الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نُصح الأطباء مرضاهم البُدناء بإنقاص الوزن واجب مهني

نُصح الأطباء مرضاهم البُدناء بإنقاص الوزن واجب مهني
5 مارس 2011 20:18
ليس من اللائق طبعاً وصف شخص أو وسمه بالبدين. هذه إحدى النصائح التي تُرددها الأمهات على مسامع أطفالهن الصغار في كل مكان حفاظاً على علاقاتهم مع أصدقائهم البدناء أو زملائهم في الدراسة أو أقرانهم من أبناء الجيران ممن يعانون زيادة الوزن. مجرد إسداء نصيحة من هذا النوع يصور للطفل صورة ذهنية سيئة عن “البدانة”، فينشأ على نبذها واعتبارها نقيصة من النقائص، وأمراً يدعو إلى الشفقة والرأفة بمن أصيب بها. وللخبراء رأي آخر يُخالف في جوهره نصائح الأمهات، فهم يرون أنه من الأفضل تحسيس السمين بسمنته والبدين ببدانته عساه يستفيق ويقوم بخطوات عملية لمصلحة صحته ومظهره، بل وحتى علاقاته، ويدعون الأطباء إلى توعية مرضاهم بضرورة إنقاص أوزانهم كشفت دراسة نُشرت نتائجها في العدد الأخير من مجلة “أرشيفات الطب الباطني” أن واحداً من كل ثلاثة أشخاص يعانون السمنة لم يسبق لهم أن تنبيهاً أو تحذيراً أو توجيهاً من قبل طبيبهم بضرورة إنقاص الوزن. هذا علماً أن هؤلاء الأطباء لا يتوقفون عن الدعوة في منابر الصحف الإعلامية والندوات والمؤتمرات عن الحديث عن العلاقة الاطرادية الموجودة بين ارتفاع معدلات السمنة وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان ومرض السكري من النوع 2 واضطرابات آلام العظام والفقرات، بل وحتى الكآبة والخرف. ومن بين المرضى الذين يندرجون في خانة “البُدناء” طبقاً لمؤشر كتلتهم الجسمية، فإن 55% منهم قالوا إنه لم يسبق أن أخبرهم طبيب ما أن أوزانهم تفوق المعدل الطبيعي. قد يتساءل البعض ما إذا كان الأمر يحتاج من الطبيب إلى تذكير البدين بضرورة إنقاص الوزن. نعم، يقول الباحثون في هذه الدراسة، فعدم تنبيه الطبيب المريض المراجع بأهمية إنقاص وزنه هو تقصير منه ولا مسؤولية. وحسب دراسة أجراها باحثون من كلية الطب بجامعة ساوث كارولينا في لندن، فإن المرضى الذين سبق لهم أن تلقوا توجيهاً صريحاً من الطبيب بضرورة إنقاص أوزانهم كانوا أكثر إدراكاً واقتناعاً بأن سمنتهم أو زيادة وزنهم هي أحد مسببات مشكلاتهم الصحية، كما كانوا أكثر محاولة من غيرهم لإنقاص الوزن واتباع أنظمة غذائية صحية. توجيه صريح يقول الدكتور روبرت بارون، مدير برنامج إدارة الوزن في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، “إن الإدراك المبكر لزيادة وزنه أو سمنته بفضل تنبيه الطبيب هو مسألة في غاية الأهمية وخطوة أولى لإقناعه بتغيير عاداته الغذائية وسلوكياته غير الصحية”. وجدير بالذكر أنه إلى يومنا هذا، يتغاضى عدد من الأطباء عن نصح مرضاهم المدخنين بضرورة إقلاعهم عن التدخين على الرغم من علمهم بأهمية قيامهم بذلك، وعلى الرغم من علمهم بوقع توجيه من هذا القبيل على المريض. ويشير الباحثون إلى أن عدداً من الدراسات أثبتت أن تخصيص الطبيب ولو