الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نسخ معدّلة وإلكترونية للإنسان القائد

نسخ معدّلة وإلكترونية للإنسان القائد
11 يونيو 2009 02:34
كتاب جديد يخرج من دار الكتاب العربيّ سنة 2009 باتّفاقيّة نشر خاصّة بين الدّار المذكورة ومؤسّسة محمّد بن راشد آل مكتوم ضمن برنامج «ترجم» الذي أطلق خطّة لترجمة ألف كتاب من اللّغات العالميّة إلى اللّغة العربيّة خلال ثلاث سنوات، أي بمعدّل كتاب في اليوم الواحد. مؤلّف الكتاب: توني كيبنبرغر، ومترجمه: غيث شيخ أوغلي، وهو يقع في مئة وإحدى وثمانين صفحة موزّعة على مقدّمة السّلسلة، وعشرة فصول، وملحق أسئلة. أهمّية الكتاب تبدأ من تركيب عنوانه: الوجيز في القيادة! كأنّ المؤلّف يطمئن القارىء إلى حجم المادّة التي سيقرؤها دون عناء، مع مراعاة الاقتصاد في الجهد. ولفظة الوجيز تؤدّي دورها في تكثيف المعلومات، والاكتفاء أحيانا بالإشارات المعبّرة التي تغني عن التّفصيل والاستطراد. وبذلك يكسب رضى القارئ مسبقا، فيدرك أنّ عصر السّرعة والاختزال والعمليّات المعقّدة، لم يعد يحتمل المطوّلات، والإفاضات النّظريّة. ثمّ بإمكاننا اكتشاف طرافة الكتاب من ناحية منهجيّة تأليفه، التي تدمج المسائل العمليّة والمسائل التّطبيقية في القيادة؛ فكلّما أهدت المهتمّين بالموضوع فكرة فيها عبرة (بكسر العين) أردفتها بأمثلة واقعيّة تعزّز عمليّة الإقناع، ودافعيّة التّأثير. والكتاب يراعي التّدرّج المنطقيّ، فيمهّد لكلّ فصل، ثمّ يوجز الأفكار الرّئيسة بعد الفراغ منه، دون تجاهل ثبت المراجع والمصادر بالّلغة الانجليزيّة. ماهيّة القيادة يبدأ الكتاب بالحديث عن الموضوع، متتبّعا فكرة القيادة من بداياتها فيتساءل: ما أهمّيّة القيادة؟ وما هو حجم التّغيير الذي تحدثه عمليّة القيادة على أرض الواقع؟ «انّ القيادة موجودة في حياتنا منذ أيّام أسلافنا القدماء... والقيادة على ما يبدو هي جزء من الواقع البشريّ ؛ فالإنسان باعتباره حيوانا اجتماعيّا يرتاح عندما يجد نفسه ضمن جماعة، والجماعة عندما توجد تحتاج الى قائد وأتباع يمتثلون لأوامره». وعلى عكس الاعتقاد السّائد، فليس هناك مفهوم واحد متّفق عليه لمصطلح القيادة؛ فقد يكون فنّا أو عمليّة أو سمة؛ والقيادة كالجمال يصعب تعريفها، لكنّك تعرفها حين تراها. والقيادة هي القدرة على ترغيب الرّجال بالقيام بما لا يرغبون القيام به؛ أو هي فنّ التّأثير في السّلوك البشريّ، وفي أنشطة الجماعة بغية تحديد الهدف وتحقيقه. ونظرا لعدم وجود تعريف واحد متّفق عليه، يجد الكتاب ضالّته الإقناعيّة في العودة الى تجارب المفكّرين مع القادة العالميّين، الذين يساهمون في صناعة التّاريخ، وتغيير المسار البشريّ؛ فيسرد نوادر لقادة تولّوا مناصب حسّاسة في الشّركات والمؤسّسات، حتّى نعموا بالتّجربة القياديّة النّاضجة، مستلاّ أمثلته من شركات ودول تأثّرت بفنّ القيادة وبخاصّة الولايات المتّحدة الأميركيّة. ولكي يستعيد توازنه الفكريّ، يلتفت المؤلّف في نظرة تاريخيّة في الفصل الثّالث الى «نشوء وتطوّر الفكر القياديّ» بدءا من التّراث الصّينيّ القديم، مرورا بعصر النّهضة والقرن العشرين وكيف أنّ البشرية بدأت تنتقل من القيادة المتسلّطة الى القيادة الدّيمقراطيّة في عالم الأعمال منذ الثّلاثينيّات. وليس هنالك ميزات واضحة للقادة النّاجحين، لأنّ اختبار القيادة النّاجحة يرتبط كثيرا بمجرى الأحداث والمواقف المتغيّرة. تأثير التّكنولوجيا والعولمة ابتداء من الفصل الرّابع، يضع المؤلّف لمساته الخاصّة على مفهوم القيادة ودورها، منبّها الى ضرورة إدخال البعدين