السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإيرلنديون لم يكونوا عبيداً في الأميركيتين!

20 مارس 2018 22:02
هناك تصورات خاطئة عديدة يتم تداولها حول القديس باتريك. جلّها غير مؤذٍ عموماً، ولكنّ ثمة تصوراً خاطئاً يسعى بعض المؤرخين جاهدين لدحضه ووقف انتشاره. إنه ادعاء أن الإيرلنديين كانوا عبيدا في الأميركيتين، خاصة في جزر الهند الغربية، وأنهم كانوا يعامَلون بالطريقة السيئة نفسها التي كان يعامَل بها نظراؤهم الأفارقة ـ أو ربما أسوأ. وفي هذا السياق، يقول ليام هوجان، المتخصص في علم المكتبات في ليمريك إيرلندا، والذي يقود جهوداً تروم تفنيد هذه الأسطورة: «إن تقديراتي المتحفظة تشير إلى أن عشرات الملايين من الأشخاص تعرضوا لمعلومات خاطئة حول «العبيد الإيرلنديين» بشكل أو آخر على وسائل التواصل الاجتماعي» مضيفاً «غير أن هؤلاء الأشخاص، وبعضهم أميركيون إيرلنديون، يمكن القول إنهم ينبشون عظام أسلافنا ويشحذونها ليصنعوا منها أسلحة يستخدمونها ضد الأشخاص الملونين». الأسطورة، التي غذّاها كتاب مؤثر صدر في 2001 للصحافي الإيرلندي «شون أوكالاغان» بعنوان «إلى الجحيم أو بربادوس»، بدأت تنتشر على الإنترنت في دوائر من اليمين المتطرف خلال العقد الماضي، قبل أن ينتهي بها المطاف إلى الظهور على منشورات محسوبة على التيار المعتدل مثل مجلة «ساينتيفيك أميركن»، التي صححت مقالها، وموقع «دايلي كوس» الإلكتروني الذي لم يصححه. واليوم، بتنا نجد الادعاء ضمن تعليقات المعلقين على مواضيع مختلفة، من التعويض عن عنف الشرطة، حيث تُستعمل دائماً تقريباً كوسيلة لانتقاد الأميركيين الأفارقة وغيرهم من غير البيض الذين يُنتقدون بسبب مطالبتهم القوية بالعدالة الاجتماعية. «لقد كنا عبيداً أيضاً، ولكننا لا نجأر بالشكوى مثلكم»، هكذا يعلّقون. الأسطورة تقوم على معادلة غير صحيحة بين نظامين مختلفين لأعمال السخرة خلال الفترة الكولونيالية البريطانية هما: السخرة التعاقدية والعبودية. فالخدم التعاقديون في المستعمرات البريطانية كانوا أشخاصاً قانونيين ملزمين بالسخرة بموجب عقد عمل محدود في الزمان وغير متوارث، غالباً ما يوقع في مقابل المرور إلى «العالم الجديد». وبالمقابل، كان العبيد يُعتبرون ملكية، وأصحاب وضع قانوني «دون البشر» ينتقل من الأم إلى طفلها، للأبد. وفي بربادوس، التي استُوطنت أول مرة من قبل الإنجليز في 1627، كان الإيرلنديون يشكلون أكبر مجموعة من الخدم التعاقديين، برغم أنه كان ثمة آخرون ينحدرون من انجلترا واسكتلندا وويلز وبلدان أوروبية أخرى. كما كان بعض الهنود الأميركيين خدماً متعاقدين أيضاً، في حين كان بعضهم الآخر مسترقِّين. وفي البداية، كان الكثير من الخدم المتعاقدين يتطوعون للهجرة؛ ولكن خلال الحرب الأهلية الانجليزية وغزو أوليفر كرومْويل لإيرلندا لاحقا، كان يتم اعتقال الكثيرين، بمن فيهم الأطفال، ثم يشحنون إلى الأميركيتين من أجل العمل في مزارع السكر بشكل رئيس. ومما لا شك فيه أن حياة الخدم المتعاقدين كانت قاسية إذ يقول هوجان: «كان يمكن ضرب الخدم وجلدهم لأنهم لا يعملون بسرعة كافية. وكان بوسع الخدم أن يشتكوا للمحاكم من سوء المعاملة. وقد فعل ذلك بعضهم وكسب القضية. وكانوا في مرات كثيرة يفرون من أسيادهم، بدلاً من ركوب خطر تحمل غضبهم بعد محاولة فاشلة للحصول على العدالة»، مضيفاً «وكان الأسياد نادراً ما يعاقَبون بسبب سوء معاملة خدمهم، كما أن المحاكم يمكن أن تكون بطيئة جداً في التدخل وحماية أحد الخدم». غير أنه على الرغم من صعوبة وقساوة الظروف التي كان يعيش فيه الخدم المتعاقدون، إلا أنهم كانوا يحتفظون بوضعهم القانوني كبشر، وكانت سخرتهم مؤقتة فقط، حيث يقول هوجان: «أن تكون عبداً في تلك المستعمرات كان يشبه حكماً بالمؤبد. ويقول: «إن العقوبة الأكثر شيوعاً لخادم فار هي تمديد فترة خدمته. أما بالنسبة لعبد يعاني من عبودية دائمة، فإنه يمكن أن يتعرض لسلسلة من العقوبات الجسدية الفظيعة». ويقول ريلي: «إن التمييز القانوني مهم للغاية لأنه يؤدي إلى تمييزات اجتماعية ما زالت تؤثر كثيراً على نظرتنا إلى مشهدنا العرقي في القرن الحادي والعشرين». *صحافي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©