الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تدخل انتخابي!

9 ابريل 2010 22:05
فقدت المعركة الانتخابية السودانية متعددة الدرجات، والمقرر أن تجرى خلال الأيام الثلاثة المتتالية بين 11 و13 من الشهر الجاري، فقدت بعض رونقها وخفت بريقها إلى حد كبير بعد أن أصبحت في نظرنا أقرب إلى المسرحية العبثية. وتلك في الأساس مسؤولية عدد من أحزاب المعارضة الرئيسية، وتحديداً "حزب الأمة القومي" بزعامة المهدي، و"الحزب الاتحادي الديمقراطي" بزعامة الميرغني. كذلك يتحمل حزب "الحركة الشعبية" (الجنوب) قدراً من تلك المسؤولية لأنه كان أول من بدأ بسحب مرشحه لرئاسة الجمهورية. ومن حق حزبين مؤثرين، هما "حزب المؤتمر الشعبي" بزعامة الترابي، و"الحزب الشيوعي السوداني" الذي يقوده إبراهيم نقد، أن نذكر لهما الفضل في الوضوح والالتزام بما أعلناه. فالأول قال منذ البداية إنه سيخوض المعركة مهما كان الأمر، والآخر أعلن مؤخراً انسحابه ومقاطعته للانتخابات في كل مراحلها. أما "حزب الأمة" و"الحزب الاتحادي الديمقراطي" فقد أعلنا الانسحاب تنفيذا لقرار سبق أن اتخذته مجموعة ما يسمى "أحزاب اتفاق جوبا"، ثم عادا وتراجعا عن ذلك بعد ثلاثة أيام، ثم عاد "الأمة" أخيراً ليعلن قرار المقاطعة؛ قائلا في هذا الخصوص إنه قدم مطالب من ثماني نقاط سيخوض الانتخابات إن ردت عليها السلطة بالإيجاب، ولن يشارك في غياب ذلك الشرط، وهو ما حدث فعلا. أما "الاتحادي الديمقراطي" فقد عاد ليقول إنه سيخوض الانتخابات في كل مراحلها. وهنا لابد أن نشير إلى أنه من الواضح، حسبما يقول العارفون ببواطن الأمور، هو أن قيادة هذين الحزبين تعرضتا لضغوط من المبعوث الأميركي للسودان، الجنرال قريشن، الذي يبدي نشاطاً ملحوظاً هذه الأيام هدفه إجراء الانتخابات كاملة في موعدها رغم كل ما أثارته وتثيره أحزاب المعارضة من اتهامات مفادها أن الحزب الحاكم يعمل للفوز بأي ثمن، وأنه يسخّر كل إمكانيات الدولة ووسائلها لمصلحته. وكذلك الاتهامات الأخرى ضد مفوضية الانتخابات التي يري المعارضون أنها خرقت قانون الانتخابات ولم تلتزم بالدستور ولم تلتفت كثيراً إلى أن الهدف هو أن تكون الانتخابات نزيهة مبرأة من كل عيب لتصبح أداة سليمة وعادلة للانتقال من حكم الحزب الواحد إلى حكم الأغلبية حسب ما يريده الناخبون. ولا شك أن المبعوث الأميركي للسودان قد ذهب بعيداً بمستوى تدخله في الشأن السوداني. من ذلك مثلا أنه قال بعد أن اجتمع برئيس مفوضية الانتخابات وأعضائها: "لقد زودتني المفوضية بمعلومات جعلتني واثقاً من أن الانتخابات ستجرى في الموعد المحدد لها، وأنها ستكون على أعلى قدر ممكن من الحرية والنزاهة"، ثم قال: "إن المفوضية قامت بعمل جدي لضمان وصول الناخبين إلى مراكز التصويت، وستضمن الإجراءات والآليات المعتمدة الشفافية وسيتم فرز الأصوات بأفضل طريقة ممكنة". وبالطبع فإن المبعوث الأميركي لم يعلن للشعب السوداني ما هي المعلومات التي زودته بها المفوضية وجعلته واثقاً من أن الانتخابات ستكون على أعلى قدر من الحرية والنزاهة! وهنا ألاحظ أنه أولا ليس من حق المبعوث الأميركي أن يغوص في مسألة النزاهة والحرية ومداهما في انتخابات سودانية، وإن كان من حقه قول رأي في أن المصلحة، حسب تقديره، قد تقتضي إجراء الانتخابات في موعدها المحدد. لكنه تجاوز الحدود المعقولة وجاءت تصريحاته أقرب إلى توجيه لطمة إلى كل قادة الأحزاب السياسية المعارضة التي ظلت على مدى ثلاثة أشهر أو نحو ذلك تتحدث عن انحراف مفوضية الانتخابات، وكيف أنها أصبحت فصيلا تابعاً للحزب الحاكم وليس هيئة مستقلة تعامل كل الأحزاب علي قدم المساواة. وثانياً من حقنا، وقد اتضح الآن موقف الإدارة الأميركية ممثلة بمبعوثها للسودان، ومفاده أنها ليست مهمومة بعودة النظام الديمقراطي الذي بشرت به اتفاقية نيفاشا للسلام، من حقنا القول إن الإدارة لها مصالح أخرى في السودان مقدمة على دمقرطة نظام الحكم فيه. وذلك لعمري كشف للحقائق يجب تسجيله بوضوح تستحقه أهمية الحدث السوداني المنتظر. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©