الشيء الذي يتميز به «معظم» الآباء والأمهات الإماراتيين هو «تدليل الأبناء». تعودنا على ثقافة كل شيء سهل، وكل شيء متوافر. فئة كبيرة تعودت على الأخذ من الوالدين بلا مقابل، ومن دون أن يفهم الابن أو يشعر كيف توافرت هذه النعم بين يديه. حتى كبر الولد وصار يصرف الدرهم قبل أن يصل إلى يديه، كما اعتاد في صغره. ومن هنا كلما زاد الدخل استمر الأخ في زيادة المصاريف «وكأنك يا بو زيد ما غزيت».
كان زميلي الهندي الله يذكره بالخير، يتسلم راتباً جيداً، وخلال ثلاثة أعوام جاورته فيها في العمل، لم ينزل أبداً لشراء كوب من القهوة من الكوفي شوب، ولم يطلب من أي مطعم. وعندما سألته عن السبب، قال: مستحيل أن أدفع 15 درهماً ثمناً لقهوة، ويتوافر لنا في المكتب نسكافيه مجاناً! وفي يوم عيد ميلاد زوجته سألته ماذا ستهدي إلى زوجتك في هذا اليوم؟ قال لي إنه لم يتسن له شراء هدية لها بعد. فأجبته بأنه بالتأكيد سيقوم بالمرور على محل الورد المجاور ليأخذ لها باقة بهذه المناسبة. فأجاب: وهل جننت لأجعل زوجتي تغضب مني!! وحين استغربت رده أوضح لي أنه وزوجته على اتفاق أن يقوم بتجميع مبالغ في أكثر من مناسبة ليشتري لها المجوهرات، حيث إنها ستنزعج إن قام بهدر أمواله على زهور ستذبل بعد أيام، فهو يشتري هدية ويستثمرها في الوقت نفسه «أو زينة وخزينة» كما كان يقول جدي، رحمه الله. وللعلم فإن زميلي استطاع أن يسدد أقساط شقته التي تقع على البحر هنا في الدولة في مدة وجيزة، غير العقارات الشاسعة التي اشتراها في الهند، فهل كان سيستطيع إنجاز ذلك إنْ لم يتبع حكمة واستراتيجية الهنود؟ ونحن ما استراتيجيتنا؟ يجب أن نقوم بتغيير ثقافة الاستهلاك والتباهي والمظاهر، وزرع ثقافة الحفاظ على النعمة في نفوس أبنائنا وتعويدهم منذ الصغر على فنون الإدارة المالية (الميزانية، المدخرات، المصروف، الاستثمار، الصدقات، وغيرها»، ولتكون أنت خير مثال يتبعه أبناؤك ابدأ من اليوم بحساب أين «يطير معاشك»؟ ركز على ما يهدر دخلك، خطط، اقتصد، ادخر، وأخيراً استثمر.
فاطمة المحياس?
عدد اليوم
