السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المصالح الأميركية - الإيرانية في الصراع الشيعي بالعراق

المصالح الأميركية - الإيرانية في الصراع الشيعي بالعراق
22 ابريل 2008 01:13
لا يوجد ما يعكس تعقيدات الوضع العراقي بوضوح، أكثر من التقارب الإيراني الأميركي في الصراع الذي تخوضه الحكومة العراقية لإخضاع الميليشيات الشيعية التابعة لمقتدى الصدر في مدينة البصرة الجنوبية، وتبنيهما لأهداف مشتركة، والحقيقة أنه يمكن تلخيص أسباب هذا التقارب بين طهران وواشنطن بشأن ما يجري حالياً على الساحة العراقية في المصلحة الذاتية، رغم منطق تغليب المصلحة على سواها والاستناد إلى التفكير العقلاني والسليم يصعــب وجود مكان له في العراق، لكن ومع ذلـــك فإن التصور الأساسي الذي تبني عليه الولايات المتحدة حساباتها الأساسية يتمثل في ضرورة دعم الحكومة العراقية التي ساعدت على قيامها، واتخاذ ما يلزم من تدابير لحماية جنودها ومسؤوليها المدنيين، أما المصلحة الإيرانية فقائمة على تخوفها من احتمال بسط التيار الصدري لسيطرته السياسية والعسكرية في الانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات، وبالتالي إعاقة قيام منطقة شبه مستقلة في الجنوب يرى الإيرانيون أنها مفيدة بالنسبة لهم· اللافت في هذا التوافق الإيراني الأميركي حول مصلحتهما المشتركة في العراق، أنه يأتي في سياق العداء المتبادل بينهما، فالولايات المتحدة تقول إن إيران تقف وراء الآلاف من الهجمات التي تنفذ ضد الجنود الأميركيين في العراق، كما تعارض بشدة برنامجها النووي، ولم تستثنِ الخيار العسكري إذا لم يغير الإيرانيون سياستهم، ومن جانبهم هناك من الإيرانيين، على الأقل النخبة الحاكمة، من يأخذ فعلا على محمل الجد أن الولايات المتحدة هي شيطان العالم الأكبر، ومع ذلك يتعاون الاثنان بشكل جيد في موضوع التصدي لمقتدى الصدر الذي يعتبر الأكثر نفوذاً بين رجال الدين الشيعة في العراق، فبينما سيطرت القوات الحكومية على آخر المناطق في البصرة وانتزعتها من جيش المهدي يوم السبت الماضي، قام السفير الإيراني لدى العراق ''حسن كاظم قمي'' بخطوة غير مألوفة عندما عبر عن تأييده الواضح لموقف الحكومة العراقية، واصفاً مقاتلي الصدر بالخارجين عن القانون· والواضح أنه عندما يتعلق الأمر بأي قائد شيعي تريد إيران والولايات المتحدة رؤيته في السلطة، على الأقل في هذه اللحظة، فإنهما يتفقان معا على أن صعود مقتدى الصدر يشكل تهديداً مشتركاً بالنسبة لهما، لا سيما في البصرة عاصمة جنوب العراق الغنية بالنفط وذات الكثافة السكانية العالية، وبالرغم من تعدد مكونات الشعب العراقي بين الشيعة والسنة والتركمان والأكراد، إلا أن الغالبية هم من الشيعة، وفي الأخير سيتعين ضمن الحسابات الجيوسياسية للولايات المتحدة وإيران تحديد طبيعة الحكومة الشيعية التي يريدونها في السلطة، وفي هذا السياق يبرز المجلس الإسلامي الأعلى في العراق -أحد أشد منافسي التيار الصدري- باعتباره الحزب الذي تدعمه كل من الولايات المتحدة وإيران، وحسب الدستور العراقي تستطيع المحافظات المختلفة تشكيل أقاليم