دكاكين في كلياتنا الجامعية

يكتظ المكان بالفتيات اللاتي يتسارعن لسد جوعهن بعد الوقوف طويلا لساعات، تجدين نفسك محتارة أمام الأطباق الشهية، تفاجأين بمرور فأر بحجم القطة، قد لا يصدقك أحد عندما تكونين الوحيدة التي رأيت ذلك المخلوق، تكملين رحلتك في اختيار وجبة غدائك، وتسرين عند رؤيتك لأكلتك المفضلة تنتظرك في طبق فضي، بينما الفتيات ينتظرن لدقائق طويلة حتى تسخن شطائرهن، تقفين خلف أحد الأساتذة تنتظرين دورك لدفع الحساب، فتجدين أن طبق الأستاذ مملوءا باللحوم الحيوانية، ومع ذلك فإنه يدفع نصف قيمة طبقك المكون من أوراق خضراء، لا تهمك قيمة ما ستدفعين بل تهمك قيمة ما سيدفعه الأستاذ ، تتساءلين لماذا يتعب الأستاذ نفسه ويقف وسط هذا الزحام بينما بإمكانه إحضار طعامه معه ''وهذا ممنوع على الطالبات''، تنتهي تلك الوقفة، تدفعين قيمة الطعام، تحاولين أن تجدي مكانا لتحشري جسدك فيه وتهنأي بالأكل، لكنك تفضلين المكان المريح لذلك، تخرجين من الكافيتريا وتجلسين على الكرسي في الخارج ''تحت لهيب الشمس'' لم يبق إلا ثلث ساعة من وقت الاستراحة، تبدأين بفتح أغطية النايلون لالتهام الأكل، ستبدأين بالسلطة، تفاجأين مرة أخرى بوجود شعرة مغموسة بين الخس والفجل، وقد بللها الزيت والليمون، يتكرر هذا المشهد كثيراً، تقفين مع نفسك لثوان مرة أخرى، تتمنين لو أن بإمكانك الذهاب إلى المنزل لتناول الطعام وتعودين مرة أخرى· تذمرت الطالبات وقدمن شكاوى للمسؤولين في الكلية· ولكن! كلية العين للطالبات مقارنة بالكليات الأخرى، تمتلك مطعما واحدا فقط · واحتكر هذا المطعم لفترة طويلة،وأصبح كدكاكين الحارة القديمة، لن تجدي فتاة واحدة تخالفني الرأي، أنا شخصياً لا يجذبني طعامهم،نادراً ما أذهب إلى هناك بعد إصرار زميلاتي للذهاب معهن· بعد هذه الحوادث المتكررة، قررت صديقاتي في الفصل أن يقاطعن هذا المطعم، لكن هذا الأمر لم يدم طويلاً، ففي صباح أحد الأيام قبل تسليم بحث أخذ مني شهرا كاملا، انتصر الجوع علينا أنا وزميلاتي اللاتي أردن الذهاب إلى الكافتيريا ، بعدها شعرنا بأنها ليست على ما يرام، وشاهدنا زميلة لنا قد فقدت توازنها، هاتفنا الممرضة، عرفنا لاحقاً بأنها تسممت من 'نصف شطيرة' وأخبرتها ممرضة العيادة بأن هناك حالات تسمم عديدة تصلهم من كليتنا، ماذا ننتظر بعد؟! ، حتى بيئتنا الدراسية لم تسلم من الاستغلال وارتفاع الأسعار، ولكن هذا السيناريو الذي قدمته ليس سوى رسالة أوجها للمسؤول الذي طالما أردناه أن يتصرف· حصة الشامسي- العين