الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات الصربية وصعود القوى الموالية للغرب

الانتخابات الصربية وصعود القوى الموالية للغرب
12 مايو 2008 23:37
أُعلن ليلة السبت الماضي في صربيا عن فوز الحزب الموالي للغرب في انتخابات برلمانية شديدة التنافس اعتبرها المراقبون بمثابة استفتاء على الطريق الذي ستختاره صربيا بين الاتجاه إلى الغرب، أو الرجوع إلى القومية وسنوات العزلة في عهد ''ميلوسوفيتش''· فبعد فرز 85% من الأصوات صرح ''مركز الديمقراطية والانتخابات الحرة''، وهو منظمة مستقلة للمراقبة، بأن حزب الرئيس ''بوريس تاديتش''، الذي يسعى إلى انضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي، قد حصل على 39% من الأصوات· أما في المرتبة الثانية وبفارق كبير عن الأولى فقد حصد الحزب الراديكالي واليميني المتطرف، الذي يتزعمه ''توميسلاف نيكوليتش'' المطالب بعلاقات أوثق مع روسيا، 29% من أصوات الناخبين· ولم يحصل ''الحزب القومي'' المغادر للسلطة ''فويسلاف كوستونيتشا'' سوى على 11% من الأصوات· وقد بلغ عدد المسجلين الصرب في القوائم الانتخابية حوالي 6,7 مليـــون بمن فيهم صرب كوسوفو· ومباشرة بعد الإعلان عن النتائج صرح ''تاديتش''، عالم النفس السابق، وسط حشد من مؤيديه وهم يلوحون بعلم الاتحاد الأوروبي قائلاً ''لقد اختار مواطنو صربيا طريق الاتحاد الأوروبي، ونعدهم بأننا سنحقق ذلك''، كما عبر عن ثقته بأن حزبه سيشكل الحكومة المقبلة، وبأنه كرئيس للبلاد سيتولى اختيار الوزير الأول· لكن الانتخابات، التي تعتبر الأولى منذ إعلان كوسوفو استقلالها، شهدت منافسة قوية بين القوى السياسية الصربية، لذا من غير الواضح ما إذا كان ''تاديتش'' قادراً على تشكيل حكومة ائتلافية تجمعه مع الأقلية المساندة للاتحاد الأوروبي، أم أنه سيواجه مشاكل في هذا الاتجاه· وفي حالة الفشل فإن البديل سيكون انضمام الحزب الراديكالي إلى الحزبين القومي والاشتراكي، هذا الأخير الذي كان يقوده في السابق ''ميلوسوفيتش''، لتشكيل حكومة وقطع الطريق على ''تاديتش''· واللافت أن الحزب الاشتراكي، الذي سعى في الشهور الأخيرة إلى الاتجاه نحو الوسط، استطاع تحقيق نتائج مفاجئة بفوزه بنسبة 8% من الأصوات، وهو ما يؤهله للعب دور المرجح في تشكيل الحكومة الصربية· وأمام ''تاديتش''، بحسب الدستور الصربي، تسعون يوماً لتشكيل الحكومة، وإذا أخفق في ذلك سيحظى الحزب الثاني، وهو الحزب الراديكالي، بفرصة تكوين الحكومة· وقد أطلع زعيم الحزب الراديكالي الصحفيين أنه سيتصل بالحزبين القومي والاشتراكي للسعي إلى بلورة تحالف بين الأحزاب الثلاثة، كما اتهم في هذا السياق ''تاديتش'' بالتحريض على العنف من خلال إعلان فوزه في الانتخابات قبل استكمال الفرز· لكن هذا الأخير رد بأن فوزه الواضح في الانتخابات يمنحه تفويضاً شعبياً لتشكيل الحكومة والسير في الطريق الذي اختاره الصرب، قائلاً ''إني على يقين بأن هؤلاء الذين يريدون إرجــاع صربيا إلى سنوات التسعينيات سيحاولون قلب الإرادة الشعبية التي عُبر عنها في الانتخابات، لكني لن أسمح بذلك''· ومن جانبه قال ''كوستونيتشا''، الذي أدى خلافه المستفحل مع ''تاديتش'' حول الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي إلى إسقاط الحكومة، ''إن الخلافات بينهما لا يمكن جسرها''· وكان يُتوقع في الحملة الانتخابية أن تحقق الأحزاب القومية مكاسب مهمة بالنظر إلى توظيفها لمشاعر الاستياء والغضب من إعلان استقلال كوسوفو عن صربيا في شهر فبراير الماضي، لا سيما وأن الصرب يعتبرون الإقليم جزءاً أساسياً من إرثهم التاريخي، واستقلاله شبيه بانضمام تكساس في الولايات المتحدة إلى المكسيك· لكن مع ذلك جاءت نتائج الانتخابات لتظهر هيمنة الاعتبارات الاقتصادية على القضايا السياسية ومدى حرص الناخبين على عدم الرجوع إلى سنوات العزلة الدولية في التسعينيات· ففي الوقت الذي سارعت فيه الدول الشيوعية السابقة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي واستفادتهم من مكاسب اقتصادية كبيرة، مازال معدل الرواتب في صربيا لا يتجاوز 700 دولار في الشهر، لتظل صربيا أحد أفقر البلدان الأوروبية· وباعتبارهم خارج الاتحاد الأوروبي يضطر الصرب إلى طلب تأشيرات دخول كلما أرادوا السفر إلى أوروبا الغربية، ويخشى العديد من المراقبين أن تتحول صربيا إلى البلد المنبوذ في القارة الأوروبية· ويوضح الاتجاه الجديد الذي عبر عنه الصرب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة المحلل السياسي الصربي ''إيفان ميلوسوفيتش'' قائلاً ''تعتبر هذه الانتخابات فوزاً حقيقياً للذين يرون مستقبل البلاد مع أوروبا، إنها إشارة واضحة للقطيعة مع الماضي''· ومن ناحيتهم ركز القوميون والحزب الراديكالي في حملاتهم الانتخابية على ضرورة مواجهة الصرب للاتحاد الأوروبي ومعاقبته على مساندة استقلال كوسوفو، وذلك من خلال التوجه شرقاً نحو روسيا· وقد جاء رد الفعل الأوروبي مرحباً بنتائج الانتخابات وبالأداء الجيد الذي أظهرته القوى الصربية الموالية للاتحاد الأوروبي، معتبرين أن هذا النجاح يمهد لانضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي· وعبر عن هذا الترحيب ''ديمتري روبيل''، وزير خارجية سلوفينيا، التي ترأس الاتحاد الأوروبي، قائلاً ''لقد فاز الطرف الموالي لأوروبا، وهذا هو ما كنا نسعى إليه، وأعتقد أن السياسة الأوروبية كانت صائبة لأن الصرب أظهروا رغبتهم في قلب صفحة حرب يوغوسلافيا التي مزقت البلاد''· وفي حال نجح ''تاديتش'' في تشكيل الحكومة يتوقع المراقبون أن ينتقل مباشرة إلى بدء خطوات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك بتطبيق اتفاقية وقعت مع الاتحاد في شهر إبريل الماضي، لكنها ظلت معطلة بسبب معارضة ''كوستونيتشا'' الذي يرى الالتحاق بالاتحاد الأوروبي بمثابة تنـــازل عن كوسوفو· دان بيليفسكي-بلغراد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©