الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ظل البحر» الإماراتي في مواجهة «النازي الصغير» الألماني

«ظل البحر» الإماراتي في مواجهة «النازي الصغير» الألماني
27 فبراير 2012
انتهت أمس فعاليات مهرجان السينمائي الإماراتي الألماني السويسري، بعد مسيرة أربعة أيام، عرضت خلالها ألوان من الفن السابع، المعبر عن تراث وثقافات الدول الثلاث، في عملية تلاق تراثي وحوار فكري قل أن يشهده أي من المهرجانات العالمية، خاصة أنه أقيم في القرية التراثية التابعة لنادي تراث الإمارات بكل ما تحتويه من أجواء تراثية مميزة، ساهمت في إنجاح المهرجان وتوصيل رسالته إلى العالم. شهدت الليلة الختامية حضوراً إماراتياً مميزاً عبر واحد من أنجح أفلام المخرجين الإماراتيين الشباب، وهو فيلم “ظل البحر” للمخرج نواف الجناحي، الذي سبق أن عرض فيلمه في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي في دورته الماضية، وأثنى عليه الكثيرون من صناع ومتابعي الفن السابع في المنطقة والعالم، وهو ما جعل اللجنة المنظمة للمهرجان تحرص على أن يكون مسك الختام مع هذه البصمة السينمائية الإماراتية المميزة. «أليس - باريس» والفيلم مدته 98 دقيقة، ويتناول قصة مراهقين ينتقلان من قرية صغيرة على شاطئ البحر إلى أبوظبي محاولين أن يجدا نفسيهما بعد أن شكل سوء التفاهم والتخبط والقرارات الخاطئة حياتهما، وبطل الفيلم منصور “عمر المل”، وهو مرتبط بعلاقة قوية بجارته كلثم “نيفين ماضي”، ولكن الثقافة والعرف والوضع الصعب للعائلة تصعب عليه أن يعبر عن ذلك بصراحة، فيحاول منصور ادخار المال دون علم أهله، وذلك عندما يخبره صديقه سلطان “أبرار أحمد” العالم بكل شيء بأن الهدية هي أفضل تعبير عن حبه، وهكذا تدور أحداث الفيلم مع قصة مراهقين يتوجب عليهما أن يسلكا طريقهما في عالم مكبل بالتقاليد القديمة. أما عن نواف الجناحي، فهو مخرج إماراتي ولد في أبوطبي ودرس السينما في الولايات المتحدة الأميركية، وأصبح عضواً في الحركة السينمائية الإماراتية الناشئة، وساهم بأول أفلامه القصيرة مثل “على طريق” 2003، و”أرواح” 2004 في أول المسابقات الإماراتية التراثية، كما أنشأ أول مجموعة سينمائية على الإنترنت بالإمارات، عُرض فيلمه القصير “مرايا الصمت” 2006 في العديد من المهرجانات الدولية، كما لاقى فيلمه الروائي “الدائرة” 2009 اهتماماً دولياً. وقد سبق ظل البحر، عرض الفيلم السويسري “أليس - باريس”، للمخرج ستيفان موجلي، وهو فيلم ناطق بــ”الألمانية” ومدته 22 دقيقة، ويتناول حياة أليس التي تريد دراسة التصوير الفوتوغرافي في باريس وتنتظر موافقة المعهد العالي للفنون، ولا يعرف والدها فيرنر أي شيء عن رغبتها الوظيفية الفنية ويخفي عليها الخبر السعيد بقبولها، وفي تتابع أحداث الفيلم يتباعد الأب والابنة عن بعضهما بعضاً أكثر وأكثر نتيجة لعدم قدرتهم على الحوار، وتؤدي مغازلة فيرنر للخادمة الإسبانية إلى تصاعد الموقف. «النازي الصغير» أما بداية اليوم الأخير، فكانت مع واحد من أبرز الأفلام من حيث موضوعه أو الجدية في طرح الموضوع بأسلوب مغاير لكل ما هو متوقع، من خلال الفيلم الألماني “النازي الصغير”، حيث يتعرض الفيلم لموضوع النازية، وكيف ينظر الجيل الثاني والثالث لتلك الحقبة، والفيلم مدته 14 دقيقة وتدور أحداثه في إطار كوميدي، من خلال عائلة فولكيل، التي