صلح الدوحة ينزع فتيل أزمة لبنان باتفاق شامل

نجحت الدبلوماسية العربية أمس في انتزاع اتفاق لبناني شامل لإنهاء الأزمة السياسية بعد 6 أيام من الحوار بين قادة الأكثرية والمعارضة في الدوحة شهد الكثير من الشد والجذب وكان مهدداً بالفشل لمرات لولا تدخل القيادة القطرية رئيس اللجنة العربية مباشرة وإنقاذه وصولا الى إعلان النتائج التي فتحت الطريق أمام بداية تطوي معها صفحة 18 شهراً من الخلافات التي كادت تدفع لبنان الى حرب أهلية جديدة لا سيما بعد أحداث السابع من مايو· وقال أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بعد إعلان الاتفاق إن بلاده لم يكن يخالجها شك حين دعت الى هذا الحوار اللبناني اللبناني في الدوحة إنه واصل إلى نجاح''· وأضاف: ''كنا نثق أن شعوب الأمة حين تواجه لحظات الفصل والمصير وحين تملك الفرصة لحوار حر ونزيه فإن اختيارها يكون الأقرب للصواب خصوصاً اذا كان الأقرب الى الأمان ويشرفني أن أعلن أن الحوار نجح لأن القيادات احتكمت إلى الضمير تأكيداً لحق الشعب ووفاء بعهدهم أمام الأمة والتاريخ مدركين أن هناك حلا واحداً حتى يخرج ذلك الوطن من دائرة الصدام الدموي إلى الساحة الرحبة للتوافق الحر''، وتابع قائلا: ''أريد أن أطمئن شعب لبنان حيث خرجت جموع تخاطب الآتين ألا يعودوا إلا بعد أن يتفقوا وها هم قد اتفقوا وفي طريق العودة''· وكان رئيس اللجنة العربية رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أعلن خلال الجلسة الختامية للمؤتمر توصل فرقاء الأكثرية والمعارضة الى اتفاق يشمل تشكيل حكومة وحدة وقانون انتخابات جديد وانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، كما يؤكد الاتفاق على حظر اللجوء الى استخدام السلاح أو العنف او الاحتكام إليه فيما قد يطرأ من خلافات تحت أي ظرف كان، وانطلاق الحوار حول تعزيز سلطات الدولة اللبنانية على كافة أراضيها على أن يستأنف برئاسة رئيس الجمهورية وبمشاركة الجامعة العربية· وأعرب حمد بن جاسم عن الأمل في البدء بتنفيذ الاتفاق فوراً للحفاظ على أمن لبنان واستقراره وتقدم شعبه، وقال إن جميع المشاركين أكدوا حرصهم على انقاذ لبنان والخروج من الأزمة السياسية وتداعياتها الخطيرة على صيغة العيش المشترك والسلم الأهلي والتزامهم بمبادئ الدستور واتفاق الطائف· ووصف الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ما حدث بأنه تاريخي، وقال: ''إنه يوم صلح الدوحة حيث وقع الكل وتراضى الجميع على وثيقة تعيد إطلاق لبنان حيث يحتفل به العرب وأهنئ أطراف المعادلة الذين توصلوا بتراض كامل وبعد عمل مضن إلى اتفاق يضمن العيش المشترك والسلم الأهلي ويطلق العمل السياسي نحو إقرار الصيغة المثلى التي تعايش بها جميع اللبنانيين''، وأضاف :''هذه هي المبادرة العربية واليوم يبدأ تنفيذها وأؤكد أننا وصلنا إلى صيغة لا غالب ولا مغلوب وهذا شيء مهم وأثبتنا أن هذه الصيغة التاريخية هي الوحيدة التي يمكن أن تصل بنا إلى بر الأمان وأن المجلس الوزاري العربي الذي اختار اللجنة أثبت أن العمل العربي المشترك فاعل وناجح''· وقال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري باسم المعارضة '' 10452 كلم مربع لم تتسع لجمعنا وفعلت ذلك طائرة قطرية وفندق في الدوحة قائم على بحر يعيدنا إلى بحر وحدتنا وعنفواننا فشكراً لقطر ولأميرها ولرئيس وزرائها من اجترح المعجزة مرة أخرى، وهدية لاتفاق الدوحة أعلن رفع الاعتصام في وسط بيروت''، وختم قائلا ''فعلا أول الغيث قطرة فكيف إذا كان قطر''· وقال رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة في كلمته إن حوار الدوحة خطوة أساسية هامة على طريق التعامل فيما بين اللبنانيين لمعالجة المشكلات خصوصاً بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها، ووصف