الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تضاعف الطلب العالمي على المياه 3 مرات خلال السنوات الخمسين الأخيرة?

تضاعف الطلب العالمي على المياه 3 مرات خلال السنوات الخمسين الأخيرة?
20 يونيو 2009 00:14
شهدت أسعار الأغذية ارتفاعاً عالمياً بنسبة في السنوات الثلاث الأخيرة 83%، وسط توقعات بارتفاع الطلب إلى 6.2% في غضون عشر سنوات، بحسب دراسة لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. ومنذ عام 2003، ارتفعت أسعار الذرة والقمح إلى أكثر من مثليها، كما قفزت أسعار الأرز إلى مستويات غير مسبوقة، فيما بلغت في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2008 ضعف ما كانت عليه قبل ذلك. وأشارت الدراسة العالمية الصادرة عن المركز تحت عنوان: «أزمة الغذاء العالمية» للمؤلفين أليكس إيفانز ويواخيم فون براون وآخرين، إلى أن أسعار منتجات الألبان، واللحوم، وزيت النخيل ارتفعت، وغير ذلك من السلع الزراعية أيضاً. ومنذ أوائل عام 2003، تضاعفت أيضاً أسعار الزبدة والحليب ثلاث مرات، كما تضاعفت أسعار لحوم الدواجن مرتين تقريباً. والمشكلة أن الارتفاع الهائل في أسعار الأغذية لم يُقصَر على الأسواق العالمية، بل انتقل إلى الأسواق المحلية، وإن بدرجات متفاوتة، بحسب الدراسة. وقالت الدراسة إن هناك عوامل عدة ساهمت في هذا الارتفاع الحاد؛ منها: زيادة الطلب، فتاريخياً تراوح نمو الطلب على الأغذية عند نحو 5.1% سنوياً، لكنه ارتفع حالياً إلى 2%، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب إلى 6.2% في غضون عشر سنوات. ويقدر البنك الدولي أن تلبية الطلب المتوقع على المواد الغذائية تتطلب زيادة أخرى في إنتاج الغذاء بنسبة 50% بحلول عام 2030. أما العامل الآخر وراء الزيادة في أسعار الأغذية، فهو الارتفاع المتسارع لنمو الدخل، وبالأخص في الاقتصادات الناشئة، مثل: الصين والهند، فالنمو المرتفع للدخل قد يكون السبب في نصف الزيادة التي حصلت مؤخراً في أسعار الأغذية. ومع تزايد ثراء أفراد الطبقة الوسطى، تتغير أنماط استهلاكهم الغذائي غالباً، باتجاه نظم غذائية غنية بمنتجات اللحوم والألبان التي تستنزف الحبوب والمياه أكثر من غيرها. كما يعدّ دور الوقود الحيوي عنصراً مهماً في زيادات أسعار الأغذية (وتقدر بنسبة 30%). ويستهلك إنتاج الإيثانول في الولايات المتحدة 20% من محاصيل الذرة في أميركا، وهو رقم مرشح إلى الارتفاع إلى 32% بحلول عام 2016. ويتطلع الاتحاد الأوربي إلى إنتاج 10% من وقود مواصلاته مستقبلاً، من الوقود الحيوي بحلول عام 2020، إضافة إلى عوامل مهمة مثل: عدم مرونة الإمدادات الغذائية، وانخفاض الصادرات من دول مهمة منتجة للأغذية، واتجاه دول كثيرة إلى شراء كميات غذائية أضخم من المعتاد بهدف تخزينها، ووجود بعض الاستثمارات المضاربة، وانخفاض مستويات المخزونات الغذائية، ونمو عدد السكان، والتحضر. وأوضحت الدراسة أن الزيادة الحادة أثارت في أسعار الأغذية مخاوف جدية حيال وضع أغذية الناس وتغذيتهم في أنحاء العالم، خاصة الفقراء في البلدان النامية، وأدت ولو جزئياً، إلى وقوع اضطرابات واحتجاجات مدنية في بعض البلدان. وحدث بعض أخطر الاضطرابات حتى الآن في مصر، وهايتي، ولبنان، كما حدثت قلاقل في بوركينا فاسو، والكاميرون، والصين، وساحل العاج، وغينيا، وموريتانيا، والمكسيك، والمغرب، وموزمبيق، والنيجر، والفلبين، والسنغال، وأوزبكستان، وفيتنام، واليمن. الإجراءات الطارئة ولمعالجة الوضع الخطير الناجم عن ارتفاع أسعار الأغذية، وللحد من تأثيراته المحلية، لجأ كثير من الدول إلى اتخاذ سلسلة واسعة من الإجراءات الطارئة. وقد رُكِّز الأسلوب الذي انتهجه أغلب البلدان حتى الآن (أذربيجان، وبنجلاديش، والبوسنة، والصين، ومصر، والاتحاد الأوروبي، وغانا، والهند، وإندونيسيا، والمكسيك، والمغرب، ونيجيريا، وبيرو، والفلبين، وروسيا، وتايوان، وتركيا)، على تخفيض التعرفات الجمركية المفروضة على