السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

(الشكرُ سِرُّ دوامِ النِّعم)

22 مارس 2018 21:04
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، ومن اقتفى أثرهم وسار على دربهم إلى يوم الدين، أما بعد:. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (سورة إبراهيم الآية 7). وجاء في كتاب صفوة التفاسير للصابوني في تفسير الآية السابقة:[{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} هذا من تتمة كلام موسى، أي واذكروا أيضاً حين أعلم ربكم إعلاماً لا شبهة فيه لئن شكرتم إنعامي لأزيدنكم من فضلي، {وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} أي ولئن جحدتم نعمتي بالكفر والعصيان فإن عذابي شديد، وَعَدَ بالعذاب على الكفر، كما وعَدَ بالزيادة على الشكر ] (صفوة التفاسير للصابوني 2/91). لقد تحدث القرآن الكريم عن فضيلة الشكر في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، كما ذكرت السنة النبوية أن رسولنا- صلى الله عليه وسلم- كان الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة في الشكرِ لله عزَّ وجلَّ، لذلك فإن الواجب علينا أن ننظر إلى نعم الله علينا فنتأملها، ونشكر الله على نعمه، ونعرف أن وراء هذه النِّعم مُنْعم وخالق ورزَّاق هو الله عزّ وجلّ، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى:{فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ* أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا* فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا* وَعِنَبًا وَقَضْبًا* وَزَيْتُونًا وَنَخْلا* وَحَدَائِقَ غُلْبًا*وَفَاكِهَةً وَأَبًّا* مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ}(سورة عبس الآية 24-32)، ومن المعلوم أن الله عز وجل قدْ وَعَدَ الشاكرين بالمزيد من نعمه وخيره وعطائه، فبالشكر تزداد النعم، وبالجحود تزول النعم وتنتهي، كما قال الشاعر: (إذا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا... فَإِنَّ المَعَاصِي تُزِيلُ النِّعَم/ وَدَاوِمْ عَلَيْهَا‏? ?بِشُكْرِ? ?الإِلَه... فَإِنَّ ?الإِلَهَ? ?سَرِيعُ? ?النِّقَم). لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ إن من الواجب على المسلمين أن يشكروا الله سبحانه وتعالى على ما أولاهم من فضله وإنعامه، تقديراً لهذه الخيرات المحيطة بهم والنّعم التي لا تُعدّ ولا تُحصى، واعترافاً بفضله وكرمه سبحانه وتعالى، وطلباً للمزيد من برّه وخيره وإحسانه، فقد وَعَدَ الله سبحانه وتعالى الشاكرين على شكرهم كما في قوله سبحانه تعالي: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)، وقوله سبحانه وتعالي أيضاً: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ* لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ)(سورة الواقعة الآية 68-70). وقد بيَّن رسولنا- عليه الصلاة والسلام- فضل شكر الله على نعمه، وأثر ذلك في البركة وفي تنزل الرحمات، حيث يقول- صلى الله عليه وسلم-: (بَيْنَمَا رَجُلٌ بفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَانْتَهَى إِلَى الْحَرَّةِ، فَإِذَا هُوَ فِي أَذْنَابِ شِرَاجٍ، وَإِذَا شَرَاجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَبِعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلانٌ. بالاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لِمَ سَأَلْتَنِي عَنِ اسْمِي؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ، يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ باسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَا إِذَا قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثَهُ، وَأَرُدُّ ثُلُثَهُ) (أخرجه مسلم). ومن المعلوم أن الشكر سببٌ في زيادة النّعم واستجلاب البركات وتكثير العَطِيَّات من الله سبحانه وتعالى، ونعم الله سبحانه وتعالى علينا كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى، ومنها: نعمة الإسلام، ونعمة الأمن، ونعمة الصحة والعافية... الخ، لذلك فإن الواجب علينا أن نحرص على دوام هذه النّعم، ودوام النّعم لا يكون إلا بنعمة أخرى أَلاَ وهي نعمة (الشكر)، فالشكر سِرُّ دوام النّعم وبقائها، ومن أُلهم الشكر لم يُحرم الفضل والزيادة. أفلا أكون عبداً شكوراً لقد بيَّن الله سبحانه وتعالى أن الشكر من أجلّ العبادات التي تحلّى بها الأنبياء والمرسلون- عليهم الصلاة والسلام-، وقد ذكرت كتب الحديث أن رسولنا- صلى الله عليه وسلم - كان المثل الأعلى والقدوة الحسنة للمؤمنين العابدين الشاكرين لله عزَّ وجلَّ، فهو مع مكانته العظيمة، ومع غفران الله سبحانه وتعالى له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فإنه- صلى الله عليه وسلم- كان يواصل العبادة والطاعة شكراً لله-عزَّ وجلَّ- وعرفاناً بفضله وتقرباً إليه سبحانه وتعالى، حيث كان- عليه الصلاة والسلام- يقوم الليل متهجداً راكعاً ساجداً حتى تتفطر قدماه، كما جاء في الحديث عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: (كَانَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذا صلَّى، قَامَ حتى تَفَطَّرتْ رِجْلاَهُ، قالت عائشةُ: يا رسولَ اللهِ، أَتَصْنَعُ هذا وقد غُفِرَ لكَ ما تَقَدَّم مَنْ ذَنْبكَ وما تأخَّرَ؟ فقال: يا عَائِشَةُ أَفَلاَ أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا) (أخرجه مسلم). أخي القارئ الكريم.. إن النّعم التي بين أيدينا تحتاج إلى حفظ ورعاية، فالتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالشكر على نعمه وآلائه يُعَدُّ سبباً في دوام نعم الله علينا وكذلك في زيادتها وبركتها، فالشكر من أوجب الواجبات كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: {وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (سورة النحل الآية 114)، فلا بُدَّ للعبد المؤمن أن يُحافظ على دوام شُكْرِ المُنْعِم سبحانه وتعالى، حتى يكرمه الله سبحانه وتعالى بدوام النّعم ونمائها، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى:{نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ}(سورة القمر الآية 35). نسأل الله أن يجعلنا من عباده الشاكرين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بقلم الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©