخذ يتبع العمال أين ما ذهبوا، يقول إنه الوحيد الذي يمضي وقته في الكتابة المستمرة ويمارس رياضة الجري ورفع الأثقال والاستماع طوال الليل للمذياع. في إجازة زاكري السنوية (تدثر) بقمصان كثيرة وأكثر من جاكيت و”كوت” وجوارب عدة، بالاضافة إلى أغراض كثيرة خبأها في معطفه وحقائبه. وكان يؤمل النفس بأن يعبر الجمارك دون أن يفطن له المفتشون، يقول زاكري، إن حيلته لم تمر على الشرطة المسؤولة هناك، وأخذوه إلى التوقيف، وقبل أن يقفل عليه الباب الحديدي، كان الله إلى جانبه، ووجهاً لوجه فاجأه الضابط الأحمر، زاكري، زاكري أي صدفة هذه، سلم عليه بحرارة وأمر بأن يُخلى سبيله، ثم قال له: ابراهيم زاكري، وحدك كنت صافياً وصادقاً، ولم يجندك جماعة “حزب تودة”. قال ذلك زاكري وهو ينظر شمالاً وجنوباً. إبراهيم مبارك Ibrahim_Mubarak@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©