الحكومة اللبنانية تقرر ملاحقة شبكة الاتصالات قضائياً

اعتبرت الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة أمس أن شبكة اتصالات ''حزب الله'' اعتداءً على أمن الدولة وسيادتها والمال العام'' وطالبت بإزالتها، وقررت الحكومة ملاحقة المسؤولين عن الشبكة قضائياً، وأعفت قائد جهاز أمن المطار وفيق شقير (المقرب من المعارضة) من منصبه· وهذه المرة الأولى منذ اتفاق الطائف الذي تعتبر فيها حكومة لبنانية أحد أوجه نشاطات ''حزب الله'' بأنها اعتداء على السيادة اللبنانية وخارجة عن القانون بعد أن شرعت كل الحكومات نشاطات ''حزب الله''· واتخذت الحكومة قرارها عقب جلسة طويلة استمرت 10ساعات مثلت الأطول في تاريخ الحكومات اللبنانية، واختتمت الرابعة ونصف فجراً بتوقيت بيروت· وقررت الحكومة في الاجتماع الماراثوني الرد على تهديد ''حزب الله''، ودعت إلى إزالة شبكة الاتصالات الخاصة بالحزب، واعتبرتها غير شرعية وتمثل خرقاً لسيادة الدولة وحقها الحصري في امتلاك التخابر العادي أو الخليوي (المحمول)، وتعتبر بمثابة اعتداء على المال العام· وقال وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي إن الحكومة ستزود جامعة الدول العربية بكل الوثائق المتعلقة بهذا الموضوع وفيما خص ما وصفته بـ ''التجسس'' على المدرج 17 في مطار بيروت الدولي، قررت الحكومة إقالة رئيس جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير من منصبه وإعادة الجهاز إلى ملاك الجيش اللبناني· ورد ''حزب الله'' على قرارات الحكومة على لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الذي أكد تمسك الحزب بشبكة الاتصالات، مشيراً إلى أنها تشكل توأماً لسلاح المقاومة· واعتبر أن هذه الشبكة جزء من الحماية وأن ما يجري في شأن المطار هو محاولة لتغيير أمنه وهذا مرفوض من قبل ''حزب الله'' وأن التعديلات الأمنية أو أي إجراءات أخرى لها قنواتها العادية والطبيعية· وفي تحدٍ لافت لقرارات الحكومة، قال الشيخ قاسم إن شبكة الاتصالات ستستمر حيث تدعو الحاجة، معتبراً إثارة هذا الموضوع بمثابة خدمة لأهداف العدو الإسرائيلي· وأكد العماد ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر أن الشبكة الهاتفية لـ ''حزب الله'' قانونية بموجب البيان الوزاري ''كمقاومة لها الحق أن تكون عندها اتصالات سرية بين أجهزتها العسكرية''· وعلمت ''الاتحاد'' من مصادر مطلعة في مطار بيروت الدولي أن العميد شقير (محسوب على الرئيس نبيه بري) رفض الانصياع لقرار الحكومة، وأصر على التمسك بموقعه كرئيس لجهاز أمن المطار وأبلغ من يعنيهم الأمر بأنه لن يأخذ أي أمر إلا من قيادة الجيش المعنية مباشرة بهذا الموضوع· ورداً على سؤال لـ ''الاتحاد'' حول رد المعارضة على قرارات الحكومة، أجاب قطب بارز في قوى 8 مارس ما حرفيته: ''ان الحكومة غير الشرعية انزلقت إلى ملفات خلافية تهدد بالانقسام، وقررت التحدي واعتماد أسلوب صدامي، ودفعت بذلك البلاد إلى مرحلة بالغة الخطورة''· وحول ما يمكن أن تقدم عليه المعارضة للرد على قرارات الحكومة قال القطب نفسه: ''نحن نعتبر قراراتها غير شرعية وغير قابلة للتنفيذ، فموقفها الغريب باعتبار إجراءات المقاومة بمثابة اعتداء على أمن الدولة هو دليل واضح على نوايا فريق السلطة برفع سقف المواجهة السياسية الداخلية''· وأبدت مصادر ديبلوماسية عربية في بيروت رداً على سؤال لـ''الاتحاد'' حول توقعاتها لمستقبل لبنان مخاوفها من انزلاق البلد إلى توترات أمنية بسبب الأزمة السياسية على خلفية أمنية وصولاً إلى تدويل الأزمة اللبنانية· واعتبرت المصادر أن ما يجري من ''اشتباك سياسي'' في لبنان وعلى هذا المستوى من التحدي والتهديد، يعتبر بمثابة مقدمة لنسف المبادرة العربية وكل مبادرات التسوية والدفع بالبلاد إلى مصير خطير ومجهول لا تحمد عقباه وربما الانفجار، خصوصاً بعدما تباعدت المسافات بين فريقي الأكثرية والمعارضة وتوقفت لغة الحوار· ودخلت قرارات الحكومة بازار سجال حاد بين فريقي الأزمة، حيث اتهم عضو كتلة ''المستقبل'' النائب عزام دندشي ''حزب الله'' بتحويل المقاومة إلى ''حصان طروادة'' في لبنان والعالم العربي· وقال: ''إنه يسعى بالقوة والترهيب والإرهاب إلى وضع كل اللبنانيين في مستوعب كبير مغلق لتراقبهم عيون وآذان قوات الردع الإيرانية''· واعتبر أن مصالح الحزب تخدم مصالح اسرائيل وتتماهى معها من خلال زيادة النعرات الطائفية وتعميق الانقسام العربي· أما عضو ''اللقاء الديمقراطي'' النائب وائل ابو فاعور، فقد نفى أن تكون القرارات التي اتخذتها الحكومة تصعيداً، ودان ''حزب الله'' الذي صعّد عبر إقامة شبكة الاتصالات الخاصة به بمساعدة إيرانية الأزمة مع الحكومة· وأكد أن قرارات الحكومة ستنفذ وإذا كان العنوان مقاومة إسرائيل فإن تخريب الداخل ليس الطريقة المناسبة، وأن ثمة استراتيجية دفاع طرحت للنقاش لكن الحزب يرفض حتى النقاش ويتصرف بناءً لمعطيات وتوجيهات سورية - إيرانية· ورد عضو تكتل ''التغيير والإصلاح'' النائب سليم عون (معارضة) وقال ''إن قرارات الحكومة غير حكيمة وكشفت عن الوجه الحقيقي للفريق الحاكم الذي يتعاطى باستهداف واضح لـ ''حزب الله''، مشيراً إلى أن الحكومة تتبنى المقاومة في بيانها الوزاري ثم تمنعها من ممارسة حقها في أن تكون لها شبكة اتصالات آمنة''·