الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سياسة المناخ.. من يحمل الراية؟

2 ابريل 2017 23:16
الرئيس دونالد ترامب رجل في مهمة، كما يفترض، لكن قد يكون من الأنسب القول، بدلاً من ذلك، إنه رجل يهدف لقلب إرث أوباما المناخي وإنجازاته في مجال مواجهة مخاطر التغير المناخي. ولسوء الحظ، فإن ترامب يضرب في الصميم حقيقة أن التغير المناخي أمر واقع لا محالة. ففي الأسبوع الماضي، مثلا، صدر تقرير من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، جاء فيه أن العالم يعاني حالياً من احترار قياسي، وأن الحرارة قد ارتفعت في السنين الثلاث الماضية إلى درجات قياسية، ما أدى لارتفاع مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الجو، وحدوث هبوط مفزع في مستويات الغطاء الجليدي في المحيطين القطبيين الشمالي والجنوبي، وحالات جفاف شديدة في أفريقيا الجنوبية، والشرقية، وأميركا الوسطي. ماذا كان رد فعل ترامب على هذه الأدلة المتراكمة؟ التجاهل.. وهو تجاهل ليس متعمداً فحسب، بل ومدمر أيضاً. فمنذ توليه منصبه، اتخذ عدة خطوات لإزالة القيود المفروضة على مستويات التلوث الكربوني، وزاد من اعتماد أميركا على النفط الخارجي، وعمل على إضعاف مستويات كفاءة السيارات، واستيراد المزيد من رمال القطران والنفط الخام من كندا. ولم يكتف ترامب بذلك، بل اقترح ميزانية تهدف لتدمير البحث العلمي؛ واختار مديراً لوكالة حماية البيئة، ينكر وجود علم اسمه علم المناخ، وقام مؤخراً بالتوقيع على أمر تنفيذي طويل، يتعهد فيه بتفكيك إجراءات الحماية البيئية، ويكلف دافعي الضرائب 40 مليار دولار إضافية. يجب ألا ينتابنا أي شك، حيال حقيقة أن هياج إدارة ترامب ضد البيئة يمثل تهديداً وجودياً للكوكب بأكمله، وإن كان يتعين علينا القول بأننا لا يمكن أن نتخلى عن الأمل القائل بأنه ما زال بمقدورنا تلافي الجوانب الأكثر خطراً للتغير المناخي. وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن أبحاث واستطلاعات الرأي العام في أميركا، تتوصل بشكل مستمر، إلى نتيجة مؤداها أن معظم الأميركيين يعتقدون أن التغير المناخي يمثل مشكلة رئيسية، ويظهرون استعداداً لدعم الخطوات الرامية لخفض مستويات التلوث الكربوني. كما وجدت دراسة أخرى أن الولايات التي صوتت لهيلاري كلينتون ولنمط القيادة التقدمية، تنتج ما يقدر بثلثي الأنشطة الاقتصادية الأميركية. وهذا أمر مهم في الحقيقة، لأنه يعني في الوقت ذاته، أن القادة المعتدلين والتقدميين في المستويات المحلية والولاياتية، يمكنهم أن يرشدوا ما يمثل ثلثي الاقتصاد الأميركي، على طريق التحول نحو الاعتماد على الطاقة النظيفة. نحن نرى هذا بالفعل في ولايتي كاليفورنيا ونيويورك، اللتين باتتا ترسخان وضعهما كقائدتين في مجال المناخ العالمي. وبفضل هذه القيادة، وبفضل الابتكار، وريادة الأعمال في القطاع الخاص، يمكن القول إن اقتصاد الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، قوي بما فيه الكفاية، وبما يمكنه من تحمل تغير قصير الأمد في السياسات. يقودنا هذا إلى نتيجة مؤداها أن السياسة التي اتبعتها إدارة أوباما، والتي كانت تستهدف التركيز على خفض الانبعاثات من جهة، والاعتماد على استخدام الطاقة النظيفة من جهة أخرى، لا يمكن عكسها بسهولة، كما تأمل إدارة ترامب. ومهما حاولت الإدارة تجاهل حقيقة التغير المناخي، والتوجه نحو استخدام الطاقة النظيفة، فإنها لا تستطيع أن تغير حقيقة أن التحول نحو الطاقة النظيفة، قد بات اتجاهاً عالمياً؛ بدليل أن ما يزيد على 130 دولة قد انضمت رسمياً لاتفاقية باريس التاريخية لتقليص التلوث الغازي، وتبني سياسات مرنة لمواجهة الآثار المدمرة للتغير المناخي. كأميركيين، نحتاج إلى أن نفعل كل ما بوسعنا من أجل التصدي لإدارة ترامب، والقادة الجمهوريين في الكونجرس، والحيلولة بينهم وبين تنفيذ أجندة تعد الأكثر مناوأةً للبيئة خلال عقود. لكن القوة السياسة القادرة على إحداث أكبر فارق ممكن، موجودة لدى حكام الولايات، ورؤساء البلديات، وغيرهم من المسؤولين المنتخبين، الذين يستطيعون التقاط راية التصدي للتغير المناخي، والتي ألقتها إدارة ترامب، بما يساعد الولايات المتحدة على قيادة العالم من خلال القدوة والمثل. فعن طريق العمل مع بعضهم بعضاً، يستطيع هؤلاء القادة أن يشكلوا ثقلاً موازناً لواقع الافتقار إلى الطموح في سياسة المناخ، الذي تظهره إدارة ترامب على المستويين الوطني والدولي. ليس هناك شك، في أننا قد نواجه بانتكاسات خلال الشهور القادمة، لأن الصناعات القائمة على الوقود الأحفوري ستحصل على نصيبها من أعطيات البيت الأبيض، كما هو متوقع. لكن ما زال هناك العديد من الطرق المفتوحة أمامنا، والتي يمكننا السير عليها نحو مستقبل قائم على استخدام الطاقة النظيفة. الأمر متروك لنا جميعاً، لارتياد تلك الطرق، من أجل مستقبل أطفالنا وأحفادنا. * مستشار الرئيس السابق أوباما لشؤون المناخ والطاقة ورئيس حملة هيلاري كلينتون الانتخابية 2016 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©