الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند تتطلع شرقاً عبر البوابة البورمية

23 فبراير 2013 22:39
سيمن دينير الهند بزهو وفخار واضحين يعتبر قوس يعلو الحدود بين الهند وبورما على الطريق السريع الذي يعبر مدينة موريه الهندية شعاراً يحتفي بصداقة الهند مع جارتها بورما، حيث كتب فيه «الهند تنظر شرقاً» ملخصاً بذلك التطلعات الاقتصادية المهمة التي تعد بها الطريق السريع الهند، العمق الآسيوي، ولاسيما فيما يتعلق باندماجها مع اقتصادات دول جنوب شرق آسيا الأكثر نمواً. والحقيقة أن فكرة اندماج الهند في محيطها واقترابها من دول شرق آسيا تحظى بدعم كبير من واشنطن التي تأمل أن تساهم العلاقات الوثيقة بين ديمقراطيات السوق الحرة الآسيوية في إحداث التوازن المطلوب مع الصين الصاعدة. كما أن هذه الفكرة بدأت تلقى صدى لها في العاصمة الهندية، نيودلهي، حيث التركيز كان منصباً تقليدياً على أمن الحدود الغربية للهند مع باكستان أكثر من الاهتمام بالتجارة عبر الحدود الشرقية مع بورما. ولكن اليوم يبدو أن الخطط جارية على قدم وساق لتصويب هذا الاختلال من خلال الاهتمام بالمركز الحدودي في بلدة موريه وجعلها تتصدر سلم الأولويات. غير أن الطموحات الهندية يواجهها عدد من التحديات الجوهرية على رأسها انعدام الثقة بين البلدين الجارين وغياب اهتمام الهند الجاد وانعدام كفاءتها، وهو ما يحول دون تحقيق حلم اندماجها مع دول جنوب شرق آسيا على الأقل في المدى المنظور. ففي ولاية مانيبور، حيث الحدود مع بورما، ظلت المناطق المحاذية للجارة الشرقية مثل بلدة موريه أشبه بالمدينة المهجورة والمتخلفة منها بالحاضرة الضاجة بالحركة التجارية والحيوية الاقتصادية، فالأزقة المتفرعة عن الشارع الرئيسي في البلدة غارقة في الأوساخ وخالية إلا من مظاهر الفقر ومحدودية الدخل. وفيما تظل التجارة المشروعة التي تعبر القوس إلى الجانب الآخر من الحدود ضئيلة وتقتصر على بعض المنتوجات الزراعية وقطع غيار الدراجات الهوائية، تزدهر في المقابل تجارة سرية أخرى تهرب من خلال المعابر غير الرسمية وتشمل المخدرات والخشب والمسلحين، ويتهم مسؤولو الشرطة الهندية على الحدود بورما بدعم جماعات انفصالية هندية من خلال السماح لها باستخدام معسكرات للتدريب على الجانب البورمي من الحدود والانطلاق منها لشن هجمات داخل الهند. وعلى رغم تأكيد سكان البلدة أن الحكومة الفيدرالية في نيودلهي سبق أن تعهدت بتطوير منطقتهم، إلا أنه لا شيء من ذلك تبلور على أرض الواقع، وهو ما يشتكي منه «لانجيجبا كوندونجبا» الذي أسس غرفة مانيبور للتجارة الخارجية والصناعة في عام 2009 قائلاً «لقد فتحت الحكومة الفيدرالية طرق التجارة الخارجية في موريه ولكنها لم تبذل ما يكفي من الجهد لتطويرها». يذكر أن ولاية مانيبور تضم مليوني نسمة تقريباً، ويشير تاريخها الصعب إلى مدى فشل الحكومة في تحويل الخطاب إلى واقع، فسكانها يشبهون البورميين أكثر من الهنود، وأحياناً ما يتعرضون للإقصاء من قبل مواطنيهم، كما أن الاقتصاد المحلي يعتمد بشكل كبير على التمويل الفيدرالي الذي يذهب بعضه إلى جيوب المسؤولين الفاسدين والسياسيين المحليين. هذا بالإضافة إلى ما تعرفه المنطقة من اضطرابات أمنية بسبب الجماعات الانفصالية التي تحارب الحكومة الهندية منذ عقود وتتلقى دعماً مختلفاً من الدول المجاورة. وعلى رغم ما تمثله التجارة مع دول جنوب شرق آسيا من شريان حيوي لازدهار موريه ومجمل الولاية، إلا أن البلدة الحدودية لا تتوافر على بنوك بدون رسائل الاعتماد التي تصدرها لا يمكن الانخراط في التجارة أصلاً، ويضاف إلى ذلك غياب مسؤولين مؤهلين في مجال التخليص الجمركي. بل حتى الجنود بالمنطقة، يقول أهالي، منخرطون في عمليات التهريب التي تتم عبر الحدود. ولكن المزاج العام في نيودلهي يظل متفائلًا، فبعد سنوات من العزلة عاشتها بورما، بسبب نظامها السياسي تشكل مرحلة الانفتاح الحالية التي تعرفها فرصة سانحة للشركات الهندية، وهو ما أدركه رئيس الوزراء الهندي، مانهومان سينج، عندما أدى خلال السنة الماضية أول زيارة لرئيس حكومة هندي إلى تلك البلاد منذ أكثر من 25 سنة، حيث وقع عدداً من الاتفاقيات الرامية لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والتجارية. ومن المتوقع أن يفتتح خط للحافلات يربط «إيمبال»، عاصمة ولاية مانيبور، بالمدينة البورمية الأقرب، ماندالاي، هذا بالإضافة إلى تأهيل الطريق السريع من الهند مروراً ببورما وصولًا حتى مدينة «ماي سوت» التايلاندية. ولكن تظل بورما بوابة الهند الرئيسة لدخول منطقة جنوب شرق آسيا، ففي مقر وزارة التجارة الهندية يشير المسؤولون بافتخار إلى أنه بفضل اتفاقية التجارة الحرة التي وقعت مؤخراً بين الهند ومجموعة دول شرق آسيا ارتفع حجم التجارة بنسبة 40 في المئة، ليصل إلى 80 مليار دولار خلال السنة المالية الجارية، لتمثل حالياً 10 في المئة من إجمالي التجارة الخارجية للهند. وتجري في الوقت الراهن محاولات لتوسيع نطاق التجارة ليشمل الصين وأستراليا، وهو ما يعبر عنه «سيداراث»، وكيل وزارة التجارة والصناعة الهندي، قائلاً «نريد الآن الانخراط مع الشرق وليس فقط الإطلال عليه»، ومع أنه لا شيء من تلك التجارة الخارجية مع شرق آسيا، يمر عبر بلدة موريه المنسية، يؤكد المسؤولون بأن كل ذلك سيتغير، حيث يجري بناء نقطة للجمارك والهجرة في البلدة، كما يتم التفكير في تخفيف إجراءات الهجرة لتمكين الزوار من الحصول على التأشيرة في النقطة الحدودية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©