الالكترونيّ والعولميّ، وفتح الحوار مع مختلف المفاهيم والتّجارب التي أفرزتها الحياة الحديثة مع ثورة الاتّصالات، وتدفّق المعلومات. لذا يرى أنّ للثّورة الرّقمية أثرا في تغيير القيادة، بما فيها شبكة الانترنت التي تلزم القادة بفهمها والتّعامل معها؛ فالقادة الأمّيّون تقنيّا لن ينجحوا، كما أنّ الاختباء خلف الاتّصالات الالكترونيّة لن يكون بديلا للتّواصل الشّخصيّ بين القائد ومساعديه. وانّ الثّورة الرّقميّة المترافقة مع العولمة، نقلت وظائف القيادة الى تحدّيات صعبة، تتطلّب من القائد المعرفة والخبرة وسلامة الحكم والتّكيّف السريع. وبالرّغم من كلّ الضّجّة التي رافقت دخول تقنيّة المعلومات الى الشّركات، فإنّها ماتزال متمسّكة بجذورها وقيمها الوطنيّة ـ كما يقول المؤلّف ـ ما يعني استحداث ميزات معدّلة للقيادة الحديثة تتمتّع بالقدرة على التّعاون مع مختلف الثّقافات وفهم التّنوّع العرقيّ، والسّيطرة على الاتّصالات، مع التّمسّك بالميزات الخلقية. ويجب على قادة الأعمال فهم الكيفيّة التي تعمل بها الشّركات في ثقافات أخرى لو أرادوا المنافسة بنجاح. وإذا كانت تجارب القيادة النّاجحة المعاصرة غنيّة ومتنوّعة، فالمفاهيم الحديثة للقيادة في ظلّ المتغيّرات، تبدو أكثر ثراء واختلافا وتوسّعا في المهامّ والأدوار. وما نجد اهتماما مستمرّا بالقيادة الكاريزماتيّة والتّحويليّة، ونروّج لها على أنّها القيادة المثالية، كما نولي مدحنا للقيادة المتأقلمة التي تستجيب بسرعة للأحداث الطّارئة، وتواظب على التّعلّم، ومراكمة الخبرات للتّلاؤم مع المحيط؛ وربّما نحتاج في المستقبل الى قيادة تعاونية مؤلّفة من أشخاص ذوي مهارات واختصاصات يعضدون القائد الأوّل، ويشكّلون ضمانة النّجاح، وسلامة التّخطيط والتّنفيذ. أمثلة عمليّة وإرشادات وهناك تجارب قياديّة حديثة في عالم الأعمال تولّت مسؤوليّة شركات ضخمة، واستطاعت أن تسطّر دروسا في القيادة النّاجحة منها: ـ جاك ويلش من شركة جنرال الكتريك المحوّل الأسطوريّ الذي كان يتمتّع بالطّموح والتّنظيم والمتانة والمرونة والسّرعة والبساطة والثّقة بالنّفس. لقد عمل ويلش على خلق روح المبادرة والحيويّة وسرعة الحركة للشّركة الصّغرى، ودمجها مع القوّة الماليّة للشّركة الكبرى. كما عمل على تغيير جنرال الكتريك قبل أن تتبعه غيرها من الشّركات الأميركيّة الأخرى؛ ويعود ذلك بالقدر الأكبر الى أنّه توقّع المنافسة اليايانيّة المرتقبة، فأصبحت أفعاله نموذجا يحتذى. ـ تجربة أكيو موريتا، الشّريك المؤسّس لشركة سوني، والذي أدرك أنّ سوني يجب عليها أن تواكب التكنولوجيا اذا ما أرادت التّفوّق على الشّركات اليابانيّة الكهربائيّة والالكترونيّة الكبرى. ومنذ البداية كان هدفه: تحويل سوني الى علامة تجاريّة عالميّة، فأظهر شجاعة والتزاما ومثابرة، الى جانب ذكاء في الحكم مبنيّ على خبرة شخصيّة ومعرفة. ومن خلال العيش في الولايات المتّحدة، طوّر شبكة من العلاقات الشّخصيّة والتّجاريّة لعبت دورا هامّا في تطوّر سوني. ـ تجربة أركي نورمان الذي تولّى إدارة شركة «آسدا» الانجليزيّة المتخصّصة ببناء وتشغيل المتاجر العملاقة، واستطاع إنقاذها من أزمتها الماليّة الحادّة، باتّخاذ إجراءات إداريّة حاسمة، وتغيير منهجيّة الأداء، بأن أقدم على قرارات استراتيجية تنحّي من كان مسؤولا عن التّأزّم، وتستغني عن فائض الموظّفين. الكتاب: الوجيز في القيادة المؤلف: توني كيبنبرغر ترجمة: غيث شيخ أوغلي الناشر: دار الكتاب العربيّ ومؤسّسة محمّد بن راشد آل مكتوم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©