الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليمن وأميركا··· دروس من تفجير كول

اليمن وأميركا··· دروس من تفجير كول
21 مايو 2008 02:36
بعد سبع سنوات على اعتراف اثنين من إرهابيي ''القاعدة'' 'بمشاركتهما الكبيرة في تفجير المدمرة الأميركية ''يو إس إس كول''، وبعد ثلاث سنوات على إدانتهما في محكمة يمنية -حيث حُكم على البدوي بعقوبة الإعدام- باتـــا اليــوم، إلى جانــب إرهابيين كثيرين مــن ''القاعدة''، أحرارا طلقاء، فعندما سافرت إلى اليمن في الثاني عشر من أكتوبر 2000 لأقود تحقيق ''مكتب التحقيقات الفدرالي'' في الهجوم، لم أكن أعرف أنني لن أجد التعاون المطلوب معنا في البدايـــة، مثلما لم أكن أتخيل مدى انفصال السفيرة الأميركية حينها في اليمن ''باربارا بودين'' عن الواقع· لقد ترددت كثيرا من قبل في الكتابة عن الخلاف بين ''بودين'' وقائد قسم محاربة الإرهاب في مكتب التحقيقات ''جون أونيل''، ولكنني أجد نفسي مضطرا اليوم للرد على تصريحات ''بودين'' الأخيرة، التي تسيء إلى جهود الكثير من عملاء محاربة الإرهاب المتفانين، وتصرف الانتباه عن مشكلة الإرهاب في اليمن، ''حليفنا'' في ''الحرب على الإرهاب''· فقد ألقى تقرير حديث نشرته صحيفة ''واشنطن بوست'' حول سماح اليمن لبعض نشطاء ''القاعدة'' باستعادة حريتهم بعض الضوء على التحديات التي يواجهها المكتب، لكن اللافت في التصريحات التي نقلها المقال عن ''بودين''، هو أنها لم تقم بحث الحكومة اليمنية على توقيف الإرهابيين مجددا، وإنما عمدت بدلا من ذلك إلى تشويه سمعة العملاء الذين حققوا في الهجوم، وعابت على الـ''إف· بي· آي'' بطأه في الوثوق في السلطات اليمنية، قائلة: إن العملاء ''كانوا يتعاملون مع بيروقراطية وثقافة لا يفهمونهما''· والحال أن فريقنا كان يضم عددا من العملاء العرب الأميركيين الذين يفهمون الثقافة والمنطقة، وحتى في حالة العكس، فإن مثل هذه التصريحات لم تكن في محلها، وعلى أي، فإن مكتب التحقيقات لم يغادر اليمن إلا بعد أن أدخل الإرهابيون السجن، صحيح أننا لم نثق في بعض المسؤولين اليمنيين، غير أنه كانت لنا أسبابنا الخاصة، فعندما وصل رجال الـ''إف· بي· آي'' إلى اليمن، حاول بعض اليمنيين إقناعنا بأن الانفجار إنما حدث بسبب خلل في أنظمة التشغيل بالسفينة· وبعد أن أخذنا ممثلي عدد من الأجهزة الأمنية على متن السفينة ''كول''، وأثبتنا لهم أن الانفجار إنما حدث جراء هجوم خارجي، قال بعض المسؤولين اليمنيين إن المنفذين قُتلوا في الهجـــوم، وإنه لا يوجــد ما يدعـــو لمواصلة التحقيق· كما واجهنا تهديدات دائمة لم يكن مصدرها الإرهابيون فحسب، فقد دعا أعضاء من البرلمان اليمني، في خطابات نارية بثت على التلفزيون الوطني، إلى ''الجهاد'' ضدنا، وتعرض الفندق الذي كنا نقيم فيه لإطلاق النار، وتلقى تهديدا واحدا على الأقل بالتفجير، مما دفعنا إلى إخلاء المكان· وبدلا من مساعدتنا، أعلنت ''بودين'' أن ''جون أونيل'' -وهو رجل يحظى بتقدير واحترام نظرائه اليمنيين- ''شخصا غير مرغوب فيه''، والواقع أن العديد من المسؤولين الأميركيين في اليمن، ومن أعضاء في فريق ''بودين'' كانوا يشاركوننا إحباطنا وخيبة أملنا، بل إن حتى ضحايا الهجوم الذي استهدف ''كول'' لم يسلموا من الإهانة، فلن أنسى أبدا ما قاله لي أحد البحارة من أن ''بودين'' زارت السفينة بعيد الهجوم وتصرفت ''كما لو أننا تسببنا في الإزعاج لبلدها''· وقد كانت لدينا أسباب أخرى لنكون متشككين، فقد أصدرت وزارة الخارجية مثلا ملصقا يعرض مكافأة مقابل معلومات بخصوص التفجير، غير أنه بعــــد ترجمـــــة الملصـــق إلى اللغة العربية، كان ينتهي بتحذير من مغبة مساعدتنا، فهل كان ذلك خطأ أم تدخلا مدروسا؟ في نهاية المطاف، تعاون مسؤولون يمنيون كثيرون معنا، وطورنا شراكات تقوم على الاحترام والتفاهم المتبادل، بفضل تفاني العملاء في الميدان· وباستعمال الحمض النووي، اكتشفنا في الأخير هويات منفذي الهجوم، ومن خلال طرق أخرى من البحث الجنائي، تمكنا من تحديد هوية مزيد من الإرهابيين وتعقبهم ومحاكمتهم في محاكم يمنيـــة، وعبر التعـــاون والعمل المشترك، تمكنا من إحباط مزيد من المخططات الإرهابية وحماية المصالح الأميركيــــة· وقد حالفنا النجــــاح في ذلــــك، وبالتالـــي، فلا يمكـــن تحميل الـ''إف· بي· آي'' مسؤولية الإفراج عن أعضاء ''القاعدة''· لقد زار مدير مكتب التحقيقات ''روبرت مويلر'' اليمن الشهر الماضي حيث طالب بمحاسبة الإرهابيين عن جرائمهم، غير أنه من الصعب لليد الواحدة أن تصفق، إذ يتعين على الحكومة الأميركية أن تضع استراتيجية منسقة بخصوص اليمن· وسيكون من المستحيل التغلب على ''القاعدة'' إذا كان ''حلفاؤنا'' يطلقون سراح المدانين بقتل مواطنين أميركيين والمخططين للعمليات الإرهابية في وقت يتلقون فيه المساعدات المالية الأميركية· لا بد من طمأنة عائلات ضحايا تفجير ''يو إس إس كول''، وجميع الأميركيين الذين يريدون تطبيق العدالة على الإرهابيين، أن الأمر لم ينته، فالعديد من العملاء لن يهدأ لهم بال حتى تأخذ العدالة مجراها، ولحسن الحظ أن جهودهم تلقى دعما غير مشروط من ''مويلر''، في الـ''إف· بي· آي''، نعتقد أن الإخلاص لشجاعة أبطالنا الذين سقطوا هي مثال النزاهة والوطنية الحقة· علي إتش· سوفان عميل خاص في مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي من 1997 إلى 2005 ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©