الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العشق يحرك الساكن

5 يونيو 2009 00:34
نظراته غائرة، ملامحه يعلوها حزن دفين، يسكن إلى نفسه، منزوياً للوراء، لا تكاد تسمع صوته، يتكلم في استحياء، أهو الخجل يدثره؟ أم غياب العشق الذي يحرك الساكن ويخلخل الموروث؟ أم عدم اقتناع بما يقوم به؟ مشهد سريع على مسرح الحياة يحفز الأسئلة التي تتناسل وتنساب وتتدفق: لماذا يخجل بعض الشباب من امتهان حرف يدوية أو أعمال غير حكومية؟ مع أن التاريخ يشهد للعظماء من كبار التجار الذين ناضلوا وقاوموا من أجل تغيير مسار أمم بحرف يدوية أو الإقبال على التجارة، تبقى الوظيفة الحكومية حافظة لماء الوجه، ومهما منحت صاحبها من استقرار فهي لا تمنحه الثراء والجاه، فكم صغيراً كان في عمله يمتهن حرفة بسيطة مع توالي السنوات عرف دهاليز السوق وخبر مناوراته فأصبح من أكبر التجار، ولا جرم إن ذكرنا بعضهم، فعندما نتكلم عن «رحال» مثلاً وهو أكبر ممون حفلات في المغرب، وصارت له شركة بفروع في جميع أنحاء المملكة، هذا لم يأت من العبث، بل كافح من أجل الوصول إلى ذلك، ولم يكن رحال إلا خبازاً بسيطاً ليس له مكان ينام فيه، وكان يعمل من الخامسة صباحاً إلى الثانية عشرة ليلاً، أما الثاني فهو «ميلود الشعبي» صاحب أكبر التجزيئات السكنية بالمغرب وبدايته كان بنّاء بسيطاً يعمل عند الآخر، ولا عجب إن لاحظنا أنهما طوّرا نفسيهما من خلال العمل الذي امتهناه سابقاً، وغيرهما الكثير في جميع أنحاء العالم يغيرون حياتهم ثم حياة كل من حولهم، بل تتغير من خلالهم أفكار مطروحة وجاهزة، فعندما نصادف بعض الشباب الإماراتيين الذين يقبلون على حرف يدوية أو مهن حرة فإنهم يقبلون عليها باستحياء، ولا يتحدثون عنها بافتخار أو بعشق، مع العلم أن عشق المهنة أو الحرفة يحرك ما بالداخل ويرفع كل العراقيل. وفي الجهة الأخرى من العالم تجد من يعتزون بحرف يدوية ومهن حرة بل يتحدثون عنها بكثير من الفخر والاعتزاز، ومنهم من يقول إنه تحرر من الإدارة ليحلق عالياً في سماء الإبداع، صادفنا بعضهم في معرض الحرف اليدوية الفرنسية، وكان بينهم مصور مزهو، عيناه تشع سعادة، يرسم ابتساماً على محياه تحدث عن 19 سنة من ممارسته للتصوير في دقائق وشرح تشكيلاته من بيض النعام في ساعة، أما الثاني فهو كان طبيباً ومارس الطب مدة تجاوزت 25 سنة، ثم امتهان حرفة صنع القارورات التي تحفظ العطور من الزجاج الذي ينفخه بفمه ويشكله بيديه من خيط الذهب والفضة والنحاس، كان سعيداً جداً وهو يقول منحتني هذه الحرفة ما لم تمنحه لي الوظيفة. فهل سيتغير مفهوم الشباب لنمط عيش جاهز؟ لكبيرة التونسي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©