الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

فنانون يستعيدون ملامح الأمكنة الهاربة

فنانون يستعيدون ملامح الأمكنة الهاربة
28 فبراير 2014 23:43
عصام أبو القاسم (الشارقة)- في المعارض الثلاثة المقامة حالياً بمؤسسة الشارقة للفنون، وهي للفنانين الإماراتي عبدالله السعدي والسعودي أحمد ماطر والداغستاني الراحل إدوارد بوتربروت، قدر واسع من الخيارات الفنية متعددة الأشكال والألوان والأساليب ولكنها تبدو، على اختلافها وتنوعها، مشتركة في محاولتها استعادة الملامح الهاربة للمكان ويمكن للمرء أن يقرأ في الأعمال مجتمعة عودة إلى الماضي، بيد أن هذه العودة لا تبدو مثل انكفاء أو استغناء عن الحاضر وهي لا تضمر أو تصرّح بنقد تجاه الراهن، كما أنها تسكت عن مجابهة ما كان، لتحلق في سيولة دلالية يصعب الإمساك بها. وقد شغلت المعارض الثلاثة التي تستمر حتى الثاني والعشرين من مايو المقبل، مساحة واسعة من المباني الفنية وتوزعت على صالاتها المتعددة المصممة في أشكال هندسية حديثة لكن متناغمة مع الطابع المعماري المحلي العريق للمنطقة التراثية، وفي أولى الصالات تطالعنا أعمال الفنان السعودي أحمد ماطر والموسوم بـ «العثور على 100 قطعة»، ثم معرض الفنان الداغستاني الراحل إدوارد بوتربروت وجاء تحت عنوان «بين مشرقي ومغربي»، ثم المعرض الثالث والمعنون بـ «الطوبي» للفنان الإماراتي عبدالله السعدي. إذن، المعارض الثلاثة عكست تعدداً كبيراً في الأشكال والخيارات والشواغل الفنية لدى مبدعيها الثلاثة، ولكن ثمة مسحة تاريخية لا يمكن إغفالها وهي تتجلى ليس فقط في مضامين الأعمال، ولكن حتى في موادها وما توسطت به من أقمشة وأحجار وأطر وغير ذلك. « بين مشرقي ومغربي» في معرض بوتربروت نجدنا أمام جملة من الحلول الفنية التي تعتمد اللون والرسم والتشكيل على خامات متباينة، وفي مجملها تغطي مرحلة امتدت لعقدين من زمان الفنان الذي رحل عام 1993. يمكن اعتبار هذا المعرض أرشيفاً يضم أعمال الفنان الداغستاني في معظمها والتي تنوعت في توجهاتها وأساليبها تبعاً لتواريخ إنجازها. «الطوبي» وفي أعمال الإماراتي عبدالله السعدي يحضر النقش على الحجر كما تظهر اقتراحاته الجمالية لرسم خرائط جغرافية، يختزل عبرها معالم وعلامات لطرق ومناطق في أنحاء مدينة خورفكان، وتلفت خرائط السعدي الرائي بالإيحاءات التي تحفزها ألوانها وخطوطها وتعرجاتها، كما أنها تحمل المرء على تذّكر المسار الطويل الذي قطعته جهود الجغرافيين في السبيل إلى الانتهاء إلى صيغة مثلى في تخريط وتحديد معالم الأرض وما عليها. لا يمكن القول إن السعدي يقدم بديلاً للخارطة الرسمية لمنطقته التي تربى فيها، ولكنه ربما أراد أن يضيء على مناطق معينة منها غفلتها الخارطة المدرسية؟ شاء السعدي أيضاً أن تكون ضمن أعمال معرضه الذي يمكن وصفه بـ «الشامل»، سلسلة من النصوص المخطوطة على دفتر قديم وهي تحكي سيرة علاقته بوالدته، لكن هذه الدفاتر السميكة معروضة من صفحاتها الأولى التي يمكن أن نلحظ فيها المهارة الخطية العالية للسعدي، كما أن بمقدورنا أن نقرأ مقدمة بقلم الفنان توحي بأن صفحات الكتاب المغلقة تضم خواطر عديدة للسعدي، تصور علاقته بوالدته التي تسكن على مبعدة من مرسمه وتتواصل معه بطريقتها الخاصة. وقد عرض السعدي استناداً إلى تقسيمة زمنية ودلالية، فثمة «رحلة قمرقند» وهي منجزة في الفترة من 2010 إلى 2011 والمجموعة الثانية جاءت تحت عنوان «رحلة المقاربة والمقارنة» 2013، والثالثة تحت عنوان «رسائل أمي» 1998ـ 2013 والرابعة «النعال الحجرية» 2013 وأخيراً «سلسلة البطيخ» 2013م. «العثور على 100 قطعة» أما الفنان السعودي أحمد ماطر، فيتقصى عبر معرضه الموسوم «العثور على 100 قطعة» السيرة المكانية والثقافية لمدينة «مكة المكرمة»، فلقد جمع الفنان السعودي أشتاتا من الصور والمخاطبات الرسمية والشهادات والدعوات والخرائط والمخططات المعمارية، إلى جانب العديد من إشارات الطرق والعلامات التجارية مستعرضاً شريط التطور «الحضري؟» للمدينة التي ظلت منذ وقت ليس بالقصير قنطرة للتواصل بين حضارات العالم، فضمت جنسيات عديدة من آسيا وأفريقيا والمنطقة العربية وسواها، وبالقدر نفسه استقبلت وواكبت كل الاقتراحات التحديثية المتعلقة بأشكال البناء والتعمير. يشار إلى أن المعارض الثلاثة هي من تقييم الشيخة حور التي كتبت في تقديمها لمعرض «الطوبي»، أن أعماله تبين «كيف أن الحاجة إلى الرفقة يمكن أن تؤدي إلى نشوء علاقات مع الجماد».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©