الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوم الضاد

28 فبراير 2011 19:16
الأول من مارس، يوم عيدها، حيث يحتفي بها أبناؤها، ليضعوها في مُهجهم وقلوبهم، ووجدانهم، متمسكين بها بالنواجذ، لأنها موحدتهم وكلمتهم ورسالتهم الخالدة، العصيّة على كل محاولات الطمس، إنها «الضاد» مؤلّفة القلوب، ممهدة الدروب، مقتحمة الخطوب، جامعة الشعوب. يعد الاحتفاء والاحتفال بيوم اللغة العربية من الأشياء التي تثلج الصدور، ونتمنى أن يكون هذا اليوم تتويجاً لاهتمام دائم، وليس استذكاراً لها في هذا اليوم ونسيانها طوال أيام السنة! جميل أن تتوّج صفحات الصحف بشعار يوم اللغة العربية كما فعلت «الاتحاد» ونتمنى أن تتوّج اللغة العربية باعتمادها لغة الحياة، في الشارع، في المدرسة، في البيت، في المؤسسة، في المركز التجاري، في الإذاعة والتلفزيون، في الصحافة. نتمنى أن يكون الاحتفال بالـ «الضاد» بورش عمل وندوات في المدارس والدوائر والمؤسسات الإعلامية وغيرها، تبرز أهمية العربية في حياتنا، وخطورة نسيانها وهجرها وإحلال لغات أخرى مكانها على ألسنة النشء من أبنائنا، لتصبح هذه اللغة العربية مجرد مادة مدرسية، للنجاح في الصف المدرسي. لن نصل إلى درجة الفخر بلغتنا، دون إدراك أنها هويتنا، ولن نعرف ذلك إلا بإيلائها الاهتمام والرعاية، لندرك روعتها وعظمتها، ألا يكفي أنها لغة الخالق عزّ وجل في كتابه وفي جنته! قال مصطفى صادق الرافعي: «ما ذلّت لغة شعبٍ إلاّ ذلّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهاب وإدبار، ومن هذا يفرض الأجنبيّ المستعمر لغته فرضاً على الأمّة المستعمَرة، ويركبهم بها، ويُشعرهم عظمته فيها، ويستلحِقهم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثةً في عملٍ واحدٍ: أمّا الأول فحَبْس لغتهم في لغته سجناً مؤبّداً، وأمّا الثاني فالحكم على ماضيهم بالقتل محواً ونسياناً، وأمّا الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها، فأمرُهم من بعدها لأمره تَبَعٌ». تطورت اللغة العربية الحديثة عبر مئات السنين، وبعد مرور أكثر من ألفي سنة على ولادتها أصبحت - قبيل الإسلام - تسمى لغة مضر، وكانت تستخدم في شمال الجزيرة، وقد قضت على اللغة العربية الشمالية القديمة وحلّت محلها، بينما كانت تسمى اللغة العربية الجنوبية القديمة لغة (حمير) نسبة إلى أعظم ممالك اليمن حينذاك، وما كاد النصف الأول للألفية الأولى للميلاد ينقضي حتى كانت هناك لغة لقريش، ولغة لربيعة، ولغة لقضاعة، وهذه تسمى لغات وإن كانت لا تزال في ذلك الطور لهجات فحسب، إذ كان كل قوم منهم يفهمون غيرهم بسهولة، كما كانوا يفهمون لغة حمير أيضاً وإن بشكل أقل، وكان نزول القرآن الكريم في تلك الفترة هو الحدث العظيم الذي خلد إحدى لغات العرب حينذاك، وهي اللغة التي نزل بها - والتي كانت أرقى لغات العرب - وهي لغة قريش، فكل أشعار العرب في العهد الجاهلي كتبت بلغة قريش وسميت لغة قريش منذ ذلك اللغة العربية الفصحى بقول القرآن «وكذلك أنزلناه حكماً عربياً»، «وهذا كتاب مصدق لساناً عربياً» وقوله «وهذا لسان عربي مبين». هي الفصحى وهــل لغــةٌ سِــواها لَــدَى التِّبيــانِ تبلــــغُ مُنتهاهـا! لقـد وضحـتْ بأحرفِهــا المعــاني كمثلِ الشَّمْسِ تسـطعُ في ضُحاها تســيلُ على اللِّســانِ بكلِّ يُسْــرٍ ويُطْـرِب لحنُهـا مَــنْ قــد وَعاهـا لهــا وقْــعٌ على الأسْـــماعِ عَـذْبٌ وفـــي الألْبــابِ يَحْلُــو مُجتناهــا إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©