الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطعام والطهي بوابة تعليم اللغات والثقافات والتاريخ

الطعام والطهي بوابة تعليم اللغات والثقافات والتاريخ
12 ابريل 2010 20:31
ثبت أن تدريس عمل محشي ورق العنب في المدارس له فوائد عديدة بالإضافة طبعاً إلى تعلم الطهي، من هذه الفوائد اكتساب معلومات عن التجارة العالمية والكتابة التفسيرية وحتى عن تقاليد الزواج والعادات الاجتماعية. وفي بعض المجتمعات لا تتيسر للفتاة فرصة الزواج إلا إذا كانت تتقن الطهي، وقد تخضع لاختبار من أهل العريس المنتظر في عمل محشي ورق العنب على سبيل المثال الذي يجب أن يكون رفيعاً كالإصبع الصغير ومحشواً بالقدر الذي يجعله لا ينفجر أثناء طهيه ومحتوياً على البهارات والتوابل اللازمة التي ترضي ذوق حماتها. وقد حصل نحو 60 معلماً ومعلمة من مختلف مراحل التعليم في الولايات المتحدة على دورة تدريبية تضم موضوعات منها علاقة النمو الذهني بالغذاء والزراعة في أوروبا في القرون الوسطى وتجارة التوابل ودور الأرز في العولمة وسياسات مواجهة الجوع في العالم وماكدونالز في الشرق الأوسط. وبالإضافة إلى حصول المعلمين على نقاط في هذه الدورة تتيح لهم مزيداً من العلاوات فقد تعلموا دروساً يمكنهم استخدامها في صفوفهم وتعلموا أيضاً علاقة الطعام بالمواد التي يدرسونها وبالبيئات متعددة الثقافات في مدارسهم، ويقول أحد المعلمين إن تدريس الطعام يمهد الطريق لتعلم الثقافة والتاريخ والعلوم. في بعض المناطق بالشرق الأوسط تجلس النساء حول طاولة للاشتراك معاً في توضيب وعمل محشي ورق العنب بكميات ضخمة تكفي أسبوعاً أو لإحدى المناسبات، غير أن انشغال المرأة في عملها خارج المنزل جعل هذا النشاط يقل. ورغم إن الوصفة تبدو بسيطة، فهي عبارة عن حشو الأرز في ورق العنب ثم لفه وبعد ذلك طهيه على نار هادئة، غير أن تنوع مكونات الحشو وعادات الأكل المختلفة تصعب الأمر، فبالنسبة لبعض الناس تعتبر إضافة الكشمش شيئا أساسيا ولكن لغيرهم ربما يكون ذلك أمراً لا يطاق، حيث نجد أن الفلسطينيين يستخدمون الكمون والفلفل الحلو، والإيرانيين يستخدمون النعناع بكثرة داخل المحشي وخارجه. وتقول إحدى المدرسات إنها تشعر وكأنها تطوف العالم في وصفتها فالأرز من ضفاف نهر يانج تسي في الصين الذي انتقلت زراعته في الشرق الأوسط في القرن الأول الميلادي وورق العنب من دلتا نهر النيل والقرفة من الهند وجوزة الطيب من اندونيسيا وزيت الزيتون من الشرق الأوسط وحبة الصنوبر من إيطاليا والكشمش من اليونان والملح من تيمبوكتو والشبت والمقدونس من منطقة البحر المتوسط والطماطم من العالم الجديد (يعني أميركا). وفي أحد المنتديات نجد أن ليندا سيفيلينو مؤلفة كتاب “الطهو والثقافة” وكأنها تطوف العالم بالبطاطا، حيث تبدأ بعام 1537 حين أكل الإسبان البطاطا للمرة الأولى في كولومبيا، ثم تتوقف عند إنجلترا عام 1586 حين قدم طاهي الملكة اليزابيث البطاطا لأول مرة ثم في روسيا حين أدخلها بطرس العظيم في أواخر القرن السابع عشر ثم السويد عام 1764 حين شجعت الحكومة زراعة البطاطا وبالطبع إيرلندا حين تسببت مجاعة البطاطا في قتل مليون نسمة في منتصف القرن التاسع عشر. وتتحدث سيفيليتو أيضاً عن المقايضة الهائلة للأغذية حين احضر كولومبوس من “العالم الجديد” إلى “العالم القديم” الطماطم والديك الرومي والذرة والفلفل الحراق والفانيليا والفول (السوداني) مقابل الأبقار والخراف والقرنبيط والعدس والبرتقال والتفاح والموز من العالم الجديد، فالطعام يعطي المعلم مجالاً لتدريس مفاهيم تجريدية عالمية ورمزية أدبية. والتدريس عن الطعام هو في الواقع تدريس الاكتشافات والقراصنة واستقدام العبيد والتقاليد الدينية والتجارة والثقافة والزراعة وغيرها من المواد. فالطعام هو أهم رابطة أساسية لنا للبقاء أحياء، ويجعلنا نتمازج مع التربة ومع المزارعين، فهل تنتهج مدارسنا النهج نفسه وتدرس الطعام والطهي والغذاء الصحي وهو ما ينتظر أن يعود بفوائد كبرى منها صحة البدل ومكافحة السمنة واكتساب المعلومات الثقافية والتاريخية والجغرافية والاقتصادية وكذلك تنشيط سوق الزواج.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©