الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

توعية العملاء وتشديد رقابة «المركزي».. حلول تفادي الغرق في بحر الديون

توعية العملاء وتشديد رقابة «المركزي».. حلول تفادي الغرق في بحر الديون
2 مارس 2014 18:15
مصطفى عبد العظيم (دبي) - طالب خبراء في شؤون المستهلك، المصرف المركزي بإلزام البنوك العاملة في الدولة بتعيين استشاري توعية للراغبين في الاقتراض، على أن تتضمن شروط الحصول على القروض بكافة أنواعها، باستثناء القروض التجارية منها، حصول المقترض على هذه التوعية. يأتي ذلك في وقت بدأت فيه بنوك عديدة في اصطياد العملاء وملاحقتهم في الأماكن العامة وأمام مقار العمل وعبر رسائل البريد الإلكتروني والاتصال عبر الهواتف المتحركة، للحصول على قروض تصل إلى أكثر من 200 ألف درهم دون اشتراط تحويل الراتب والموافقة خلال 24 ساعة، فضلاً عن الحصول على بطاقات ائتمانية مجانية. وأبدى متعاملون مع بنوك مختلفة استياءهم من عودة ظاهرة ملاحقة العملاء للحصول على قروض شخصية وبطاقات ائتمانية، وسيل الإغراءات التي يسيل أمامها لعاب العملاء، لافتين إلى أنهم باتوا يخشون في كثير من الأحيان الرد على الاتصالات غير المعروفة لتفادي المكالمات المزعجة والمطولة من مندوبي التسويق لدى البنوك. وطالب الخبراء كذلك بضرورة إلزام البنوك بعدم منح القروض الشخصية أو الاستهلاكية لعملاء لا تحول رواتبهم للبنك صاحب القرض، مؤكدين أن التخلي عن هذا الشرط من شأنه أن يفاقم مخاطر التعثر وعدم القدرة على السداد. وشددوا على ضرورة العمل على تقنين الحملات التسويقية والأساليب الإعلانية التي تتبعها البنوك المختلفة لجذب العملاء، خاصة تلك المتعلقة بالمنتجات والخدمات التي تقود إلى تفشي النزعة الاستهلاكية في المجتمع. وقال هؤلاء إن المستويات المرتفعة من السيولة المتاحة لدى المصارف حالياً، تدفع البنوك لزيادة معدلات الإقراض من خلال ابتكار أدوات تسويقية مختلفة لتوسيع قاعدة العملاء، الأمر الذي أعاد للأذهان المشهد الذي كانت عليه الأسواق قبل الأزمة المالية العالمية، عندما كان يلاحق مندوبو البنوك العملاء في مداخل البنايات، وفي المكاتب وعبر الاتصالات، وحتى في محال السوبر ماركت، منبهين إلى خطورة عودة هذه الظاهرة التي تدفع بعض الأفراد للانزلاق إلى مستنقع القروض دون الحاجة إليها أمام سيل الإغراءات. ووفقاً لبيانات المصرف المركزي، قفزت القروض الشخصية إلى 273.4 مليار درهم في نهاية الشهور الـ11 الأولى من عام 2013، بنمو نسبته 4,8% في 11 شهراً. بعد أن توسعت البنوك العاملة في الدولة مجدداً، وبشكل كبير، في منح القروض الشخصية خلال العام الماضي، حيث بلغ حجم القروض الشخصية التي منحتها البنوك خلال نوفمبر الماضي فقط نحو 9,3 مليار درهم بنمو نسبته 3,4%، مقارنة مع القروض الشخصية الممنوحة خلال أكتوبر الماضي. وأرجع مصرفيون توسع البنوك في الإقراض الشخصي إلى توافر السيولة، وانخفاض تكلفة الأموال في ظل انخفاض أسعار الفائدة على الودائع بين البنوك، وزيادة حدة التنافس بين البنوك على منح القروض الشخصية، لافتين إلى أن قيام البنوك بتكثيف عروضها التمويلية والائتمانية، يعود إلى رغبتها في تنشيط معدلات نمو الإقراض الشخصي، الذي شهد تراجعاً ملحوظاً في مستويات الإقراض في أعقاب الأزمة المالية العالمية. كم هائل من الإعلانات وقال حسن الكثيري الخبير في شؤون المستهلك، إن الكم الهائل من الإعلانات والعروض التسويقية