الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السوق الصيني... مصدر إنعاش للاقتصاد الأميركي

18 ابريل 2010 21:18
في خطوة حكيمة، قررت وزارة الخزينة الأميركية إرجاء صدور تقريرها نصف السنوي حول معدلات الصرف العالمية إلى موعد لاحق، حتى تنتصر العقول الرشيدة قبل أن نقع في حرب تجارية مع الصين. التقرير الذي يفرضه الكونجرس يبحث معدلات الصرف ومؤشرات أخرى للاقتصاد العالمي، ويحدد ما إن كان أي شركاء تجاريين للولايات المتحدة متورطين في "التلاعب بالعملة". غير أن وزير الخزانة الأميركي أعلن هذا الشهر أنه سيرجئ إصدار التقرير، الذي كان مقرراً في الخامس عشر من أبريل الجاري من أجل منح مزيد من الوقت للتفاوض مع كبار المسؤولين الصينيين. ولكن اجتماع أوباما مع الرئيس الصيني في واشنطن هذا الأسبوع لم يحقق أي اختراق، وإنْ رفع التوقعات بشأن سماح الصين لعملتها بأن تستأنف الارتفاع قريباً. من بين الأشخاص الأقل عقلانية أعضاء الكونجرس الـ130 الذين وجهوا رسالة إلى وزير الخزانة الشهر الماضي يطالبون فيها باتخاذ إجراءات صارمة ضد الصين، مجادلين بأن بكين تتعمد خفض قيمة عملتها من أجل الترويج لبضائعها في الأسواق الأخرى وخفض الصادرات إلى الصين. ومن بين محرري الرسالة النائب مايكل ميشود (الديمقراطي عن ولاية ماين)، الذي قال في بيان صحفي إن "تلاعب الصين بقيمة عملتها... يشكل عقبة تجارية لا يمكن التغلب عليها بالنسبة للمصنِّعين الأميركيين"، الذين يحاولون التصدير إلى الصين. كما يزعم نص الرسالة أن "صادرات الولايات المتحدة إلى (الصين) لا يمكنها أن تتنافس مع نظيراتها الصينية". "لا يمكن التغلب عليها؟" "لا يمكنها أن تتنافس؟" محض هراء. فالحقيقة هي أن الصين، وبغض النظر عن نظام عملتها، تعتبر أكثر سوق كبيرة جاذبية للصادرات الأميركية خلال العقد الأخير؛ ذلك أنه منذ بدأت الصين رفع قيمة عملتها تدريجياً قبل خمس سنوات، ارتفعت صادرات الولايات المتحدة إلى العملاق الآسيوي بـ69 في المئة، حسب وزارة التجارة الأميركية، مقارنة مع ارتفاع أكثر بطئاً بكثير هو 19 في المئة في الصادرات إلى بقية العالم. كما ارتفعت الصادرات الأميركية من المنتجات المصنَّعة بـ47 في المئة خلال الفترة نفسها، مقارنة مع ارتفاع ضعيف بلغ 7 في المئة إلى بقية العالم. على أن الصين شكلت لوحدها نصف الارتفاع - من حيث الدولار - في صادرات "السلع المعمرة"، وفي مقدمتها الطائرات المدنية وأشباه الموصلات والآلات الصناعية. وعلاوة على ذلك، فإن المزارعين الأميركيين يحققون نجاحاً كبيراً في السوق الصينية. ذلك أنه منذ 2005، ازداد حجم الصادرات الزراعية الأميركية إلى الصين بأكثر من الضعف، حيث ارتفع من 5.7 مليار دولار إلى 13.8 مليار دولار؛ حيث تنمو الصادرات الزراعية إلى الصين بوتيرة أسرع بثلاث مرات مقارنة مع الصادرات الزراعية إلى بلدان أخرى. وعلى سبيل المثال، فإن الصين اليوم تشتري أكثر من نصف صادرات حبوب الصويا الأميركية. ولو أن الصادرات الأميركية من السلع والخدمات سجلت في بقية العالم معدل النمو نفسه الذي عرفته في الصين منذ 2005، لكانت الصادرات الأميركية قد ارتفعت بـ600 مليار دولار إضافية خلال هذه الفترة. والواقع أن الإقبال الصيني على الصادرات الأميركية كان قوياً حتى قبل أن تقوم برفع عملتها تدريجياً اعتباراً من 2005. فمن 2001 إلى 2005، عندما كانت قيمة العملة الصينية أكثر انخفاضاً مما هي عليه اليوم، ازدادت الصادرات الأميركية إلى الصين بأكثر من الضعف؛ وعرفت حصة الصادرات الأميركية إلى الصين ارتفاعاً مضطرداً، حيث انتقلت من 2.7 في المئة في 2001 إلى 6.6 في المئة في 2009. ومن العوامل الأخرى التي تصب في مصلحة المُصدرين الأميركيين الانفتاح المستمر للصين في إطار شروط انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية. وفي هذا الإطار، يفيد مكتب ممثل التجارة الأميركية بأن متوسط التعرفة الجمركية الأساسية التي تفرضها الصين على السلع التي تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للمُصدرين الأميركيين انخفض من 25 في المئة في 1997 إلى 7 في المئة في 2006. إن الدافع الحقيقي للشكاوى بشأن نظام العملة الصينية ليس تشجيع الصادرات، وإنما إضعاف الواردات، ذلك أن ما يزعج المنتقدين في الحقيقة هو الصعود السريع للواردات الصينية إلى الولايات المتحدة. والحال أن من شأن فرض تعرفات جمركية على تلك الواردات أن يفيد شريحة صغيرة من القطاع الصناعي الأميركي، ولكنه سيكون مكلفاً جداً بالنسبة لعشرات الملايين من العائلات الأميركية، وذلك لأن فرض تعرفة شاملة على الواردات الصينية سيكون بمثابة ضريبة على أحذية وملابس العائلات الأميركية الفقيرة والمتوسطة وسيقضم جزءا معتبراً من ميزانياتها. كما أن من شأنه أن يجعل المنتجات التي تصمم في الولايات المتحدة وتُجمَّع في الصين، مثل هواتف "آي فون" والحواسيب المحمولة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، أغلى وفي غير متناول الكثيرين. وعليه، فإذا كانت إدارة أوباما تطمح إلى مضاعفة الصادرات الأميركية خلال السنوات الخمس المقبلة، مثلما أعلن الرئيس في خطابه حول "حالة الاتحاد"، فيجدر بها أن تشيد بتفتح شهية الصين للسلع والخدمات الأميركية، لا أن تهددها بعقوبات تجارية. فأي شركة تأمل في مضاعفة مبيعاتها خلال السنوات الخمس المقبلة ستكون مجنونة لتشعل حرباً غير ضرورية مع واحد من أفضل زبائنها. دانييل كريسوولد مدير مركز دراسات السياسات التجارية بمعهد «كاتو» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم .سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©