السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شعبان يوسف بدأ مع الأطفال وانتهى بالشيوعية

شعبان يوسف بدأ مع الأطفال وانتهى بالشيوعية
1 مايو 2008 04:15
الكتاب الاول في حياة الشاعر والناقد المصري شعبان يوسف كان عاديا، وهو مغامرات شيقة للأطفال· وقال: استعرته من مكتبة المدرسة وقرأته كاملا وانا في الصف الخامس الابتدائي وقبله لم أكمل أو لم أقرأ كتابا غير الكتب المدرسية، وهو قصة ''روبين هول''، وأذكر انني قرأته أكثر من عشر مرات متوالية حتى كدت أحفظه، وان قراءتي له كانت نوعا من التدريب الممتع المثير، وأكثر ما كان يشدني الى هذا الكتاب براعته وتشويقه في تصوير الصراعات والحيل وعالمه الذي يثير الخيال، ورغم انني كنت قد استعرته من المدرسة فقد احتفظت به في بيتنا فترة طويلة، والطريف أن فأرا من رعايا بيتنا قرض نصفه وكدت أفصل من المدرسة بسببه لولا ان والدي استطاع ان يعثر على نسخة جديدة منه· وفي نفس الوقت تقريبا قرأ شعبان يوسف كتابا آخر في نفس المجال ولكن بنكهة عربية، وقال: قصة ''عمرون شاه'' وهذه بالذات شدتني الى عالم القراءة، وأذكر انها كانت عبارة عن رحلات واكتشافات مثيرة ومتوالية، ونظرا لأن بطلها كان طفلا صغيرا مثلي فقد كنت أتمثله، وأتطلع الى تقليد شخصيته الجبارة العنيفة والخيرة في نفس الوقت· الكتاب الاخير في قراءات شعبان يوسف هو ''كنت شيوعيا'' للشاعر الرائد بدر شاكر السياب، وهو مجموعة مقالات نشرها في إحدى الصحف العراقية عام ،1959 وجُمعت ونُشرت في كتاب صدر مؤخرا عن ''دار الجمل''، وفيه يهاجم السياب الشيوعيين العرب هجوما ضاريا، ولا يستبقي منهم حتى المبدعين الأفذاذ· وما أثار شعبان يوسف فيه انه وجد فيه تجسيدا صارخا لما سماه انتهازية المثقف وتناقضه بين إبداعه وما يتخذه من مواقف· وقال: هذا الكتاب كشف لي لأول مرة انتهازية بدر شاكر السياب كانسان وشخص عادي، فرغم انه كان شاعرا عظيما ورائدا بكل المقاييس، ولكنه على مستوى الافكار السياسية والمقالات المنشور بعضها في هذا الكتاب كان يمالئ النظام الحاكم في العراق وينافقه وفي نفس الوقت كان لا يتورع عن شن أعنف أشكال الهجوم على كل المناضلين ومنهم مبدعون وشعراء كبار كالبياتي وصلاح عبد الصبور وغيرهما، ولعل أبلغ دليل على ذلك أن السياب كال قصائد المديح للرئيس العراقي الاسبق عبد الكريم قاسم، وبمجرد أن قُتل في الانقلاب العسكري الشهير كال له قصائد الهجاء! لذلك فإن هذا الكتاب حسبما يرى شعبان يوسف يجسد ذروة تناقض المثقف والمبدع العربي بين أعماله ومواقفه الشخصية، وهو التناقض الازلي الذي ظهر بدرجات أقل عند صلاح عبد الصبور الذي هجا ثورة يوليو 1952 في قصائده ومجدها في مقالاته، وايضا وأولا لدى نجيب محفوظ في استنامته الطويلة للانظمة المتعاقبة منذ العهود الملكية وما يعبر عنه في رواياته، وكتاب السياب يعتبر ذروة، وأكثر ما يثير فيه هو الهجوم القاسي الخشن على العديد من المبدعين والشعراء العرب والعالميين واتهامهم بانعدام الموهبة والضحالة والجهل ومن ابرزهم بابلو نيرودا والشاعر العراقي الرائد عبد الوهاب البياتي الذي اخرجه السياب نهائيا من حديقة الشعر!
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©