والترويجية التي تحاصر بها البنوك العملاء ليل نهار، والتي تستهدف شريحة العملاء من الشباب والنساء والأطفال، يجب أن تخضع لآلية قوية لمراجعتها والتأكد من حقيقتها وعدم تضمنها أساليب تضليلية أو تغرير للعملاء، وذلك قبل طرحها في الشوارع والتليفزيونات والإذاعة وغيرها من الوسائل الإعلانية، وأن تشمل موازناتها تقديم برامج توعية مختلفة في هذه الوسائل الإعلامية تعزز النزعة الادخارية لدى الأفراد، وتقدم النصح والاستشارات عند الحاجة للحصول على قروض شخصية أو استهلاكية. وأضاف الكثيري أن عودة هذه الظاهرة يجب أن يتم تناولها من خلال الأطراف الرئيسية المشاركة فيها، وهي المستهلك ذاته والبنوك المقرضة، والتشريعات والقوانين، والرقابة من المصرف المركزي والجهات الأخرى ذات العلاقة. وأوضح أن المستهلك يجب عليه أن يكون لديه الوعي الكافي بمخاطر الإقدام على الاقتراض دون الحاجة، وأن يدرك ما يترتب عليه من التزامات تجاه القرض الذي يحصل عليه وأن يفي بها دون تأخير، فضلاً عن عدم الانزلاق وراء المتغيرات التي تقدمها بنوك مختلفة للحصول على قروض أو بطاقات ائتمان دون وعي أو إدراك لمخاطرها. وأضاف الكثيري أن البنوك عليها أن تضطلع بمسؤوليتها تجاه المجتمع بعدم الإقدام على منح قروض لأفراد تفوق قدراتهم على السداد، وعدم التحايل على الشروط والقواعد المنظمة لعملية الإقراض للحصول على أرباح وفوائد محدودة، لكنها قد تقود إلى مخاطر اجتماعية واقتصادية تهدد أمن واستقرار الحياة الأسرية للأفراد. وقال الكثيري: «لا شك أن القطاع المصرفي في الدولة يلعب دوراً هاماً ورئيسياً في تعزيز التنمية الاقتصادية ودفع النمو الاقتصادي قدماً، لكنه في المقابل يجب أن يركز في جل تمويلاته وإقراضه على القطاعات الرئيسية الداعمة للاقتصاد، كقطاعات الصناعة والتجارة والبنية التحتية والعقارية، وأن يقلل من التركيز على إقراض الأفراد، لما يشكله هذا النوع من القروض من تعزيز النزعة الاستهلاكية في المجتمع، والتي تدفع العملاء للحصول على قروض ترفيه هم في غني عن الحصول عليها، مشيراً إلى أن حجم القروض الشخصية في الإمارات يعد من بين الأعلى عالمياً. وأشار إلى أن عمليات الإقراض حالياً لا تقتصر فقط على الإقراض الشخصي، بل امتدت للمتاجر الاستهلاكية وتمويل مشتريات السلع والأجهزة من هذه المتاجر في خطوة تسهل عملية البيع، لكنها تزيد في المقابل من أعباء المشتري الذي ينساق أمام فرصة التمويل السريع ومن بعدها يتعثر في السداد، فضلاً عن الترويج لقروض مصممة حسب الحاجة كقروض السياحة والسفر وقروض التعليم وقروض العلاج، وهي في الحقيقة أمور يجب ألا يتم سدادها من خلال الاقتراض. واقترح الكثيري ضرورة قيام المصرف المركزي بإلزام البنوك بتوفير استشاري لتوعية المستهلك الذي يرغب في الحصول على قرض، يكون دوره شرح العقود وبنودها وما تتضمنه من التزامات على الأطراف المختلفة فيما يتعلق بآلية احتساب الأقساط والفوائد وغيرها من الأمور المتعلقة بقدرة المقترض على السداد، مشدداً على أن التوعية حق من حقوق المستهلك. واقترح كذلك أن يتم ربط الموافقة بالحصول على قرض أو بطاقات ائتمان باجتياز المقترض عملية التوعية وموافقته عليها، منوهاً إلى ضرورة اشتراط بند تحويل الراتب إلى البنك المقرض قبل الموافقة على القرض مهما كانت قيمة القرض، لضمان عدم تجاوز المقترض أو البنك النسبة المسموح بها وفقاً لاشتراطات البنك المركزي. ظاهرة مزعجة أشار المواطن رائد على إلى عودة ظاهرة تسويق القروض والبطاقات الائتمانية بطرق مغرية، مثل ترويج بطاقات الائتمان الخاصة بالتسوق في المراكز التجارية، التي تدفع العديد من أرباب الأسر للاهتمام بها في ظروف معينة، كأن يمروا بضائقة مالية، حيث تمثل لهم البطاقة الحل الأسرع لتغطية التزاماتهم الاستهلاكية الضرورية، ومن ثم تفتح عليهم هذه البطاقات بوابة الديون، ليكون الحل في الحصول على بطاقة أخرى لتغطية الأولى ليبدأ الفرد رحلة الغرق في بحر الديون. وكشف (ع.