يا عرب أمجاد

قبيل ارتكاب الكتابة داولت نفسي: وماذا تقول إذن؟.. تعاطيت بعض الأغاني، “وبلبعت” ما تدعيه الفضائيات في نشرات التجلي، وقلت لعلي، وهيهات ظل “غباء” الكتابة يركب عقلي. ماذا تقول إذن؟.. ولو كنت قاسياً في الكلام لحامت جميع الخناجر حولك، ولو كنت سهلاً أليف الحروف لقال الضمير تصعلك.. فويلك. وأخيراً وجدتها.. تذكرت هذه الرأس التي لا تنطفئ.. رأس كولينا الشهيرة لما أطلت علينا أخيراً لتنبئ ليس فقط عن أحد أهم قضاة الملاعب في عالم الساحرة المستديرة، ولكن أيضاً عن رجل خفيف الظل يقول: لقد صارت المباريات تعاني حصاراً بنحو 20 كاميرا يطير بعضها في الهواء لهذا تعين علينا اعتماد حكام بأجنحة.. وظل يداعب حيناً ويسخر حيناً حتى تخيلته من جذور شرقية عربية، وهي الجذور التي استطاعت في عصر الفضاء والسماوات المفتوحة أن تصدر إلى قطاع كبير من العالم أصول “النكتة” وفنون السخرية. وفرحت لأنني تذكرت أننا نجحنا في أن نصدر شيئاً للعالم الذي نستورد منه كل شيء.. الماء والهواء والطعام والكلام والأحلام، حتى صرنا مؤخراً نستورد “النصيحة” ونحمل شأننا الداخلي ونقف على باب الفيفا طالبين حق اللجوء الرياضي وفيتو مستوردا بعد أن فشلنا في تصنيع قرار عربي محلي. لكن لا بأس، فربما تكون الكفة متعادلة.. نحن برعنا حديثاً في تصدير أصول “التنكيت والتبكيت” امتداداً لأمجادنا السابقة أيام الرازي وابن سينا وابن الهيثم وغيرهم ممن أضاؤوا قناديل العلم والمعرفة عبر الأندلس في قارة الجهل والظلام التي صارت فيما بعد أوروبا. وازدادت سعادتي لما تذكرت مشهداً موازياً وأنا أتابع في صحراء ليوا معسكر رالي أبوظبي الدولي حيث جلس مدير المطعم ذو العيون الملونة والشعر الأصفر الطويل يدخن “الشيشة” بحرفية عالية، ولما سألت قالوا فرنسياً، فهللت مرحى مرحى، هذه ضربة ثانية.. أخيراً غزونا الفرنجة بعلوم الدخان وفنون الشيشة. وفي عالم الساحرة المستديرة نستورد اللاعبين والمدربين والمساعدين والمستشارين والحكام، ونصدر باقة ورد وأزمة مباراة وشكوى في محكمة دولية.. لا بأس إذن فالأيام دول.. دولة لنا ودولة علينا، جولة هناك وجولة هنا.. لكن الحق يقال طالت الجولة منذ سقوط الأندلس فمتى تأتي جولتنا وصولتنا ودولتنا، ولو في كرة القدم؟. الحق أقول.. العبث اليوم هو المعقول. mamdo9495@yahoo.com