السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الولايات المتحدة وباكستان: كلفة التنمية المستدامة

24 فبراير 2011 10:23
سيد محمد علي باحث متخصص في مجال التنمية سوف تطفو العلاقات الباكستانية الأميركية بشكل متزايد إلى السطح، وذلك على رغم التطورات السريعة في العالم العربي، والتي هيمنت على وسائل الإعلام خلال الآونة الأخيرة.. وضمن هذا الإطار، أبرز الرئيس الأميركي في خطابه السنوي حول "حالة الاتحاد" يوم 25 يناير الماضي سحب الولايات المتحدة لقواتها العسكرية من أفغانستان في شهر يوليو المقبل، قائلاً إن قيادة تنظيم "القاعدة" تقع تحت ضغوطات متزايدة الآن مقارنة بأي وقت مضى قبل الحادي عشر من سبتمبر. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن رئيس الوزراء الباكستاني كرر في ديسمبر 2010 في اجتماع له مع الرئيس الأفغاني بأن الحرب في أفغانستان لا يمكن الفوز بها دون دعم من باكستان. غدت العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان خلال السنوات التسعة الماضية، منذ أن أصبحت باكستان دولة مواجهة في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان، أكثر أهمية وتعقيداً بينما تحاول كل من الدولتين الموازنة بين مصـالحها الجيو إستراتيجية والأمنية والاقتصادية. ما زال عدم الوضوح حول كيف يمكن التعامل بفاعلية مع أفغانستان قائماً، حيث لا يمكن رؤية نهاية للنزاع مع حركة "طالبان"، وحيث تسوء نتائج توسع النزاع يومياً بالنسبة للجارة باكستان. وتستمر شكوك الولايات المتحدة في أن عناصر في الحكومة الباكستانية تتردد في قطع علاقاتها مع المتطرفين في المناطق الحدودية الأفغانية- الباكستانية بسبب فائدة الأفغان في محاربة الهند في نزاع كشمير وردع التأثير الهندي في أفغانستان. رغم ذلك لم تفعل الولايات المتحدة الكثير للحد من التوترات بين باكستان والهند، ولم تتمكن من التأكيد للباكستان أنها لن تدير لها ظهرها مرة أخرى بعد أن تحقق الولايات المتحدة أهدافها الإستراتيجية في أفغانستان، كما حصل في ثمانينات القرن الماضي. ومن سخريات القدر أن المتشددين الذين كانوا في يوم من الأيام يحصلون على الدعم المشترك من باكستان والولايات المتحدة للمساعدة على إخراج السوفييت من أفغانستان أصبحوا يشكلون مشكلة رئيسية لكلا البلدين. وهناك بعض المحللين الذين يعتقدون أن باكستان دفعت ثمناً لدعمها النشط للعمليات العسكرية التي تقوده الولايات المتحدة بمشاركة قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، ولم ينتشر النزاع إلى المناطق القبلية المحاذية لأفغانستان فحسب، وإنما إلى مدن باكستانية رئيسية كذلك، حيث شكل العنف ضغطاً يصعب احتماله على أوضاع اقتصادية هي هشّة في الأصل. وبالإضافة إلى التعامل مع هذه التحديات الجيواستراتيجية، تواجه باكستان اليوم مشاكل اقتصادية خطيرة، بما فيها نمو خامل ومعدل تضخم مرتفع وأموال غير كافية ضرورية لأهداف التنمية. وفي الوقت الذي تستمر فيه الحاجة لدعم دولي سخّي للمساعدة على التغلب على الصعوبات المتعددة التي تواجه الدولة بالتنامي، فإن تصميم الأطراف المانحة لأن تفعل ذلك يبدو وكأنه يتراجع بشكل عكسي. فعلى سبيل المثال حقيقة أن المانحين الرئيسيين لم يقدّموا حتى الآن سوى 1,5 مليار دولار منذ أبريل 2009 من مجمل مبلغ 6.2 مليار دولار تم الالتزام بها في البداية لتقديمها إلى باكستان بحلول شهر يونيو 2011. نقل الرئيس الباكستاني أثناء مقابلته القصيرة مع رئيس الولايات المتحدة الحاجة الملحّة للمزيد من الدعم، وقد وعد الرئيس الأميركي بإيجاد أساليب جديدة للمساعدة على تقوية اقتصاد باكستان. ورغم أن الولايات المتحدة وافقت على حزمة تبلغ قيمتها 7.5 مليار دولار لمدة خمس سنوات لباكستان السنة الماضية، فإن هذا الالتزام لا يبدو كافياً لتحقيق الكلفة المتصاعدة للتنمية، التي أخذت تسود نتيجة لوضع القانون والنظام المتدهور في بيئة يزداد فيها انعدام الأمن، بسبب تشابكات المشهد الباكستاني مع الأفغاني. إذا أرادت الولايات المتحدة المساعدة على خفض الضغوط الهائلة على الحكومة الباكستانية، التي تدّعي أنها حليف رئيسي لها، يتوجب عليها التفكير بحلول أكثر استدامة، لا سيما أن الولايات المتحدة تعتمد حالياً وبالدرجة الأولى على تشجيع صندوق النقد الدولي على تقديم المزيد من القروض للدولة المدينة أصلاً، مع شروط قاسية، مثل الحد من الإنفاق العام. ويمكن القول إن الولايات المتحدة تفكر بإلغاء الدين الباكستاني، وهذا الاتجاه في حال حدوثه يعكس مؤشراً جيداً، إذ سيُمكّن ذلك إسلام آباد من التغلب على عجزها المالي المتفاقم، والذي يستخدم جزء كبير منه لخدمة ديون يصعب التغلب عليها تصرف على الجيش، أصبحت ضرورية نتيجة لعمليات الولايات المتحدة العسكرية. يتوجب على الحكومة الباكستانية أن تدرك كذلك أنها لا يمكن أن تبقى متسلماً دائماً للمعونة، وأن تبدأ بتنفيذ إصلاحات تقدمية لا توصل الإجراءات التقشفية إلى هؤلاء الفقراء والمكافحين. ما لم تبدأ حياة الباكستانيين العاديين حقاً بالتحسّن فإن التوترات الاجتماعية داخل باكستان سوف تتصاعد، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان كبح جماح التشدد والنزاع الناتج عنه داخل باكستان وخارجها. ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©