تود الاحتفال بأعياد الميلاد مع الجدة مثل كل عام. ولكن حفل هذا العام تحول إلى مفاجأة صادمة، حيث أحيت الجدة احتفالات النازيين بأعياد الميلاد، كما كانت تعايشها في طفولتها، إلا أن هذا لم يكن المشكلة الأساسية، ولكن المشكلة كانت في الضيف القادم لزيارة الأسرة من ضحايا النازية، وبالتالي آخر ما تريده الأسرة أن تظهر نازية، غير أن هناك مصادفة واحدة غير متوقعة هي التي أنقذت الأسرة لتتنكر لهذه الحقيقة. تحدثت إلى “الاتحاد” مخرجة الفيل بترا لوشوف وقالت إنها درست الأدب وعلم السينما وعلم الاجتماع في كل من برلين وفيينا، وتعمل منذ التسعينيات كصحفية وتقوم بتنظيم المهرجانات السينمائية، وأنهت في عام 2001 دراسة كتابة السيناريو بالمعهد العالي للسينما والتلفزيون بمدينة بوتسدام، وتعمل منذ ذلك الحين ككاتبة سيناريو، وحصل فيلمها القصير “النازي الصغير” على الكثير من الجوائز؛ ولذا شاركت به في هذا المهرجان إيماناً بقيمة هذا المهرجان السينمائي الذي يجمع بين دول ثلاثة تفصلهم مسافات جغرافية بعيدة، وتربطهم سمات وخصائص إنسانية واهتمامات مشتركة، وهو ما عبر عنه عنوان المهرجان لهذا العام “الصغير والكبير”. وحول جرأة الموضوع الذي تناولته لوشوف من خلال “النازي الصغير”، أوضحت أن الموضوع ليس صعباً في حد ذاته؛ لأنه أصبح يمكن تداوله في ألمانيا بأشكال متنوعة، ولكن الجديد الذي أتت به عبر فيلمها، هو أنها تناولت القضية بأسلوب كوميدي، ويتعرض للجيل الثاني والثالث من ألمانيا بعد الحقبة النازية، متناولاً نظرة تلك الأجيال للنازية، والمفارقة التي يقوم عليها الفيلم هنا هو كوميدية الأحداث مع جدية الطرح. درجات الكوميديا وهنا أكدت لوشوف أنها تعتبر أن أفضل درجات الكوميديا، هي التي تتعامل مع موضوع تراجيدي ولكن في إطار كوميدي، وهو ما يعطي إمكانات أفضل للتعاطي مع موضوع وأحداث الفيلم. ولفتت المخرجة الألمانية إلى أنها المرة الأولى التي تشارك فيها في حدث سينمائي في منطقة الشرق الأوسط، وأبدت إعجابها بالخطوات الكبيرة التي انتهجتها على صعيد التطور في كافة المناحي إلى حد اهتمامها بالعناصر السينمائية الشابة، والعمل على دفعهم والأخذ ييدهم للمضي في طريق النجاح، ليصبحوا رقماً مهماً في صناعة السينما في المنطقة، بما توفره لهم الدولة من أشكال الدعم كافة: الثقافي والمادي والإعلامي. إلى ذلك، أشادت لوشوف بنجاح المهرجان في إتاحة الفرصة للشباب كي يكتسبوا خبرات سينمائية بشكل معمق، عبر ما أتاحه المهرجان من حلقات نقاشية أعقبت الأفلام المعروضة، أو ورش عمل سبقت انطلاق المهرجان، منحت الطلاب المشاركين في فعالياته القدرة على رؤية وتحليل الأفلام بشكل يقارب ما يفعلوه المتخصصون، وهي إضافة مهمة لهم في بداية حياتهم وبواكير صلاتهم بالفن السابع. مبادرة مهمة ووصف المخرج الإماراتي خالد البدور المهرجان، بأنه مبادرة مهمة في حد ذاتها خاصة فيما يتعلق باختيار عنوانه ليكون مختصاً بأفلام تعني بالتراث بمعناه الواسع، سيما أن التراث يشكل اليوم أحد القضايا المؤرقة في عالم الانفتاح الإعلامي الكبير والتقني الذي بدأ يغلب ثقافات على أخرى، ما يؤدي إلى انكفاء الهوية الأصلية في المجتمعات، ومن هنا يعتبر تخصيص أفلام عن التراث خطوة تستحق أن نشد على يد منظميه ونتمنى لهم التوفيق. وعن تأثير المهرجان على واقع السينما الماراتية، قال البدور: