السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جون الجهادي».. أي دور للاستخبارات؟

2 مارس 2015 22:48
بعد كشف النقاب عن هوية جلاد تنظيم «داعش» المعروف باسم «جون الجهادي» باعتباره أحد قاطني غرب لندن ومبرمج كمبيوتر اسمه الحقيقي، محمد إمزاوي، ظهر شخص آخر يُدعى عاصم قرشي على شاشات التلفزيون، مدلياً بتصريحات أثارت جدلاً واسعاً قال فيها، إن بريطانيا نفسها خلقت الوحش الذي أصبح إمزاوي، فقد أصر قرشي الذي يعد عضواً بارزاً في منظمة حقوقية بريطانية، وقد سبق له أن قدم النصيحة لإمزاوي قبل أن يتطرف، على أن السبب يرجع إلى الضغوط والتكتيكات التي لجأ إليها عملاء أجهزة الاستخبارات البريطانية لتجنيد «جون» وجعله مخبراً، الأمر الذي حوله من شخص عُرفت عنه «الطيبة» و«دماثة الأخلاق»، إلى وحش يلوح بالسكين ويجز الأعناق، بل إن قرشي أضاف أن تلك التكتيكات لم تقتصر فقط على إمزاوي، بل استخدمت أيضاً مع أحد الرجال الذين ذبحوا جندياً بريطانياً في وضح النهار بأحد شوارع لندن في 2013. وهذه التصريحات أثارت ردود فعل سريعة أدانت في مجملها قرشي ومنظمة «كيج» التي يعمل فيها مديراً للتواصل، باعتبارهما معاً جزءاً من المشكلة. فقد سارع رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، إلى نعت تعليقات قرشي بأنها «بغيضة»، فيما اعتبرت صحيفة «ذا دايلي ميل» في صفحتها الأولى قرشي على أنه «من اعتذاريي جون الجهادي»، كما أكدت هيئة حكومية يوم السبت الماضي أنها تجري تحقيقاً في مسألة الأطراف المانحة للمنظمة. أما قرشي نفسه الذي حمل مسؤولية التطرف لأجهزة الاستخبارات البريطانية في مؤتمر صحفي نظمته «كيج» بعد أن كشفت «واشنطن بوست» عن هوية «جون الجهادي»، فأكد أنه قد بدأ في اتخاذ احتياطات أمنية خلال نهاية الأسبوع الماضي بعد تلقيه وعائلته تهديدات بالقتل، قائلاً: «ما نشهده حالياً من جدل هو تعبير عن عدم الرغبة في العودة إلى أنفسنا، والنظر في ذواتنا لمعرفة الدور الذي نلعبه في تنفير شبابنا». وتُظهر الضجة الكبيرة التي أثارتها تصريحات قرشي في بريطانيا، فضلاً عن دول أخرى، مثل فرنسا والدنمارك اللتين اكتوتا مؤخراً بلهيب العمليات الإرهابية، الانقسام الحاصل حول أفضل الأساليب التي يمكن لأجهزة الاستخبارات اتباعها لمنع تطرف الشباب، بحيث يفرض سؤال أساسي نفسه الآن بقوة مفاده: هل الاستخبارات الغربية تنتهج الطريقة الصحيحة والمقاربة الصائبة في التعامل مع المعضلة «الجهادية»؟ وعلى رغم الإشارات التي ربما تفيد بأن التوجه المتطرف لإمزاوي يرجع إلى ما قبل احتكاكه بأجهزة الاستخبارات البريطانية في 2009، ما يعني أن مسيرة التشدد التي انخرط فيها كانت قبل تعامل السلطات معه، إلا أن بعض الأطراف حتى من تلك التي نأت بنفسها عن تصريحات قرشي، بدأت تتساءل عما إن لم تكن الأجهزة تبذل كثيراً من الوقت في البحث عن العملاء في أوساط المتطرفين، وتجنيدهم بدل إلقاء القبض عليهم ومتابعتهم قضائياً؟ وهو سؤال طرحه «ديفيد ديفيس»، العضو المحافظ في البرلمان البريطاني، قائلاً إنه: «بالنظر إلى عدد الأفراد الذين انسلّوا من خلال الشبكة، فإنه يحق لنا التساؤل عن عدد الأشخاص الذين يتعين أن يموتوا قبل إعادة النظر في استراتيجية أجهزة استخباراتنا؟». وتأتي هذه التطورات في وقت حساس بدأ البريطانيون فيه يناقشون ما إذا كان يتعين منح السلطات الأمنية صلاحيات أكبر في المراقبة، فعلى رغم عدم وجود إجماع سياسي واسع على هذه الخطوة، إلا أن كاميرون تعهد بتعزيز تلك الصلاحيات في حال فاز حزب المحافظين في الانتخابات العامة المقبلة، كما أن استطلاعاً للرأي أجرته «يوجوف» الشهر الماضي كشف أن أغلبية البريطانيين يؤيدون منح السلطات الأمنية صلاحيات أكبر لمحاربة الإرهاب مع بعض القيود والضوابط. ولكن يبدو أن منظمة «كيج»، المنظمة الحقوقية التي انطلقت في 2003 كموقع إلكتروني، وبدأت تقدم المشورة للشباب المسلم الخاضع لمراقبة السلطات الأمنية، بل واستعانت بها تلك الأجهزة في مراحل معينة، تسبح ضد التيار العام، فقد استشهد قرشي بمثال «مايكل أديبولاجو» الذي اعتنق الإسلام وطعن مع شريك له حتى الموت جندياً بريطانياً في لندن، باعتباره نموذجاً دالاً على شخص دُفع دفعاً نحو التطرف بسبب الضغوط الحكومية التي مورست عليه، وذلك بعدما صرح شقيقه، «جيريميا أديبولاجو»، لقناة «الجزيرة» بأن السلطات الأمنية «شرعت في التحرش به ومضايقته، وبدأوا في الاتصال به ومطالبته بتنظيم لقاءات معهم، بل زاروه في البيت، على رغم أنه صاحب عائلة، وكل تلك الضغوط ساهمت في تعطيل حياته».وهذه الضغوط، يقول قرشي، هي نفسها التي تعرض لها «جون الجهادي» عندما كان في بريطانيا، حيث سعت الأجهزة الأمنية إلى تجنيده، وأيضاً عطلت حياته في الكويت التي استقر فيها، وكان على وشك عقد قرانه قبل أن تُمنع عنه التأشيرة. أنتوني فايولا وكارلا آدم - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©