السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبد الله محمد: رزق البقال في سمعته

عبد الله محمد: رزق البقال في سمعته
4 مايو 2008 01:52
عندما وصل البقال عبد الله محمد الى أبوظبي قبل عشرين عاما قادما من الهند، لم يكن يتوقع أن يمكث فيها أكثر من 3 سنوات· كان حلمه أن يوفر مبلغا من المال يساعده على نفقات الزواج من ابنة الجيران التي كان يحبها، لكن ظروف الحياة أتت بعكس توقعاته، ومع أنه أخطأ التقدير منذ البداية الا أن الأمر جاء في صالحه كما يقول: ''فعدا عن أن أوضاعي المالية تحسنت فقد أحببت العيش هنا بعدما تعرفت على أصدقاء كثر، تحولت علاقتي بهم مع الزمن الى ما يشبه الترابط الأسري''· وهكذا فان مكوثه طيلة النهار خلف ''كاونتر'' الحسابات المزدحم بلفافات الحلوى وألواح الشوكولاته ولعب الأطفال، لا يشعره لحظة بالملل لأن طبيعة عمله كبقال مبنية على التجدد والتواصل مع الجميع· زبائنه هم من الكبار والصغار ومن مختلف الجنسيات والطباع· منهم أشخاص يتداولون الحديث معه في كل مرة يقصدون فيها دكانه، ومنهم حتى من لا يرمون عليه السلام· وفي الحالين يقوم بأداء واجبه على أكمل وجه، ولا يرفض خدمة لأحد ممن يلجأون اليه للتبضع بالدَّين على مشارف نهاية الشهر· وكونه يقطن في المنطقة نفسها منذ عشرين عاما، فقد باتت علاقته بالجيران ودية لا سيما مع نساء الحي اللاتي يعرفهن من خلال الهاتف وحسب· فغالبا تتصل به ربات البيوت ويطلبن منه إرسال ما ينقصهن أثناء تحضير الطعام، وغالبا ''الروب'' والملح والزيت والعصائر على أنواعها· ويتمتم بـ ''الأوردو'' كلمات تمكنا من فهم بعضها: ''الويل لي إن تأخرت في الخدمة المجانية للمنازل، وخصوصا إذا كانت المتصلة امرأة، فعندها لن ترحمني من لسانها السليط ولا من اتصالاتها المتتالية وكأني أملك طائرة ''هيلكوبتر'' قادرة على تأمين الطلبيات كلها بلمح البصر''· ويعينه على توزيع ''السامان'' على البيوت مجموعة شبان آسيويين يعملون لديه برواتب متقطعة يحددها ضغط العمل· وكثيرا ما يساعده فتيان من الحي بشكل تطوعي لقاء زجاجة مرطبات من هنا أو كيس ''شيبس'' من هناك، لأن ''همي الأول والأخير أن ألبي كافة الطلبات لمختلف العمارات لأن المنافسة بين البقالات على أشدها، والسمعة الحسنة للبقال هي التي تبقي الزبائن من حوله، لذلك لا اعلق أهمية على التأخر في الدفع، ولدي الكثير من الزبائن الذين يدفعون لي مرة آخر كل شهر، وأحيانا كل 3 أو 4 أشهر''· ونسأله كيف له أن يقبل بهذا النوع من الديون، وما اذا كان يخشى من عمليات النصب، فيجيب: ''أعمل منذ زمن بعيد في هذه المصلحة، وأعرف لمن أمنح ثقتي وهي غالبا للمقيمين القدماء· ويكفي أن تكون علاقتي جيدة بحراس المباني لأعرف من سيترك الحي نهائيا ومتى، كي أطالبه بالدفع اذا شعرت أنه يماطل''· وعبد الله الذي تجاوز الخمسين من العمر، هو أب لثلاثة أبناء مازال يصرف على دراستهم ويزورهم مرة كل سنة أو كل سنتين حيث يطمئن على صحتهم ويقضي معهم بضعة أسابيع تكون كافية لينفق فيها كل ما وفره ويعود أدراجه الى العمل حاملا معه مجموعة ''فواتير'' والتزامات عليه إتمامها· يتمنى عبد الله لو كان بامكانه قضاء الأيام وسط أسرته في الهند، لكنه على قناعة بأن الحياة باتت أصعب بكثير مما كانت عليه قبل 20 عاما· وهكذا فهو غير متفائل بإمكانية تحقيق حلمه قريبا والعودة الى موطنه قبل أن يطمئن على مستقبل ولديه ويزوج ابنته· ''قبل أن أتزوج اعتقدت أن 3 سنوات من الغربة كافية لأكون نفسي، وقد أخطأت التقدير· أما اليوم فلن أحدد أي مهلة تاركا الظروف تختار لي المكان الذي سأمضي فيه بقية سنوات عمري''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©