السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان: الحكومة والانتخابات

30 مايو 2009 00:03
سيكون عصياً على أي مراقب سياسي مستقل أن يحكم بأن أية انتخابات لرئاسة الجمهورية في السودان أو لتكوين برلمان مركزي أو مجالس تشريعية للولايات، في ظل نظام الحكم الحالي في السودان، يمكن أن تكون حرة ونزيهة. وقد يكفي هنا أن نشير إلى شهادة صدرت من أحد نجوم الأكاديميين الذين ينتمون لحزب «المؤتمر الوطني» الحاكم، وهو البروفيسور حسن مكي الذي قال قبل حين إن التزوير أصبح صفة ملازمة لزعماء حزبه أو ما هو في ذلك المعنى. ولو تركنا شهادة الدكتور حسن جانباً وراجعنا الواقع السياسي السوداني منذ أن حل السلام وبدأ تطبيق اتفاقية «نيفاشا»، سنجد أن كل تصرفات قادة حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنهم لن يتنازلوا عن أي قدر مما تحت يدهم من سلطة أو عزوة مهما كان الثمن، وعليه فإن حديثهم عن التحول الديمقراطي أو ما إليه لا يعدو كونه قولاً للاستهلاك فقط ولا يعني أكثر من ذلك. لقد تركز جهد الأحزاب السياسية المعارضة خلال السنوات الثلاث الماضية على إقناع قادة «المؤتمر الوطني» بالتراجع عن خطهم ذاك لتحقيق الهدف من الاتفاقية، وهو الانتقال بالسودان من حكم الحزب الواحد أو ما يشبه ذلك، إلى حكم ديمقراطي يتم فيه تبادل السلطة وفق نظام انتخابي حر وبمنأى عن الزيف. لكن كل تلك الجهود باءت بالفشل، وآخر الأدلة على ذلك إصرار «المؤتمر الوطني» على الإبقاء على عدد من القوانين دون إلغاء أو تعديل. ومن ذلك قانون الأمن العام وقانون الصحافة، وغيرهما من القوانين المتصلة بحرية التعبير وكفالة الحريات... وكلها قوانين يعني بقاؤها أنه لن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة. وواضح الآن أن قيادات الأحزاب السياسية المعارضة اقتنعت بأنه لا جدوى من مواصلة محاولة إقناع قادة «المؤتمر الوطني» لتغيير موقفهم أو التراجع عنه، ولهذا فقد قررت تلك الأحزاب خطاً سياسياً جديداً أعلنته في مطلع هذا الأسبوع، وملخصه أن هذه الأحزاب ترى أن الحكومة الحالية التي يقودها ويتحكم في كل مفاصلها حزب «المؤتمر الوطني» ستفقد شرعيتها مع حلول شهر يوليو المقبل، ولهذا فإن الأحزاب المعارضة مجتمعة تدعو لتكوين حكومة قومية من كل الأطياف السياسية لتتولى الإشراف على الانتخابات، وأن ذلك هو الطريق الوحيد لضمان نزاهة الانتخابات وإجرائها في جو حر ومحايد. وترتكز هذه الأحزاب في قولها هذا على ما جاء في اتفاقية «نيفاشا» وفي الدستور بتجديد أمد الحكومة الحالية لسنوات ثلاث تنتهي في يوليو 2009. ومن المهم هنا أن نذكر أن «حركة تحرير السودان» التي تمثل جنوب السودان، والتي تعد الشريك الأكبر في الحكم مع «المؤتمر الوطني»، أعلنت أنها تقف مع الأحزاب المعارضة التي ترى إنهاء عهد الحكومة الحالية والاتفاق على حكومة قومية تتشارك فيها كل الأحزاب السياسية للإشراف على الانتخابات التي أعلن أن موعد إجرائها سيكون في ربيع العام المقبل. إن معوقات إجراء الانتخابات متعددة ومتنوعة؛ فبالإضافة للوضع الأمني في دارفور، هناك ما أثارته الحركة الشعبية مؤخراً عن رفضها لنتائج التعداد السكاني والتي تقول إن عدد الجنوبيين يساوي نحو الخمس من مجمل سكان السودان، بينما تدعي الحركة الشعبية أن عدد الجنوبيين يصل إلى نحو ثلث سكان السودان، وهو بالتقريب الرقم الذي تم على ضوئه توزيع نسب الثروة والسلطة بين الشماليين والجنوبيين وفق اتفاقية السلام. ويضاف إلى كل هذه المعوقات عدم الثقة في الحكومة القائمة للإشراف على تلك الانتخابات، والدعوة لقيام حكم ديمقراطي. ولهذا كله، فإن إجراء انتخابات في موعدها وبالصورة التي تقنع بأنها محايدة وعادلة، يبدو الآن وكأنه حلم قد يتحقق وقد لا يتحقق. محـجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©