الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إعادة توزيع «الأراضي» وسياسة شافيز الزراعية

إعادة توزيع «الأراضي» وسياسة شافيز الزراعية
24 يونيو 2009 02:06
لتحقيق حلمه في حياة جديدة، قرر«رامون باريرا» المجيء إلى مزرعة «تشاركوتي»، وهي مزرعة مترامية الأطراف تقع في الشمال الغربي من فنزويلا، وذلك بعد سنوات من انتزاع حكومة شافيز الشعبوية للملكيات الزراعية الكبيرة من أصحابها الأصليين، وتقسيمها إلى أجزاء، ثم توزيعها على المزارعين الصغار من أمثاله كي يزرعونها، ويتعيشون منها. لا يزال حلم «باريرا» عصياً على التحقيق، فالسبعة والثلاثون فداناً تقريباً، بقيت حتى الآن دون زراعة على الرغم من تقليبها وحرثها، مما لم يجعل من وسيلة أمامه لإنفاق وقته وتدبير أموره الحياتية سوى تقديم العلف لتسعة خنازير عجفاء يربيها في المزرعة. و«باريرا» وغيره من المزارعين الذين يحاولون كسب عيشهم من خلال العمل في أرض تلك المزرعة الشاسعة التي حرقتها أشعة الشمس، يقولون إن المساعدات الفنية التي كانت الحكومة قد وعدتهم بها لم تصل حتى الآن. يقول «باريرا» البالغ من العمر 64 عاما:«لقد وصلت الأمور هنا إلى حد خطير، حيث لا يوجد ماء، ولا كهرباء، ولا وسائل للراحة... فكيف بالله عليكم يمكن للناس أن يعملوا وسط ظروف كهذه؟». وحركة شافيز المعروفة باسم «العودة للأرض»، تدعو إلى إعادة توزيع الأراضي أو الملكيات الزراعية الكبيرة، التي استولت عليها الدولة على المزارعين الفقراء، وذلك فيما يعرف باسم حركة «الإنقاذ» ، أو«الاستصلاح»، التي تقول الحكومة إنها تهدف إلى تأمين «الاستقلال الغذائي»، وتخفيض الاعتماد على الاستيراد من الخارج، لكن ما حدث على أرض الواقع، كما يقول الخبراء الزراعيون والمزارعون أنفسهم، أن فنزويلا، وبدلا من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء كما وعدت حكومتها، أصبحت أكثر اعتماداً على الواردات من الدول الأجنبية، وهو ما تظهره الأرقام التي تؤشر على زيادة تكلفة المواد الغذائية المستوردة من الخارج إلى ما يقارب 7.5 مليار دولار العام الماضي، أي أكثر بستة أضعاف تقريباً عما كانت عليه قبل أن يستلم «شافيز» الحكم منذ عقد من الزمان تقريباً. لم يثن ذلك الحكومة عن عزمها تسريع عملية تفكيك المزارع الكبيرة أي الحيازات التي يصنفها المسؤولون الحكوميون بأنها «غير منتجة»، والتي يتم عادة تعويض ملاكها باستثناء هؤلاء الذين تتهمهم السلطات بأنهم قد استولوا على أراضيهم بشكل غير قانوني. أما المزارعون الذين يتم توزيع مساحات تلك الحيازات الزراعية عليهم بعد تقسيمها فتعدهم الحكومة بإلحاقهم بدورات لتعلم أساليب الزراعة، كما يتم إسكان بعضهم في مجمعات سكنية حديثة البناء. ويشار إلى أن جذور هذه السياسة تعود إلى قانون صدر عام 2001، ويشار في هذا السياق إلى أن شافيز قد قال الشهر الماضي وفي إحدى حلقات برنامجه الذي يذاع أسبوعياً من ولاية «باريناس» الزراعية التي نشأ وترعرع فيها:«إنني أقول لكل من يقول إنه يمتلك أرضاً أن هذه الأرض هي أرض الدولة أولا وليس أرضه. فالأرض ليست ملكية خاصة وإنما هي ملكية الدولة»، وأضاف الرئيس:«بعد ذلك أقول إن الأرض هي ملك لمن يزرعها، وأن هؤلاء الذين لا ينتجون يفقدون حقهم في العمل في الأرض»، وبعد أن قال شافيز هذه العبارة التفت إلى وزير الزراعة «إلياس جاجوا»، الذي كان يجلس في القاعة وسط أنصاره ـ أنصار شافيز - الذين يرتدون القمصان الحمراء وقال له:»لقد خلق القانون من أجل أن يكون صارماً ويطبق على الجميع... أليس كذلك ؟!». وأضاف « شافيز أيضاً»:» اليوم أقول لكم إننا سوف نستصلح أراضي أخرى... اعطني يا إلياس القائمة كي أعلن أسماء المنتفعين قبل أن تصبح قديمة». بعد ذلك راجع شافيز أسماء المزارع المدرجة على القائمة الواحدة تلو الأخرى في الوقت الذي راح فيه وزراؤه يصفقون. يشار إلى أن قوانين وإجراءات كتلك التي أصدرها وطبقها «شافيز» قد جرى إصدارها وتطبيقها في أنحاء أخرى من أميركا اللاتينية ولكنها لم تؤد إلى زيادة الإنتاج كما كان مأمولا، بل أدت في بعض الحالات إلى وقوع حروب أهلية بين الملاك الأصليين للأراضي، وبين المزارعين الذين تم توزيع هذه الأراضي عليهم. وتقول «فيليسيا إسكوبار» المحامية، والاستشارية في شؤون الأراضي، والتي عملت لفترة طويلة في وزارة الزراعة، إن برنامج إعادة توزيع الأراضي الزراعية قد فشل ليس في فنزويلا فحسب ولكن في مختلف أرجاء القارة، وأن السبب في ذلك يرجع إلى أنه لم يتم توفير حوافز كافية للمزارعين للإنتاج، علاوة على أن الحكومات لم تقدم لهؤلاء المزارعين القروض الكافية، أو المساعدات الفنية التي تساعدهم على الزراعة وزيادة الإنتاج. وتقول «إسكوبار» أيضاً إن المزارعين الذين وزعت الأراضي عليهم، لم يحصلوا على عقود ملكية الأراضي التي يقيمون عليها. وفي بعض الحالات، كان يتم تجميعهم في وحدات مجمعة وإجبارهم على العمل بشكل تعاوني أي كوحدة واحدة، وهو ما يجعلهم يفتقدون إلى الحافز الفردي الذي يشجعهم على العمل وبذل الجهد. وأضافت «إسكوبار» في نبرة ذات دلالة:«هذه هي الاشتراكية التي فشلت من قبل والتي نراها وهي تفشل هنا الآن». على الرغم مما تقوله «إسكوبار» وغيرها من الخبراء فإن القاطنين الجدد لجزء متبقٍ من مزرعة شاسعة في مدينة «لاس فيجاس»الفنزويلية يقولون إنهم يظلون على الرغم من كل شيء من المؤيدين المخلصين لجهود الحكومة الفنزويلية الرامية للنهوض بالقطاع الزراعي، على الرغم من كافة المصاعب التي يواجهونها، لأنهم كانوا أصلا ممن لا يمتلكون شيئاً، وكان كل حلمهم أن يمتلكوا قطعة صغيرة من الأرض يعيشون عليها وينتفعون بإنتاجها. خوان فوريرو- فنزويلا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©