تتمتع باستقلال كبير عن بغداد، وهو ما يطمح له المجلس الإسلامي الأعلى في العراق من خلال سعيه إلى تشكيل إقليم شبه مستقل في الجنوب على غرار إقليم كردستان في الشمال، ولأن العديد من قادة المجلس عاشوا في المنفى الإيراني لفترة طويلة خلال حكم ''صدام حسين'' فمن الطبيعي أن تربطهم علاقــات سياسيــة وثيقة مع راعيتهم السابقة· وبالنظر إلى الموروث الشيعي المشترك بين جنوب العراق وإيران، فإن إقليماً شبه مستقل في الجنوب لا شك أنه سيعزز النفوذ الإيراني في المنطقة الغنية بالنفط، ويمكن تفسير الدعم الأميركي للمجلس الإسلامي الأعلى إلى امتناع الجناح العسكري للحزب ''منظمة بدر'' عن مهاجمة الجنود الأميركيين خلافاً لجيش المهدي الذي كان سبباً وراء مقتل العديد من أفراد القوات الأميركية، والأهم من ذلك أن الأميركيين تعاملوا مع المجلس الإسلامي الأعلى كحليف منذ بدء الحرب ضد نظام صدام حسين· وبعد غزو العراق سُمح لأفراد المجلس بالعودة إلى العراق ليصبحوا جزءاً من الهيئة التي ساهمت في صياغة الدستور العراقي الجديد، ومنذ ذلك الوقت وأميركا تدعم الحكومة العراقية التي تعتمد بدورها على دعم كتلة المجلس الإسلامي الأعلى في البرلمان للاستمرار في السلطة· غير أن هذا الموقف الأميركي الداعم للمجلس الإسلامي الأعلى قد تترتب عنه نتائج غير مقصودة، كالزج بالولايات المتحدة في صراع سياسي شيعي قد ينتهي بإنشاء منطقة واسعة في جنوب العراق خاضعة بالكامل للنفوذ الإيراني، وبالنسبة للعراقيين فإن الأمر يتعلق بالتركيبة السياسية للمحافظات التي ستبرز ملامحها في الانتخابات المقبلة، والجائزة بالطبع هي السيطرة على مجالس المحافظات التي تتمتع بصلاحيات واسعة تشمل التصرف في الموازنة وخلق الوظائف، وبخلاف التيار الصدري الذي امتنع أنصاره عن التصويت في الانتخابات السابقة في العام 2005 -ما أدى إلى عدم تمثيلهم في مجالس المحافظات- شجع المجلس الإسلامي الأعلى أتباعه على التصويت بكثافة، فكانت النتيجة أن سيطروا حتى على المناطق التي تتوفر على نسبة قليلة من الناخبين، لكن إذا شارك التيار الصدري في الانتخابات المقرر عقدها في شهر أكتوبر المقبل فلا شك أنهم سيحصلون على تمثيل أفضل في مجلس المحافظات، كما أنه من المرجح أن يفقد المجلس الإسلامي الأعلى بعض نفوذه· ويبدو أن المعارك التي شهدتها مؤخراً مدينة البصرة كان الغرض منها إضعاف التيار الصدري والحؤول دون تدخل ميليشياته للضغط على الناخبين، أو ترهيب المنافسين السياسيين، بيد أن الحسابات السياسية التي دفعت الولايات المتحدة وإيران إلى التوافــق في البصرة تعطي نتيجة مغايرة في بغداد، ولعل المثل الأوضح على ذلك هو ما يجري في مدينة الصدر ذات الكثافة الشيعية العالية، ففي الوقت الذي تدعم فيه الولايات المتحدة القوات الحكومية لتطهير المدينة من عناصر جيش المهدي بسبب الهجمات التي تشن من داخله على المنطقة الخضراء في بغداد، نجد إيران هذه المرة تعارض بشدة الهجوم على جيش المهدي في مدينة الصدر وتنأى بنفسها عن الأميركيين· جيمس جلانز وإليسا لوبين - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©