الاتفاق بأنه ''استثنائي في مرحلة استثنائية اقتضتها ظروف استثنائية''، ودعا الجامعة العربية لإكمال دورها في رعاية الحوار الوطني وتصويب العلاقات بين لبنان وسوريا حتى تتعزز بين شقيقين جارين يربطهما تاريخ وحاضر ومصالح مشتركة ومستقبل، وأضاف ''لا شك أن ما جرى أمر كبير علينا أن نستخلص منه الدروس والعبر، وأن ننبذ العنف ونتعاهد الا نحتكم اطلاقا للسلاح لحل أي خلاف فالاختلافات يجب أن تكون مصدر ثروة وغنى لأنها تعكس التنوع في صيغة لبنان الحقيقية''، وشدد على التمسك باتفاق الطائف واحترام الدستور وقواعد العمل الديمقراطي وقيم ومبادئ الديمقراطية الضمانة لحرية اللبنانيين ومستقبلهم، وختم قائلا ''هذه وصيتنا لا تخوين، لا شيطنة نحن نعيش سوية وسنظل''· وأشار السنيورة في تصريحات أخرى لوكالة الأنباء الألمانية الى إن حكومته ستستقيل بمجرد انتخاب رئيس للجمهورية في البرلمان طبقاً للدستور، وأعرب عن أسفه لسقوط قتلى وجرحى في الاشتباكات التي شهدتها البلاد مؤخراً وقال إنه يأمل ألا يتكرر هذا الدرس· وأشار رئيس كتلة ''حزب الله'' النائب محمد رعد إلى أن الاتفاق ربما لم يعط كل طرف ما كان يريده بالكامل لكن التنازلات التي قدمت جرت من أجل صالح لبنان، مشدداً على أن الاتفاق سيساعد على تعزيز التعايش السلمي وبناء الدولة، وقال وزير الاتصالات مروان حمادة إنه لا يوجد خاسر في ما تم التوصل إليه من اتفاق لأن لبنان هو الفائز· وقال مساعد وزير الخارجية القطري محمد الرميحي إن هذا النجاح سببه الديناميكية والحياد الإيجابي واستقلالية القرار الذي تتمتع به قطر، مشيراً الى أن النجاح هو عربي ايضا اذ انه يأتي تحت مظلة الجامعة العربية، وأضاف إنه كان هناك تنسيق قطري سعودي طيلة الأيام الأخيرة داخل الحوار وخارجه''· وقالت مصادر قطرية إن حمد بن جاسم الذي أعلن الاتفاق في الدوحة سيحضر انتخاب البرلمان اللبناني لسليمان رئيساً يوم الأحد المقبل، وأوضحت المصادر ان الجلسة سيحضرها ايضا كبار الشخصيات الأخرى · تدخل حاسم لأمير قطر الدوحة (د ب ا) - قال نائب رئيس الوزراء القطري وزير الطاقة والصناعة عبد الله بن حمد العطية الذي كان أحد أهم الوسطاء بين الزعماء اللبنانيين المتحاورين في الدوحة إن التدخل الحاسم لأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لعب الدور الحاسم وخاصة في اللحظات الأخيرة التي سبقت التوصل إلى اتفاق الدوحة عندما كان الكل متشائماً من إمكانية التوصل لاتفاق· وأضاف في تصريحات لـ''وكالة الأنباء الألمانية'' أن ذلك التدخل الحاسم هو الذي أنقذ الاتفاق من الفشل· الحريري: صفحة جديدة الدوحة (ا ف ب) - أعلن زعيم الأكثرية النيابية اللبنانية رئيس ''تيار المستقبل'' النائب سعد الحريري امس أن الاتفاق الذي تم توقيعه بين الفرقاء اللبنانيين في الدوحة فتح صفحة جديدة رغم الجراح العميقة· وقال في تصريح ''لقد فتح هذا الاتفاق صفحة جديدة يجب أن تبدأ بالمصالحة''، وأضاف ''الجراح عميقة ونأمل أن تندمل ونتعامل معها بمسؤولية ووطنية'' (في إشارة الى الأحداث التي وقعت في بيروت عندما سيطرت المعارضة عسكرياً على غرب العاصمة)· وأعرب الحريري عن أمله أن ينهض لبنان ويعيش اللبنانيون مع بعض في سلام، واضاف ''نحن مستعدون للتضحية حتى نعيش معاً وما جرى لا يجب أن يتكرر''· عون: لبنان هو المنتصر الدوحة (ا ف ب) - اعتبر القيادي في المعارضة اللبنانية النائب العماد ميشال عون أن لبنان هو المنتصر'' في اتفاق الدوحة· وأضاف في تصريح صحفي ''انها مناسبة سعيدة لكل اللبنانيين والمنتصر هو لبنان وجميع الأطراف الذين عملوا على التوصل الى هذا الاتفاق''· وأضاف ''هنيئاً للبنانيين لم نخيب آمالهم كانوا يطالبوننا بالاتفاق وقد حققناه''· وقال العماد عون حول مناقشات تقسيم الدوائر الانتخابية في بيروت ''لقد أخذنا هواجس الطرف الآخر بعين الاعتبار والطرف الآخر أخذ هواجسنا بعين الاعتبار''· جعجع: نقطة انطلاق جيدة الدوحة (ا ف ب) - وصف رئيس حزب ''القوات اللبنانية'' سمير جعجع اتفاق الدوحة الذي أعلن امس بأنه نقطة انطلاق جيدة· وقال ''نأمل أن يكون جميع الفرقاء جاهزين لتحمل المسؤولية''· وأضاف تعليقاً على ما اذا كان هناك من رابح وخاسر ''أن أي تسوية لا تجسد أحلام الجميع·· صحيح الاتفاق لا يجسد كل تطلعاتنا وأحلامنا، لكن أعتبره وبغض النظر عن التفاصيل إنجازاً كبيراً· وأضاف ''أن الأحداث التي شهدها لبنان مؤخراً اتخذت منحى خطيراً جداً والنقطة الاساسية بالاتفاق أنه يأخذ الأمور باتجاه مختلف تماماً''· ودعا الجميع الى العمل من اجل بناء دولة لبنانية تملك قرار الحرب والسلم وقادرة على توفير الأمن لجميع اللبنانيين· خطوات عاجلة بيروت (رويترز)- فيما يلي أبرز الخطوات العاجلة في الاتفاق : 1- إزالة المعارضة الاعتصام الذي شل منطقة وسط بيروت التجاري منذ ديسمبر عام 2006 · 2- يجتمع النواب في البرلمان لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً الأحد المقبل · 3- يجري سليمان مشاورات نيابية ملزمة لانتخاب رئيس وزراء جديد الذي ينبغي أن يكون من السنة وعلى الرئيس أن يعين رئيس الوزراء الذي يختاره أغلبية النواب، ويعتبر زعيم الأكثرية النائب سعد الحريري أبرز المرشحين لهذا المنصب· 4- يجري رئيس الوزراء المكلف مشاورات غير ملزمة مع أعضاء البرلمان حول حكومته· 5- تضع الحكومة الجديدة البيان الوزاري خلال أيام من توليها مهامها، على أن تقرأ هذا البيان أمام البرلمان لنيل ثقته· 6- يعمد العماد سليمان بعد انتخابه وتشكيل حكومة الوحدة إلى إطلاق حوار برعايته حول تعزيز سلطات الدولة اللبنانية على كافة أراضيها وعلاقتها مع مختلف التنظيمات على الساحة اللبنانية · خلافات مؤجلة الدوحة (رويترز) - توصل الزعماء اللبنانيون امس الى اتفاق حول الحكومة وقانون الانتخابات البرلمانية في 2009 ينهي الأزمة السياسية· لكن مع ذلك يبقى هناك بعض الخلافات العالقة: 1- سلاح ''حزب الله'' والقرار الدولي 1559: تقع ترسانة الحزب في صلب الأزمة السياسية اللبنانية· وصعد دحر الحزب عسكرياً لخصومه في الأكثرية هذا الشهر من الدعوات لوضع نهاية لسلاحه· وحسب اتفاق الوساطة فإن هذه القضية ستكون محور مناقشة بين الزعماء اللبنانيين في حوار يرعاه الرئيس الجديد· 2- العلاقات مع سوريا: يواجه الرئيس اللبناني الجديد والحكومة تحدي تحسين العلاقات مع دمشق والتي رأت أن الحكومة السابقة كانت عدائية· 3- الأمن: كافحت القوى الأمنية اللبنانية للسيطرة على الأمن منذ انسحاب سوريا عام ،2005 حيث وقعت عشرة اغتيالات وعدد من الهجمات اضافة الى معارك مع جماعة ''فتح الإسلام'' في شمال لبنان· وسحق الجيش اللبناني الجماعة في مخيم نهر البارد للاجئين في معارك أسفرت عن مقتل 169 جندياً· 4- قرار مجلس الأمن 1701: صدر في 11 اغسطس 2006 لإنهاء 34 يوماً من الحرب بين ''حزب الله'' وإسرائيل· وأسفر القرار عن نشر نحو 15 الف جندي لبناني والآلاف من قوات حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان · 5- المحكمة الدولية الخاصة بالحريري: تشكل الأمم المتحدة محكمة دولية لمحاكمة المشتبه بهم في مقتل الحريري في 14 فبراير 2005 وهجمات اخرى طالت شخصيات مناهضة لسوريا في لبنان· وصوت مجلس الأمن في مايو 2007 على تشكيل المحكمة· ولم تقر الدولة اللبنانية خطط المحكمة التي تعتبر واحدة من القضايا الخلافية بين الأكثرية والمعارضة· 6- الاقتصاد: أثرت الأزمة السياسية والاغتيالات والمعارك في مخيم نهر البارد و34 يوماً من القتال مع اسرائيل على الاقتصاد المثقل بالديون والذي لم يتقدم في عام 2006 ولكنه سجل نمواً بحوالي 4% في العام ·2007