الاستيراد أو على إلغائها. لكن بعض هذه التخفيضات في التعرفات على الاستيراد تم تعويضه بفرض تعرفات إضافية على التصدير، أو من خلال تطبيق نظام الحصص في بلدان أخرى– وبعضها من كبار المنتجين – بهدف تخفيض الأسعار المحلية (مثل: الأرجنتين، حيث أحدثت هذه الخطوة اضطراباً رئيسياً ساد أوساط المزارعين، والصين، والهند، وكازاخستان، وأوكرانيا، وفيتنام). ومن بين الأساليب الأخرى، القيام بعمليات شراء للمواد الغذائية لتأسيس المخزونات والاحتياطات الاستراتيجية أو إعادة ملئها، وهذا الأمر نفسه يكثف الضغط على الأسعار (العراق، وماليزيا، وتركيا، ودولة الإمارات العربية المتحدة)، وزيادة مستويات الدعم الحكومي (مصر، والهند، وسلطنة عُمان)، وتحديد سقف الأسعار (الصين، وروسيا، وتايلند)، ودراسة إمكانية تطبيق نظام التقنين (ماليزيا، وباكستان). وعلى المدى البعيد، هناك أربعة عوامل أساسية إضافية تتعلق بالإمدادات، وهي ما يمكن أن نطلق عليها مجتمعة مصطلح «قضايا الندرة». العامل الأول هو أن تكاليف المدخلات الزراعية، وبالأخص الطاقة، آخذة في الارتفاع. شح المياه والعامل الثاني هو أن شحّ المياه قد يصبح مسألة ملحة أكثر، فالطلب العالمي على المياه تضاعف ثلاث مرات في السنوات الخمسين السابقة، ويعيش 500 مليون شخص في بلدان تعاني نقصاً مزمناً في المياه، ومن المحتمل أن يرتفع هذا الرقم إلى 4 مليارات بحلول عام 2050. والعامل الثالث هو مسألة توافر الأراضي، إذ يرى بعض المحللين أنه على الرغم من تلبية الزيادات التاريخية في الطلب الغذائي من خلال زيادة المحاصيل، فستكون هناك حاجة في المستقبل إلى توسيع مساحات الأراضي. ولكن هذا الأمر سيكون مكلفاً، نظراً إلى حجم الاستثمار اللازم في البنية التحتية، وقد تتناقص العائدات لأن معظم الأراضي الحسنة تتم حراثتها أصلاً. والأهم من كل ذلك هو أن المنافسة -ببساطة - تشتدّ على الأراضي الموجودة، بما في ذلك المنافسة بين الأغذية، والأعلاف، والألياف كـ(الأخشاب، والورق)، والوقود، والمحافظة على الغابات، وفصل الكربون، والتحضر، فضلاً عن المعدلات العالية لخسارة التربة، بسبب التعرية والتصحر. أما العامل الرابع -ولعله الأهم - فهو تغيّر المناخ. وتتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، بشكل عام، أنه من الممكن ازدياد إنتاج الأغذية العالمي إذا ارتفعت درجات الحرارة المحلية إلى ما بين 1 و3 درجات مئوية، لكنها قد تنخفض أكثر من هذا المعدل. ومازال الناس، عامة، حائرين حول احتمال كون الارتفاعات الأخيرة في أسعار الأغذية ستستمر أم لا، فالكثير من المعلقين -ومنهم خبراء البنك الدولي - يرون أن الأمر سيستغرق «سنوات عدّة» إلى أن تتزايد إمدادات الغذاء وتعيد بناء المخزونات، وهذه المسألة تتيـح انخفـاض الأسعار. لكن على المدى البعـيد، توحي العوامل الهيكلية- بتوقعات ارتفاع عدد السكان إلى 2.9 مليار نسمة بحلول عام 2050، والثراء المتزايد، و«اتجاهات الندرة» الأربعة المشار إليها سابقاً - بإمكانية حدوث تحوّل هيكلي، وليس تحولاً دورياً فحسب. وعلى الرغم من غياب احتمال ارتفاع أسعار الأغذية بشكل كبير على امتداد العقد المقبل، فإنه من غير المحتمل أيضاً، أن تشهد الأسعار انخفاضاً مهماً، وعودتها إلى المستويات التي كانت عليها بين عامي 2000 و2003. الضرر بالفقراء وأوضحت الدراسة أن أسعار الغذاء المرتفعة تلحق أشد الضرر بالفقراء، إذ ينفق هؤلاء بشكل نموذجي نسبة عالية من دخولهم على شراء الأغذية، وتقدر مؤسسة أوكسفام هذه النسبة ما بين 50% و80%. وحين لا تتم حماية الفقراء من ارتفاعات الأسعار، تكون تغذيتهم في خطر، إذ يؤدي ارتفاع أسعار الأغذية إلى لجوء الفقراء إلى الحدّ من استهلاكهم للغذاء، والتحوّل إلى نظم غذائية أقل توازناً، وهذا يحمل في طياته تأثيرات تضر بتغذيتهم وحالتهم الصحية على المديين القريب والبعيد. كما أن الأسعار العالية ستعصف بالبلدان الفقيرة، وستقف حجر عثرة في طريق تحقيق أهداف الألفية