الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مكان «اللاشيء»

25 مايو 2009 02:34
أشعر بـ«شبح العضو المبتور»، هذا الإحساس الذي يشعر به من فقد عضوا من أعضاء جسمه، هناك فراغ، شيء فقدته، شيء ذهب ورحل، لكني مازلت أشعر به. أتحسس مكان «اللاشيء» بحنان، يغمرني عبق الرائحة، أغوص في التفاصيل الدقيقة، وأفتح عيني فلا أجد إلا الخواء. هناك أحاسيس تسكننا وتتمكن منا، نعتادها وتعتادنا، لا يستوعب عقلنا أنها رحلت، لأنها تنبع منا، لا منهم، فتبقى طاقة شعورنا بوجودهم أقوى من غيابهم الحقيقي، وتظل عيوننا تراهم، وأرواحنا تستشعرهم، وهم غائبون. فقدان شخص تحبه، أشبه بفقد عضو من جسدك، لا تستطيع إلا أن تشعر بوجوده مع أنه مبتور. هل جربتم يوما أن تسمعوا أصوات خطواتهم الراحلة، هل خدعتكم أنفسكم بأصواتهم تملأ الآذان، هل رأيتموهم وأنتم تدركون أنهم ليسوا في المكان؟ إن كنتم فعلتم، فأنتم مثلي تشعرون «بشبح العضو المبتور». حين كُتب الغياب ذات ألم، أقنعت نفسي بأن العذاب سيختفي بعد زمن، وعندما بدأت الدقائق تدير نفسها في وقتي، والأيام تتسارع وهي تركض واجمة من ذاك الفراق، رأيت فوهة العذاب تتسع، وحمم الحنين تحرق قلبي، فأدركت أن غيابهم سيحضر دائما داخلي ولن يغيب. مع كل ذاك، يحضر الأمل دائما في النفس، تتوهج الدنيا لنا وتفتح ذراعيها للحياة، تتفتح عوالم فرح جديدة، ونخطو بجوار أصحاب القلوب الغضة، هم يحيطوننا بكل الدفء، ويحتملون أخطاءنا الصغيرة، وتحتوي أحاسيسهم أوجاعنا الكثيرة، فنشعر بأجنحة تنبت من الفراغ، نحلق بها مرة أخرى في أفراحنا، وإن كنا مبتوري الاعضاء. فتحية البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©