أ) أحد عملاء البنوك عن أن «ظاهرة ملاحقة مندوبي التسويق بالبنوك للعملاء في إطار الترويج لعروض القروض وبطاقات الائتمان، عادت في الآونة الأخيرة بصورة مزعجة إلى الحد الذي يدفعني في كثير من الأحيان للتردد في الرد على بعض الأرقام غير المعروفة من كثرة المكالمات التي تأتي من بنوك مختلفة». واتفق معه المواطن رائد على متسائلاً: «من أين يحصل هؤلاء على أرقامنا؟ مؤكداً أنه لابد أن تكون هناك وقفة جادة لوقف هذه الظاهرة ومنعها من العودة مجدداً بعد أن وقع العديد فريسة لإغراءات البنوك في السابق، ونتمنى أن يتعلم الشباب الدرس من الأزمة السابقة، وألا يدخلوا هذا النفق المظلم”. مشيراً إلى أنه مهما اتخذت الحكومة من إجراءات، يبقى الفرد هو العامل الأهم في هذه المعادلة، ويتوقف الأمر على قدرته في اتخاذ القرار المناسب والسليم بعدم الاقتراض إلا للحاجة الماسة وبما لا يفوق دخله وقدرته على السداد. ويشير المواطن طارق الشيباني إلى أنه رغم تلاشي ظاهرة ملاحقة عملاء البنوك خلال السنوات التي تلت الأزمة المالية العالمية والضغوط التي تعرضت لها البنوك للحد من الإقراض الشخصي، إلا أنها تعود تدريجياً إلى الواجهة مستفيدة من الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده الدولة، وما صاحبه من ارتفاع مستويات السيولة لدى هذه البنوك، الأمر الذي حفزها لتوجيه حصة كبيرة منها للعملاء الأفراد، موضحاً أن الأمر المزعج حقاً هو كيفية وصول مندوبي التسويق إلى أرقام الأفراد والقيام بالاتصال بهم. الشباب في صدارة أولويات البنوك لإغراقهم في مستنقع الديون دبي (الاتحاد) - حذرت راية خميس المحرزي الرائدة في العمل التطوعي والديني والاجتماعي، من عودة ظاهرة تسويق القروض الشخصية في الأماكن العامة ومحال العمل، التي توقع العديد من الشباب في دوامة الديون مرة أخرى. وأكدت أن سيناريو ما قبل الأزمة المالية العالمية بتوسع البنوك في تقديم عروض مغرية للأفراد يجب ألا يتكرر، مشددة على ضرورة توعية الشباب المواطن من الوقوع في هذا المنزلق مجدداً. وأوضحت أن الشباب يأتي في صدارة أولويات البنوك لإغراقهم في مستنقع الديون، لأن هذه الشريحة من العملاء تنقسم إلى ثلاث فئات مستهدفة من البنوك، الفئة الأولى هي فئة الشباب المقبل على الزواج وبحاجة لقرض يسدد به التزامات الزواج التي تزيد في المتوسط عن 150 ألف درهم، وما يتبع ذلك من احتياجات أخرى لقرض السكن والسيارة، وهي الاحتياجات التي ترى فيها البنوك منفذاً لإغراق الشباب بالقروض وتقديم عروض ربما تفوق ضعف قيمة القرض الذي يحتاجه. وأضافت أن الفئة الثانية المستهدفة من الشباب، هي الشباب الراغبون في السفر والسياحة وركوب السيارات الفارهة بهدف المباهاة والتفاخر بين الشباب أقرانهم، مشيرة إلى أنه يجب توعية هؤلاء الشباب بضرورة مراجعة قراراتهم الخاصة بالحصول على قروض للترف والترفيه تفوق دخلهم. وأما الفئة الثالثة فتتمثل في الشباب