الإنمائية المُمثَّلة بتقليل الجوع إلى النصف بحلول عام 2015. وقد سبق لمنظمة «فاو» أن أعلنت عن أن هناك 36 بلداً تعيش أزمة الأمن الغذائي، وأن هذه البلدان ستحتاج إلى المساعدات الخارجية؛ منها: 21 دولة في قارة أفريقيا. كما أن أسعار الغذاء المرتفعة تنطوي على تحديات واسعة تعترض سبيل تقديم المعونات الإنسانية؛ فبرنامج الغذاء العالمي يطعم حالياً 73 مليون شخص في 78 بلداً (وهذا العدد يمثل أقل من عُشر الذين يعانون نقص التغذية في العالم). وكانت ميزانية البرنامج التي تمت الموافقة عليها لعام 2008، تبلغ 9.2 مليار دولار، إلا أن ارتفاع التكاليف – للجوانب اللوجستية وللأغذية نفسها – يعني أن هذه الاحتياجات لن يتم الوفاء بها من خلال الأموال التي تمنح للبرنامج حالياً، وأنه ينبغي للبرنامج أن يحصل الآن على ما لا يقل عن 500 مليون دولار أميركي إضافية. وما لم يتم توفير التمويل الإضافي على نحو قريب، فسيضطر البرنامج إلى تقليص حصص الإعاشة، وتخفيض عدد الناس المشمولين بمعوناته. حوكمة الزراعة وأشارت الدراسة إلى أن التركيبة التنظيمية الحالية للزراعة، والأغذية، والتغذية، أخفقت على المستوى الدولي، في منع حدوث الأزمة، وثمة حاجة إلى تصميم دولي جديد لحوكمة الزراعة، والأغذية، والتغذية؛ بهدف تنفيذ هذه المبادرات بشكل فاعل. وينبغي للقوى الجديدة أن تشترك في نظام الأغذية العالمي: القطاع الخاص والمجتمع المدني، بما في ذلك المؤسسات الضخمة، إلى جانب الحكومات الوطنية والمنظمات الدولية، كوكالات الأمم المتحدة مثلاً. ولا بد من جعل البلدان ذات الأدوار الرائدة في النظام الزراعي العالمي مشتركة، وهي اليوم تتعدى الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوربية، لتشمل: البرازيل، والصين، والهند، وغيرها. النمو السكاني وقالت الدراسة: إن استمرار النمو السكاني، وتزايد الطلب بفعل تنامي الدخل، والتغيّر الحاصل في المناخ، تعد كلها دلالات على التحديات المستقبلية التي سيواجهها الإنتاج الزراعي؛ فإذا لم يُتّخذ إجراء عميق الأثر الآن، فإنه يمكننا أن نعد أزمة أسعار الأغذية الحالية نذيراً لأحداث العقود المقبلة. وتعدّ الأسعار الزراعية المرتفعة تجسيداً للزيادة الأساسية في تكاليف الإنتاج الزراعي والموارد الطبيعية التي يعتمد عليها هذا الإنتاج، وبالأخص من حيث الأراضي والمياه. أما التحدي، فيكمن في الإدارة السليمة لعملية التحول إلى الاقتصادات الجديدة الخاصة بنظام الزراعة ونظام الأغذية، وفي تسهيل استقرار الإمدادات والأسعار التي توفّر حوافز طويلة الأمد للإنتاج الزراعي وتساعد في حماية الفقراء. ونظراً إلى أن قدرات الإمداد العالمي تجهد لمواكبة المتطلبات المتغيّرة، فقد قام مشروع «تشاتم هاوس» للإمدادات الغذائية بتطوير أربعة سيناريوهات للإمدادات الغذائية، توضح سلسلة من الظروف التي يجب على قوى الإمدادات الغذائية في البلدان المتقدمة والنامية توقّعها لمواجهة السنوات المقبلة. ففي السيناريو الأول الذي أطلق عليه اسم «فترة قصيرة فقط»، حاول أن يستشرف المشروع ما سيحدث لو ثبت أن ارتفاع أسعار الأغذية الحالي كان قصير الأمد، وأن هذه الأسعار ستنخفض يوماً ما قريباً. أما في السيناريو الثاني، المسمى «تضخّم أسعار الأغذية»، فحاول أن يستكشف ما سيحدث لو بقيت أسعار الأغذية مرتفعة عشر سنوات أو أكثر. وفي السيناريو الثالث، «دخول عهد جديد»، درس المشروع ما سيحدث لو استنفد نظام الأغذية اليوم إمكاناته ووجب تغييره، أما السيناريو الرابع والأخير، وهو «الغذاء في أزمة»، فاستقصى ما سيحصل لو حدثت أزمة غذاء عالمية رئيسية. وأكدت الدراسة أن معالجة أزمة الغذائية تحتاج إلى تعاون وتنسيق عالميين، وأن هذا هو الوقت المناسب لإحداث تغيّر هائل في سياسات الأغذية العالمية، في البلدان المتقدمة والنامية معاً، والتوافق معاً على النظام الغذائي العالمي في القرن الحادي والعشرين.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©