ثلاث دقائق من مدة المراجعة لإسداء النصح والتوجيه للمرضى للحرص أكثر على صحتهم يُساعد ما بين 5% و10% منهم على الإقلاع. بخل طبي تشير بعض الاستطلاعات والتقارير إلى أن الأطباء الذين ينصحون فعلياً مرضاهم البُدناء بضرورة إنقاص الوزن لا يبذلون جهوداً كافية، وأن بعضهم لا يعطي للأمر الجدية اللازمة، بل قد ينصح المريض بذلك بلكنة خفيفة وفي سياق عابر لا يهز المريض هزاً ولا يُفتح عينيه فعلياً لتدارك نفسه والإسراع باتخاذ خطوات عملية فورية لمصلحة صحته. وكانت دراسة سابقة صدرت سنة 2007 قد أشارت إلى أن 20% فقط من المرضى الأميركيين البُدناء عُرض عليهم إجراء فحوص تشخيصية لتبصيرهم بمشكلة السمنة أو البدانة التي يعانون منها، أو نُصحوا بتبني خطة ما لإدارة الوزن. وتشير الإحصاءات الحالية إلى أن ثُلُث البالغين و17% من الأطفال في الولايات المتحدة يعانون السمنة، ولا تقع المسؤولية على البدناء فقط، بل على أطبائهم أيضاً الذين يبخلون في إسداء النصح اللازم لهم. أما ادعاء بعض الأطباء بأن كثرة المراجعين وضيق الوقت يمنعهم من إخبار المريض بكل شيء، فهذا ادعاء مردود عليهم، تقول الدراسة، لأن ميثاق الشرف الأخلاقي الطبي يقتضي إخبار المريض بكل ما يساعده على تحسين صحته والتعافي من مرضه، والسمنة هي أم العلل بإجماع الأطباء. حقيقة صادمة يقول الدكتور بارون “بعض المرضى البُدناء يشعرون بالاستياء عندما يخبرهم الطبيب بأنهم بُدناء وأن عليهم تخفيف أوزانهم، بل إن منهم من يشعر كأنك تكيل له شتيمة أو مسبة، فتجده يقطب حاجبيه وتتحدث أعينه بما لا يكتمه لسانه. لكن هذا لا ينبغي أن يمنع الطبيب من القيام بواجبه تُجاه المريض بصرف النظر عن رد فعله وتقبله للأمر من عدمه. فهو في نهاية المطاف حقيقة يجب أن يكون بصيراً بها حتى يبذل جهداً لتغييرها”. ويضيف بارون “يُفضل أن يكون الطبيب صريحاً جداً مع المريض في هذه الحالة، وأن يخبره بالضبط ما إذا كان يعاني زيادة في الوزن أو بدانة أو سمنة مفرطة دون تهوين أو تهويل، وأن يتعامل مع الوزن كما يتعامل مع مستوى ارتفاع ضغط الدم أو الكوليستيرول، إذ هو لا يقل خطورة عنهما”. ومن بين الإحصاءات الصادمة التي وردت في الدراسة أن 37% من المشاركين الذين يعانون زيادة الوزن و19% من البُدناء لا يعتبرون أنفسهم كذلك إلا إذا أخبرهم الطبيب بشكل صريح أنهم “بُدناء” أو “زائدو الوزن”. ويقول الباحثون إن انتشار السمنة وزيادة الوزن حتى في صفوف الأطباء ومساعديهم من الممرضين والممرضات تجعل المرضى أقل اقتناعاً بتوجيه الطبيب للمريض بأهمية إنقاص الوزن وأقل استجابة له. ولذلك، فإن اهتمام الأطباء بأوزانهم لا يخصهم لوحدهم فقط، بل يعني مرضاهم البُدناء أيضاً والذين لا يخفون ضحكاتهم الساخرة في حال “تجرأ” طبيب بدين أو زائد الوزن على نصحهم بضرورة إنقاص أوزانهم. و”إذا كان رب الدار ضارباً، فلا تلومن الطفل في حالة الرقص”. عن “لوس أنجلوس تايمز” ترجمة: هشام أحناش
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©