الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشركات الوهمية في أبوظبي

19 مايو 2008 00:39
شغلت عودة ظاهرة المحافظ الوهمية إلى الإمارات أوساطاً رسمية وشعبية واسعة في الإمارات خلال الأيام الماضية لما انطوت عليه من إثارة وما ترتب عليها من خسائر لمدخرات عدد كبير من المواطنين والمقيمين، بعد أن تمكن أحد ''مديري'' تلك المحافظ من جمع مبالغ ضخمة خلال فترة قصيرة من أعداد كبيرة من ''المستثمرين'' بحجة توظيفها وتحقيق عوائد مجزية· وبقدر ما أثارت عودة المحافظ الوهمية إلى الظهور في قطاع المال بالإمارات من استغراب ودهشة كبيرين، إلا أنها ألقت الأضواء على مؤشرات عديدة يمكن من خلال الوقوف عليها واستقاء دروس مهمة تتعلق بواقع القطاع المالي في أبوظبي ودولة الإمارات بشكل عام وإمكانية بل وضرورة إحداث تغييرات في آليات هذا القطاع بما يعزز من دوره في النشاط الاقتصادي التنموي ويضمن حقوق الممولين ومصالحهم بغية استقطاب أكبر قدر ممكن من المدخرات في تمويل التنمية الاقتصادية وتنويعها· أول هذه المؤشرات الفائض النقدي، حيث إن الأفراد لديهم فوائض من السيولة النقدية بانتظار الاستثمار في مجالات منتجة ومضمونة ويتعين بالسلطات النقدية والمالية العمل على امتصاصها عبر مختلف الأدوات والآليات· فقد شهدت السيولة النقدية داخل الاقتصاد الإماراتي نمواً بمعدلات مرتفعة غير مسبوقة خلال السنوات القليلة الماضية· ويعود هذا النمو بالدرجة الأولى إلى السياسات النقدية غير المتشددة القائمة حالياً على المستوى الاتحادي، بالإضافة إلى النمو الكبير في الإيرادات النفطية، وما صاحب ذلك من ارتفاع في حجم السيولة المحلية· ومن الطبيعي أن تنطوي هذه الأرقام المتزايدة للسيولة على زيادة ما بحوزة الأفراد من أموال نقدية يتعين على القطاع المالي أن يستوعبها وأن يوجهها نحو استخدامات تعود بالفائدة على الأفراد والاقتصاد بشكل عام· أما المؤشر الثاني فهو النزعة الاستثمارية لدى الأفراد، فقد عكست هذه التجربة وجود رغبة قوية عند الأفراد باستثمار أموالهم بل ووجود نزعة لديهم للبحث الدؤوب عن منافذ استثمارية مجزية· وربما تنبع هذه النزعة من شحة المنافذ الاستثمارية المتاحة أمامهم ومن المعدلات المنخفضة للفوائد على الإيداعات المصرفية والتي تقل عن 3% وكذلك من المعدلات المرتفعة للتضخم التي تتجاوز 10% وهو ما يؤدي إلى تقويض جزء كبير من قيمة تلك الأموال في حالة الاحتفاظ بها بشكلها النقدي السائل· ويتمثل المؤشر الثالث في ضعف أو حتى غياب الوعي الاستثماري العام في أوساط عامة الناس· فإن يصدق عدد كبير من ''المستثمرين''، بمن فيهم ''متعلمون وعاملون في قطاعات حكومية مختلفة''، حسبما ذكر أحد مسؤولي الشرطة، بمزاعم المشتبه به وأن تنطلي عليهم قدرته ''الخارقة'' على تحقيق عوائد مضمونة تزيد عن 30% وتصل إلى 40% أمر يوحي بغياب للفهم الصحيح لأساسيات وطبيعة النشاطين الاقتصادي والاستثماري لدى هؤلاء· إذ أن تحقيق هذه النسب من العوائد بشكل مستمر ومضمون أمر مستحيل في أي مجال من المجالات الاقتصادية عدا المقامرة والمضاربة الخطرة أو الممارسات غير الشرعية بما في ذلك الجرائم المنظمة وعمليات غسل الأموال· تتطلب محاربة ظاهرة المحافظ الوهمية عملية معقدة تجمع بين حزمة واسعة من المبادرات الاقتصادية والمالية، من جهة، وعدد كبير ومتنوع من الترتيبات والإجراءات التنظيمية، من جهة أخرى، بالإضافة إلى جهود مستمرة تهدف إلى النهوض بمستويات الوعي الاستثماري والاقتصادي لدى عموم أفراد المجتمع· مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©