المتطلع لخوض غمار عالم الأعمال والتجارة والمضاربة في البورصة، دون أن يكون لديه الخبرة الكافية في هذا المجال أو دراسات الجدوى، أو يقع تحت إغراءات الدخول في مشاريع وشراكات مع أفراد ليس لديهم الكفاءة الإدارية والفنية والتشغيلية التي تضمن نجاح المشروع الذي يتورط الشباب بسببه في الحصول على قروض مرتفعة يتعرض بعدها لخسائر باهظة تقوده للسجن عند فشل المشروع. إشادة بجهود الدولة في الحد من إغراق المواطنين بالديون دبي (الاتحاد) - حذر أستاذ الاقتصاد السابق بجامعة الإمارات محمد الرميثي، من عودة ظاهرة إغراق الأفراد في القروض الشخصية من خلال الترويج لعروض القروض وبطاقات الائتمان المغرية في أماكن مختلفة وفي محال العمل ومداخل البنايات، مشدداً على ضرورة تفادي تكرار الظاهرة التي أغرقت آلاف الأشخاص بالوقوع في بحر الديون، وهي الظاهرة التي نجحت الدولة في معالجتها عبر المنظومة الجديدة للقروض الشخصية والضوابط الحاكمة للإقراض. وأشار الرميثي إلى أن هذه الضوابط وضعت البنوك أمام تحد جديد بعد تراجع دخلها من فوائد القروض والائتمان للأفراد، ما يدفعها، أمام الفوائض الضخمة من السيولة المتراكمة لديها، إلى البحث عن وسائل جديدة للمراوغة والتحايل على هذه الأنظمة من خلال أساليب مختلفة للتسويق والترويج لزيادة معدلات القروض الشخصية. وأوضح أنه يجب العمل على وقف هذه الظاهرة مجدداً من خلال تكثيف الرقابة بشكل أكبر من قبل المصرف المركزي لمراقبة التزام البنوك بالضوابط المحددة للقروض الشخصية وعدم التحايل عليها، ووضع غرامات على البنوك المخالفة، من خلال تقوية جهاز الرقابة المصرفية والتدقيق على آلية منح القروض للأفراد تحت مسميات مختلفة. وأشاد الرميثي بالجهود التي بذلتها الحكومة خلال الفترة الماضية للحد من إغراق المواطنين بالديون، والتي زادت وتيرتها بشكل كبير قبل الأزمة المالية العالمية عندما وقع المئات من الشباب فريسة في مصيدة البنوك، وما ترتب على ذلك من مشاكل اجتماعية وأسرية واقتصادية. ولفت إلى أن مسؤولية التورط في القروض لا تقع فقط على عاتق البنوك التي تروج لبضاعتها، مثل أي شركة تجارية أخرى تسعى إلى الربح، بل تمتد في المقام الأول إلى الشخص المقترض الذي يتخذ قرار الاقتراض، فيما حصر مسؤولية البنوك في مسألة عدم الشفافية عند الإعلان عن هذه العروض والخدمات المصرفية لمتعاملين ليس لديهم الوعي الكافي بالقطاع المالي. ودعا البنوك إلى ضرورة أن توضح للعميل كافة تفاصيل القرض والمخاطر التي يتحملها، وكيفية سداد المعاملات على بطاقات الائتمان والشروط والأحكام التي يتوجب عليه الإلمام بها قبل توقيعه على هذه المعاملات. واتفق مع المقترحات السابقة التي تطالب بضرورة توعية العملاء قبل منح موافقة الحصول على قروض شخصية بالإضافة إلى ربط الموافقة بتحويل الراتب للبنك أياً كان حجم القرض. وأكد الرميثي أن عامل التوعية يعد من الوسائل الضرورية لإبعاد شبح الوقوع فريسة للديون، مشيراً إلى أن الوعي بمخاطر القروض مازال ضعيفاً لدى الكثير من الأفراد، لهذا يجب إلزام البنوك بتقديم هذه التوعية للعميل ضمن الشروط المطلوبة للموافقة على القرض، موضحاً أنه لا يجب أن تقتصر التوعية على تعريف المقترض بالتزاماته للبنك والفائدة والأقساط، بل يجب أن تمتد لتقديم النصح بشفافية، وربما تقديم النصح للاستفادة من البدائل الأخرى دون الحصول على القرض.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©