الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوكا كولا

كوكا كولا
19 يونيو 2009 00:06
إذا سألت أي شخص، ما هي السلعة الأغلى سعراً، البترول أم الكوكا كولا؟ فإنَّ الإجابة ستكون بالتأكيد لمصلحة البترول، كيف لا وهي السلعة التي يقوم عليها العالم، ودونها ستنشل الحضارة، وتتوقف الصناعة، وتقوم الحروب، وتقع الكوارث، وتفلس الدول، وفي حالة زوالها من الممكن أن نعود إلى عصر استخدام الحمير والدواب. بينما الكوكا كولا مجرد مشروب غازي ترفيهي، وجوده في حياة الناس مثل عدمه، وعند الضرورات يمكن الاستغناء عنه بسهولة، علاوة على أنَّ الكثير من الدراسات والبحوث تحذر من الإفراط في تناوله، وتوجه النصائح بتوخي الحذر في استهلاك المشروبات الغازية بشكل عام؛ لأن لها آثارا سلبية على الصحة، ولعل أشهرها الدراسة التي تشكك في تسبب المشروبات الغازية في هشاشة العظام، والمعنى أن تركه قد يكون أفيد في واقع الحال. باختصار، ودون الحاجة إلى الإطالة في المقارنات لأن الجواب ظاهر من عنوانه كما يقال، ومن الأصل لا يوجد وجه مقارنة بين فوائد البترول وأهميته، لأنَّه لا يمكن تخيل العالم من دونه، وبين مشروب غازي يمكن أن نعيش من دونه. ورغم هذه الفوارق الجوهرية، إلا أنَّ الحقيقة غير ذلك، فسعر برميل الكوكا كولا يفوق البترول بكثير، وعلى وجه الدقة سعره يبلغ ضعف سعر البترول حسب الأسعار السائدة في هذه الفترة. البرميل يعادل 159 لتراً، وهذا الرقم يساوي 500 «قوط» كوكا كولا يبلغ سعرها 500 درهم. وإذا بحثت أكثر في الأسعار تكتشف أنَّه ليس الكوكاكولا وحدها أغلى سعراً من البترول، ولكن طائفة طويلة من المشروبات والعصائر وغيرها من السلع، التي تظن في البداية أنَّها ليست بذات شيء إذا قارنتها مع البترول. كيف، ليش ولماذا؟ لأنَّ البترول دائماً موضوع تحت الضغط والحصار، وتفرض عليه الضرائب الباهظة وتلاحقه «الدوشه» مع كل ارتفاع يحصل له، وهو مستهدف بأن يظل متاحاً بأرخص الأسعار. مثل هذه المفارقات السعرية غير المعقولة، أعتقد أنها تجسد أمامنا حقيقة أننا نعيش في عالم يضيع فيه الحق، ومن السهولة فيه تذويب الوقائع وإعادة تكوينها وتلوينها حسب مصلحة الطرف الأقوى، وبما أنَّهم هم الطرف الأقوى في المعادلة، فإنَّه علينا التسليم بأنَّ البترول سيظل باستمرار أرخص من الكوكا كولا والميرندا والسفن أب. سيف الشامسي Saif.alshamsi@edmedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©