لا شك في أن أي مبادرة في السينما تدفع الحراك السينمائي، خاصة أن الحركة السينمائية الشابة في الدولة تحتاج لمثل هذه المبادرات، بالإضافة لدعم وتكاتف جهود المؤسسات الثقافية والتعليمية لدفع صناعة السينما في الدولة. وأكد البدور أن وجود المهرجانات السينمائية بمختلف أشكالها يصب في صالح الحركة السينمائية في الدولة، بما يتيحه من الاطلاع على تجارب عالمية وسينمائيين ومخرجين من أنحاء العالم كافة، فضلاً عن السمة الفريدة لهذا المهرجان، والذي يهدف لتواجد الثقافات الإماراتية والألمانية والسويسرية جنباً إلى جنب في تظاهرة ثقافية وفنية فريدة من نوعها. وعي وإدراك من ناحيته، أثنى الكاتب والمخرج الإماراتي صالح كرامة، على جهود القائمين على المهرجان السينمائي الإماراتي الألماني السويسري، الذي ينم عن وعي وإدراك، خاصة أن المركز الثقافي الألماني صاحب الباع الأكبر في هذا المهرجان ويحمل تاريخا عريقا وتجارب منوعة في بلدان عربية عديدة، ولذلك هم على قدر كبير من الإلمام بالثقافة الإماراتية والعربية، ومن هنا حاولوا اختيار وجوه جديدة وشابة للمشاركة في فعاليات وأحداث هذا المهرجان، كما أن لجنة الأفلام اختارت نخبة من الأفلام من وسط 70 فيلما تتناسب مع المهرجان. إلى ذلك، أوضح كرامة أنه من النتائج الملموسة للمهرجان في دعم صناعة السينما الإماراتية، الدفع بالمخرج الإماراتي الشاب محمد غانم المرّي صاحب فيلم الافتتاح “السيفة”، والذي يعد من التجارب الناجحة في هذا المهرجان. وأشار كرامة إلى تميز صناعة السينما في ألمانيا وسويسرا بالنسبة للسينما الأوروبية، حيث تتسم بتناول الموضوعات الإنسانية الراقية؛ ولذلك أكثرهم يحصلون على جوائز في مهرجانات السينما الأوروبية، سيما مهرجان برلين؛ لأن عناصر العمل السينمائي بها مريحة وتعمل بأعلى تقنية. أما محمد غانم المري مخرج فيلم الافتتاح، فقد أشار إلى أن مشاركته في هذا المهرجان ساعدت على احتكاكه بالخبرات الأجنبية ومشاهدة تجارب الآخرين، وهو ما يجعله يكتسب مهارات وخبرات متميزة في ظل وجوده بين مخرجين عالميين، وهو ما يزيد من ثقته بنفسه، كما أن عمل مناقشات مفتوحة بين الجمهور والمخرجين الإماراتيين، يجعل فائدتهم مضاعفة من المهرجان، عبر الاستفادة من آراء وتعليقات الجمهور. نشر التراث وتعزيز الهوية يقول إبراهيم الحمادي مدير القرية التراثية التابعة لنادي تراث الإمارات والتي استضافت المهرجان، إن احتضان نادي التراث للمهرجان من خلال القرية جاء باعتبارها واحة تراثية ثقافية سياحية في دولة الإمارات، وأيضاً إبرازاً لأهداف نادي تراث الإمارات في نشر التراث والتعريف به بين أفراد الجيل الجديد، حيث مثل المهرجان فرصة لاستقبال كثير من الزوار من مختلف الجنسيات وتعريفهم بما تحتويه القرية من معالم تراثية تعزز الهوية الوطنية، وتم إضفاء صبغة تراثية على موقع الفعالية وتجهيزها بديكورات تراثية مثل بيت الشعر، إضافة إلى حضور أمهات المشغل النسائي اللواتي قمن بعمل أكلات تراثية للزوار، فضلاً عن وجود المدربين التراثيين، وقد تمكن الزوار من زيارة مرافق القرية منها المشغل النسائي، معرض الصور، المتحف، بيت البحر، إضافة إلى استمتاعهم بركوب الخيل والإبل، وغيرها من الرموز التراثية التي أكدت على المغزى من إقامة هذا المهرجان.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©