الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آمال وخيبات افتراضية

آمال وخيبات افتراضية
2 مارس 2011 18:31
كتاب جديد صدر عن نادي الرياض الأدبي بعنوان “الصحف والمنتديات/ التجربة السعودية الإلكترونية/ شهادات وتجارب” يهتم برصد التجربة السعودية في الصحف الإلكترونية والمنتديات الثقافية، فيلقي الضوء عليها من خلال عدد من الأوراق التي تقرأ الواقع المتغير والمتحول فيما يشبه السيرة الذاتية لتلك المواقع، سواء الصحفية منها أو التفاعلية الحوارية. استعرض أصحاب الشأن مسيرة عدد من المواقع المعروفة محملين قراءاتهم الآمال الأولى والخيبات أو النجاحات، خصوصا وأن الرهانات الأولى كانت تنقصها الخبرة وتعوزها الجهود المستمرة واتقاد الأحلام الدائم، لاسيما مع وجود صحافة ورقية وانتشار واسع للكتاب ووسائل أخرى يمكن أن تكون أكثر جدوى في خيارات المبدع أو المثقف، مع أن دور الصحافة والمجلات كان قد تراجع ومثلها دور النشر التي لم تشهد دعما، وكذلك الأندية الثقافية التي كانت محلية، ورغم ذلك ظلت المواقع الثقافية التفاعلية تعاني من ابتعاد المثقف عنها نظرا لخوفه من هذه التجربة، وظل يعاملها بكثير من الحسابات. ويؤكد الكتاب أن بعض المواقع استطاعت أن تحدث توفيقا في تقديم مادتها مع ما يقنع مثقف يحمل الكثير من تراكمه الذي يجعله متشبثا بأدواته التقليدية ومتمسكا بها بل ويعتبر أن استخدامه أو اشتراكه في موقع ما يمس تجربته واسمه، إلى آخر تلك الأوهام التي يعيشها المثقف العربي والسعودي بشكل خاص، ولم تكن موجودة لدى مجايليهم في البلدان الأخرى خصوصا الأوروبية والتي لم تكتسب اسمها من وجود مثقف ما أو شاعر أو روائي معروف بل مما قدمته وهي تستثمر هذه التقنيات الجديدة آنذاك، تلك التقنيات التي بقيت لدى الكثير من المثقفين تقنيات عالم جديد عليه أن يحسب خطواته باتجاهه ولو كان هذا على حساب رغبته الداخلية في استخدامها. فمنذ أواخر التسعينات لم نر سوى مواقع محلية متفرقة وغير مستمرة، إذ لم تشكل سوى حالة مختبر ينتظر المثقف مصيره. كذلك ظهرت بعض المنتديات والمواقع التفاعلية التي لم تتبلور فكرة التخصص فيها، إلى أن ظهرت منتديات ثقافية وأدبية على اختلاف مستوياتها وفلسفتها، وكانت المهمة لدى مؤسسي تلك المواقع تصعب أحيانا لعدة أسباب منها جعل الزمن الانترنتي متوافقا ومستوعبا لقضايا الابداع وللشعر، والخوف أحيانا من فكرة عدم ضمان بقاء المعلومات أو الجهد الطويل وزواله في لحظة تحت أي خلل تقني، وقدوم الكثير إلى الموقع بفكرة مسبقة عن مواقع شبيهه الكترونيا وتحمل ذات التقنية ولذا تولد الخوف أيضا لدى كثير من المبدعين في مسألة ضبط العشوائية. وسنقرأ في الكتاب مشكلة أخرى واجهها سطام السلطاني وهو يدير موقع ثقافي “إخبارية عرعر” يقول عنها: كانت بداية التأسيس صعبة للغاية، فقد كانت الفكرة مثار سخرية الكثير من الصحافيين والأصدقاء المقربين، وكذلك محاولات التقليل من شأن الفكرة من كبار المسؤولين بالمنطقة، وكانوا يعتقدون أننا نقود مغامرة مجهولة.. وسنعثر على مخاوف أخرى لدى رئيس تحرير “عناوين” طارق إبراهيم تتمثل في قلة وجود الكفاءات المتمكنة القادرة على تحقيق إضافة نوعية في العمل، خصوصاً أن هناك تصوراً أو اعتقاداً خاطئاً ارتسم لدى عدد ليس بقليل من العاملين في الوسط الصحافي يكمن في أن أخلاقيات المهنة وضوابطها وأعرافها ليس بالضرورة أن يكون لها حضور في الصحافة الإلكترونية، وأنه لا حرج أن يحل بدل كل ذلك السطو على جهد الآخرين، وكتابة المادة التحريرية كيفما اتفق بلا ضوابط، ولا حرج في تغليب جانب الظن على جانب اليقين، وجانب التهويل على جانب الموضوعية. ولاشك أن هذه المنتديات الأدبية والثقافية شكلت وعيا جديدا في بداياتها بل لايكاد يكون هناك شاعر عربي اليوم إلا وقد ارتاد أحدها، وهو مايقوله أيضا إبراهيم الوافي الشاعر السعودي ومؤسس موقع “الشعر المعاصر”: أراهن على أن أكثر من 80% من المبدعين النشطين على الشبكة الإلكترونية من الأقطار العربية كافة وحتى المهاجرين في الغرب كانت لهم معرفة في الشعر المعاصر في تلك الحقبة، منهم من تكشّفت لنا سيرته الحقيقية، ومنهم من لا نزال نحتفظ بسيرته الافتراضية ألقًا وذاكرة، وقد كان للجديّة التي التزم بها المعاصر مع الهيبة الإبداعية التي افترضها المكان جرّاء وجود نخبة متمكّنة تحرّكه إضافة إلى ربطه بشكل أو بآخر بالصحافة الورقية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©